رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمال الغيطانى يكشف كواليس كتابة أشهر رواياته "الزينى بركات"

جمال الغيطاني
جمال الغيطاني

كشف الكاتب الكبير جمال الغيطاني، عن كواليس كتابة أشهر رواياته "الزيني بركات"، والتي تعد استعارة لعهد عبدالناصر وتتحدث عن دسائس المخابرات وتدور أحداثها في القرن السادس عشر.

وقال الغيطاني في حوار نادر له، نشر في إحدى المجلات عام 1992: "عندما بدأت التفكير في هذه الرواية لفتت نظري في كتاب «بدائع الزهور في وقائع الدهور» لابن إياس، شخصية حقيقية موجودة في الكتاب وهو الزيني بركات بن موسى محتسب القاهرة، الذي كان من كبار موظفي الدولة، ويذكر ابن إياس في آخر صفحات كتابه قبل وفاته، أن الزيني بركات ما زال نجمه في طلوع وسعده في سُطُوع، ولك أن تتخيل غرابة هذا الأمر إذا علمت أن الدولة كانت قد تغيرت تمامًا من الدولة المملوكية التي كانت سلطنة مستقلة إلى دولة ما بعد الهزيمة، حين أصبحت مصر ولاية تابعة للإمبراطورية العثمانية، وكانت الشخصية مهمة جدًا في الدولة المملوكية وأصبح في الوضع الجديد شخصية مهمة أيضًا وفي نفس المنصب، إذن لقد وجدت نفسي أمام شخصية انتهازية من طراز فريد، وكنت ألاحظ آنذاك شخصية الانتهازي التي نمت في الستينيات، وهو انتهازي يختلف عن محجوب عبدالدائم الانتهازي التقليدي لنجيب محفوظ (في القاهرة الجديدة) في الستينيات ظهر نوع من الانتهازي الجديد، وكنت أراقب بالتحديد شخصية معينة في واقع الحياة الأدبية، كان يسعى إلى السلطة من خلال التقرب إليها وحتى الارتباط الشخصي بامرأة تمت بصلة إلى أحد الكبار".

وتابع الغيطاني: "وكان يريد تسلّق المناصب دائمًا، ويستخدم ثقافته لتبرير انتهازيته، فتزاوجت عندي الشخصيتان شخصية الزيني بركات وشخصية هذا المثقف الذي وجدته يلخص كل سمات الانتهازي الجديد في تلك المرحلة، وبدأت الرواية على أساس أنني سأكتب عن هذا النمط، ولكنني- حقيقة- بعد أن بدأت كتابة الرواية فُوجئتُ بأنّ هنالك موضوعًا آخر يطرح نفسه من خلال العمل (الروائي)، وهو موضوع القهر الذي تمارسه السلطة على الفرد وهذا الموضوع عانيناه في الستينيات، وكان من سلبيات التجربة الاشتراكية في مصر في ذلك الوقت وأصبح هذا الموضوع سيد الموقف في الرواية، إلى درجة أنّني عايشتُ الزيني بركات في مخيلتي فترة طويلة قبل الكتابة، وعندما بدأت كتابة الرواية وجدت أنني لا أستطيع أن أواجهه، ولذلك تجد أن الزيني بركات في الرواية لا يظهر في مشهد مباشر إلا مرة واحدة فقط، وهي مرة سريعة عندما يلتقي بزكريا بن راضي في المنزل.. ولكن كل ما نراه من الزيني بركات نراه من خلال الآخرين.. نرى ردود أفعاله، ولكن لا نعرف ما يفعل بالتحديد في تلك اللحظة، فتلك شخصية مركبة ومعقدة جدًا، أساسها في المواقع، لا يمت بصلة إلى ما انتهت إليه الرواية، إذن هناك دائمًا بذرة في الواقع".