رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بركة ليوم الدين.. مصر فى إفطار المطرية: «بالمحبة الشدة تعدى»

جانب من الحدث
جانب من الحدث

لا يُفوت المصريون فرصة للتفاخر بحضارتهم الممتدة لأكثر من ٧ آلاف عام إلا اغتنموها، لكن التفاخر الذى يبدو روتينيًا مملًا يشير إلى ما هو أبعد من مجرد قياس تاريخى لمدة بقاء شعب على أرض، ويحمل فى طياته ختم المحبة ودليل الخلود. 

إفطار جماعي بعزبة حمادة بالمطرية تصوير شروق السيد (10)

فطول المدة التى قضاها المصريون على أرضهم ليس مؤشرًا على حسن الحظ الذى يضمن لصاحبه النجاة من النكبات، لكنه دليل على أن المصريين، وعلى مدى آلاف السنين، تلقنوا الحب والتعاضد من أسلافهم، وتناقلوه عبر الأجيال كطوق نجاة وحيد فى مواجهة الأزمات والمصاعب.

إفطار جماعي بعزبة حمادة بالمطرية تصوير شروق السيد (12)

القصة تتكرر فى «عزبة حمادة» بحى المطرية بالعاصمة القاهرة، حيث قرر ٢٠ شابًا ورجلًا قبل ٩ سنوات إقامة «مائدة رحمن» لأهالى المنطقة، عبر جمع الطعام من بيوت المشاركين من أهالى المنطقة، ووضعها على مائدة واحدة يتشارك فيها الضيف مع المضيف، ومن مائدة يجلس عليها ٢٠ قبل ٩ سنوات، نبتت «شجرة المحبة» وطرحت فتمددت أطراف المائدة لتغطى ٤ شوارع، وتستضيف نحو ٦ آلاف شخص.

إفطار جماعي بعزبة حمادة بالمطرية تصوير شروق السيد (15)

العدد الهائل المتزايد كل عام أجبر المؤسسين على تكوين فريق للتنظيم، وتصميم زى موحد لهم، لخدمة ضيوف المائدة. ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية التى تلقى بظلالها على غالبية دول العالم، يؤكد منظمو المائدة أنه لم تواجههم أى صعوبات مادية تتعلق بتوفير الطعام لإفطار هذا العدد الهائل من البشر، بل العكس يوجد لديهم فائض.

إفطار جماعي بعزبة حمادة بالمطرية تصوير شروق السيد (18)

وإن عجز العقل البشرى المحتكم للعلم عن تفسير هذه الظاهرة، فإن تراثنا المصرى يفسرها بـ«البركة» التى يطرحها الإله فى الطعام المصنوع بالمحبة، هذا الطعام الذى تعلم أجدادنا المصريون القدماء خلطته السرية وطريقة صنعه، ونقلوه إلى أبنائهم وأحفادهم فى الأجيال المتعاقبة.

إفطار جماعي بعزبة حمادة بالمطرية تصوير شروق السيد (37)

الشهرة الواسعة التى حظيت بها مائدة إفطار المطرية، والصور ومقاطع الفيديو التى يتداولها مستخدمو منصات التواصل الاجتماعى لها ولشوارع العزبة التى يسرى فيها عناقيد النور كأنها شرايين حياة تضمن لأهل المكان الدفء وإشارة على الحياة، جذبت إليها شخصيات عربية ومصرية بارزة، مثل السفير الكورى، الذى حرص على المشاركة والتقاط الصور بنفسه.

وفى كل الأحوال والظروف، هذه مصر التى ستظل وأهلها فى بركة إلى يوم الدين.

339100170_545464237721186_294245920842229624_n