رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى استشهاده.. أبرز المعلومات عن مار مرقس أول بطريرك للكنيسة الأرثوذكسية

الشهيد مارمرقس
الشهيد مارمرقس

"مار مرقس يا عمود للحق على الحدود.. أسد خارج ليسود.. ماركوس بي أبسطولوس".. بهذه الكلمات وغيرها، يحتفل الأقباط الأرثوذكس اليوم 7 مايو بعيد استشهاد الشهيد مار مرقس أول بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وتزامنًا مع احتفال الكنيسة ترصد “الدستور” في سطور أبرز المعلومات عن الشهيد مار مرقس، أول بطريرك في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وُلد القديس مرقس في القيروان، إحدى المدن الخمس الغربية بليبيا، في بلدة تُدعى ابرياتولس، من أبوين يهوديين من سبط لاوي، اسم والده أرسطوبولس، ووالدته مريم، امرأة تقية لها اعتبارها بين المسيحيين الأولين في أورشليم.

تعلم اليونانية واللاتينية والعبرية وأتقنها، وعندما هجمت بعض قبائل البرابرة على أملاكهم تركوا القيروان إلى فلسطين وطنهم الأصلي وسكنوا بأورشليم، نشأ في أسرة متدينة كانت من أقدم الأسر إيمانًا بالمسيحية وخدمة لها.

- علاقته بالسيد المسيح والرسل

أحب مع والدته مريم، السيد المسيح وتمتع بالعشرة معه، فقد كانت من النساء اللواتي خدمن السيد من أموالهن، كما كان لكثير من أفراد الأسرة صلة بالسيد المسيح. كان مرقس يمت بصلة القرابة للرسل بطرس إذ كان والده ابن عم زوجة القديس بطرس الرسول أو ابن عمتها، ويمت بصلة قرابة لبرنابا الرسول بكونه ابن أخته أو ابن عمه، وأيضًا بتوما.

فتحت أم مرقس بيتها ليأكل السيد المسيح الفصح مع تلاميذه في العلية، فصار من البيوت الشهيرة في تاريخ المسيحية المبكر، وهناك غسل السيد المسيح أقدام التلاميذ، وسلمهم سرّ الإفخارستيا، فصارت أول كنيسة مسيحية في العالم دشنها السيد المسيح بنفسه بحلوله فيها وممارسته سرّ الإفخارستيا. وفي نفس العُلية كان يجتمع التلاميذ بعد القيامة وفيها حلّ الروح القدس على التلاميذ وفيها كانوا يجتمعون. وعلى هذا فقد كان بيت مرقس هو أول كنيسة مسيحية في العالم اجتمع فيها المسيحيون في زمان الرسل.

- اختياره ضمن الرسل السبعين

أما هو فرأى السيد المسيح وجالسه وعاش معه، بل أنه كان من ضمن السبعين رسولًا، لذا لقبته الكنيسة: "ناظر الإله"، وكان القديس مرقس أحد السبعين رسولًا الذين اختارهم السيد للخدمة، وقد شهد بذلك العلامة أوريجينوس والقديس أبيفانيوس.


بدأ مرقس الرسول خدمته مع بطرس الرسول في أورشليم، ويسجل سفر أعمال الرسل بـ"الكتاب المقدس" أنه انطلق مع الرسولين بولس وبرنابا في الرحلة التبشيرية الأولى وكرز معهما في إنطاكية وقبرص ثم في آسيا الصغرى، لكنه على ما يظن أُصيب بمرض في برجة بمفيلية فاضطر أن يعود إلى أورشليم ولم يكمل معهما الرحلة، عاد بعدها وتعاون مع بولس في تأسيس بعض كنائس أوروبا وفي مقدمتها كنيسة روما.

اختفت شخصية القديس مرقس في سفر الأعمال، إذ سافر إلى مصر وأسس كنيسة الإسكندرية بعد أن ذهب أولًا إلى موطن ميلاده "المدن الخمس" بليبيا، ومن هناك انطلق إلى الواحات ثم الصعيد ودخل الإسكندرية عام 61 من بابها الشرقي.

- دخوله إلى الإسكندرية

دخل مار مرقس مدينة الإسكندرية على الأرجح من الجهة الغربية قادمًا من الخمس مدن. ويروي التاريخ  الكنسي قصة قبول أنيانوس الإيمان المسيحي كأول مصري بالإسكندرية يقبل المسيحية، فقد تهرأ حذاء مار مرقس من كثرة السير، وإذ ذهب به إلى الإسكافي أنيانوس ليصلحه له دخل المخراز في يده فصرخ: "يا الله الواحد"، فشفاه مار مرقس باسم السيد المسيح وبدأ يحدثه عن الإله الواحد، فآمن هو وأهل بيته، وإذ انتشر الإيمان سريعًا بالإسكندرية رسم أنيانوس أسقفًا ومعه ثلاثة كهنة وسبعة شمامسة.

هاج الشعب الوثني فاضطر القديس مرقس أن يترك الإسكندرية ليذهب إلى الخمس مدن الغربية (برقة بليبيا) ومنها إلى روما، حيث كانت له جهود تذكر في أعمال الكرازة عاون بها الرسول بولس، لكنه ما لبث أن عاد إلى مصر ليتابع العمل العظيم الذي بدأه.

عاد إلى الإسكندرية عقب 4 أعوام ليجد الإيمان المسيحي قد ازدهر فقرر أن يزور المدن الخمس، وعاد ثانية إلى الإسكندرية ليستشهد هناك في منطقة بوكاليا.

- تفاصيل استشهاده

وحدث بينما كان الرسول يحتفل برفع القرابين المقدسة يوم عيد الفصح - واتفق ذلك اليوم مع عيد الإله الوثني سيرابيس، أن هجم الوثنيون على الكنيسة التي كان المؤمنون قد أنشأوها عند البحر، في المكان المعروف باسم بوكاليا أي دار البقر، ألقوا القبض على مار مرقس وبدأوا يسحلونه في طرقات المدينة وهم يصيحون: "جرُّوا التنين في دار البقر". 

وما زالوا على هذا النحو حتى تناثر لحمه وسالت دماؤه، وفي المساء وضعوه في سجن مظلم، وفي منتصف تلك الليلة ظهر له السيد المسيح وقواه ووعده بإكليل الجهاد، وفي اليوم التالي أعاد الوثنيون الكرَّة حتى فاضت روحه وأسلمها بيد الله.

وإمعانًا في التنكيل بجسد القديس أضرم الوثنيون نارًا عظيمة ووضعوه عليها بقصد حرقه، لكن أمطارًا غزيرة هطلت فأطفأت النار، ثم أخذ المؤمنون الجسد بإكرام وكفَّنوه، وقد سرق بعض التجار البنادقة هذا الجسد سنة 827. وبنوا عليه كنيسة في مدينتهم، أما الرأس فلا تزال بالإسكندرية وبُنِيت عليها الكنيسة المرقسية.

أما عن أنجيله، فالقديس مرقس هو كاتب الإنجيل الذي يحمل اسمه (أنجيل مرقس)، وهو واضع القداس المعروف حاليًا باسم القداس الكيرلسي، نسبة للقديس كيرلس عمود الدين البطريرك السكندري الرابع والعشرين لأنه كان أول من دوَّنه كتابة وأضاف إليه بعض الصلوات.

وعن إنشاء المدرسة اللاهوتية، فللقديس مرقس الرسول الفضل في إنشاء المدرسة اللاهوتية بالإسكندرية، تلك المدرسة التي ذاع صيتها في العالم المسيحي كله شرقًا وغربًا، وأسدت للمسيحية خدمات جليلة بفضل علمائها وفلاسفتها الذين خرَّجتهم.