رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

آخر شيوخ الصنعة.. فنان المراكب.. الريس عامر: بدأت بـ«الفالوكة» وبعد ٤٥ سنة وصلت للمراكب السياحية

الريس عامر مع محررة
الريس عامر مع محررة الدستور

فى بحرى بالإسكندرية، يسير العمل على قدم وساق فى صناعة المراكب، فلكل مهمته التى يعكف على تنفيذها بمنتهى الإتقان، حيث يختلط صوت البحر وأمواجه مع أصوات الآلات والمعدات، التى تعمل على تحويل الألواح الخشبية والمجسمات الصماء إلى مراكب حقيقية متفاوتة الحجم والغرض، استعدادًا لبدء رحلاتها.

وفى عروس البحر المتوسط، التقت «الدستور»، «الريس عامر»، ٦٣ عامًا، أحد أقدم صانعى المراكب بالإسكندرية، الذى تحدث عن تفاصيل وأسرار مهنته فى صناعة المراكب والسفن، موضحًا أنه قضى أكثر من ٤٥ عامًا بين البحر ومراكبه.

وأشار إلى أنه فى فترة الطفولة لم يكن مجرد رفيق لوالده الصياد، بل استطاع بيديه الماهرتين أن يصبح أحد صناع المراكب، لتتحول على يديه من ألواح ومسامير إلى سفن تجوب البحر وأمواجه.

وعن حرفته، قال الريس عامر: «كنت منذ صغرى أعمل نجارًا، لكنى تركت المهنة وعملت مع والدى قليلًا، إلى أن أصبحت واحدًا من شيوخ وكبار صناع المراكب».

وأكد أن حرفته لا مكان فيها إلا للبارعين، لأنها تتطلب الإتقان ولا تتهاون فى أدق التفاصيل، لأن المراكب تحمل الناس، وأى خطأ أو تهاون فى الصنعة يمكن أن يتسبب فى تسرب المياه إلى داخل المركب أو السفينة، ويتسبب فى خسارة الأرواح. 

وأشار إلى أن أول ما صنعه كان الفالوكة «أم كلثوم»، وبعدها «مركب الحرية»، ثم تطورت خبراته لتصبح يداه ميزانًا ومسطرة للمسافات والحسابات الدقيقة، التى ظهرت فى صناعاته الكثيرة وسفنه ومراكبه التى تجوب البحار.

وأوضح «الريس عامر» أنه يقضى حوالى ١٢ شهرًا فى صناعة المركب الواحد، لذا فإنه يشعر بفقدانه بمجرد تركه وتسليمه للبحر.

وأضاف: «صناعة المراكب كانت من أشهر المهن فى الإسكندرية زمان، وواحدة من فخر الصناعات المصرية، وكنا بنصدرها للخارج، واستمرارنا فى العمل فيها بيحافظ على مهنة تراثية استمرت فترة طويلة جدًا، وانتقلت صناعتها من الأجداد للآباء». 

ولفت إلى أنه يتوج حاليًا حياته المهنية بالعمل فى أكبر مركب سياحى، بطول ٣٥ مترًا وارتفاع ١٠ أدوار، حيث استمر العمل فى بنائه لمدة عام كامل، وما زال ينتظره عام آخر حتى يخوض البحر، منوهًا بأن الصناعة تطورت كثيرًا حاليًا وأصبح جسم المراكب من الحديد، وعوامل الأمان أكثر، والإتقان أعلى حتى لا يحتاج لصيانة مستمرة.

وأكد أن ارتفاع أسعار المواد الخام زاد بشكل كبير من تكلفة الصناعة، وقلل العوائد المادية للعمالة، ما قلل من القدرة على توريثها لأجيال جديدة، رغم أنها أصبحت تحتاج لجهد أكبر، وإتقان زائد، خاصة أن المراكب الحالية تختلف فى متطلباتها عن المراكب الخشبية القديمة.

واختتم حديثه بالقول: «نشعر بالتميز لإتقاننا مهنة لا يستطيع كثيرون العمل بها، وصنع أيدينا هايفضل محل فخر قدام العالم كله».