رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بشارة واكيم

بشارة واكيم.. فنان مصري، ولد في أسرة ميسورة الحال، درس بمدارس الفرير الفرنسية بالقاهرة، التحق  بكلية الحقوق، رُشح لإحدى المنح الدراسية لفرنسا، لكن الأمر لم يفلح بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية.
ضحى بوظيفته المرموقة من أجل الفن، ومن أجل الولع بالوقوف على خشبة المسرح. رغم معارضة أهله القاطعة للعمل بالفن، تخلى عن عمله في النيابة والمحاكم، وبحث عن دور تمثيلي صغير. طرده أخوه الأكبر من منزله؛ لأنه حلق شاربه رمز الرجولة، بسبب أحد الأدوار الذي استلزم ذلك!
أحب القراءة ونظم الشعر، يهوى صيد السمك، اعتاد ممارسة هذه الهواية مع صديقه عماد حمدي.
 

البداية:
ولد بشارة واكيم في عام 1891 بحي الفجالة بالقاهرة. ساعدت نشأته في هذا الحي، في تشكيل وجدانه الفني، استطاع التعبير عن مختلف فئات الشعب.. بواقعية مذهلة. 
أتقن اللهجة الشامية، وكأنه أحد أبنائها، وربما لأن جذوره تعود إليها كما يشاع. أكد أنه تعلمها بطلاقة من جيرانه في الفجالة بالقاهرة،  كما أكد أنه مصري و ليس لبنانيًا أو سوريًا كما يعتقد البعض. أتقن العربية من خلال القرآن الكريم رغم كونه قبطيًا، يؤكد أن من أراد أن يتقن العربية عليه حفظ القرآن وهو ما أثقل هوايته  في كتابة الشعر الموزون، نصحه الفنان أنور وجدي بنشر أشعاره في ديوان، ولكنه رفض معتبرًا هذه القصائد أمرًا خاصًا به.  له إسهامات كثيرة في تعريب المسرحيات والقصص الفرنسية إلي العربية، حيث اشتهر بولعه باللغة وإتقانه العربية وقواعدها النحوية.
اسمه الحقيقي بشارة يواكيم، جرت العادة أن ينادى بـ بشارة واكيم، عمله بالفن كان سببًا في فشله عاطفيًا على مدار حياته، ففي بداياته وقف الفن عائقًا بينه وبين أول حب في حياته، وفشل مرة أخرى عندما عرض على الفنانة ماري منيب الزواج لكنها رفضت، فلم يفكر في الحب مجددًا. تميز بوجاهته وأرستقراطيته.. التي كانت عائقًا أوليًا بينه وبين طريق الفن، حيث عبر لجورج أبيض عن رغبته في العمل بفرقته لكنه رفض ونصحه بالاستمرار في مجاله والالتفات لمستقبله من خلال العمل في القانون.
لم يكترث لنصيحة ابيض وقاده حب الفن  للتوجه لفرقة عبد الرحمن رشدي وهناك بدا الحلم يتحقق تنقل من فرقة لأخرى، حتى أتقن الفن تمامًا وتشبعت خلاياه به وصقلت موهبته وازدادت خبرته فانتقل لفرقة فوزي منيب وأمين عطا الله وبديعة مصابني وفاطمة رشدي ومنيرة المهدية، حتى أصبح وجهًا مألوفًا، وذاع صيته  كممثل أولًا وليس كمحام كما اعتاد أن ينادوه . انتصر الفنان  بداخله، ذاع صيته كأحد الممثلين المشهود لهم بالكفاءة  على خشبة المسرح.  حيث أنه من أوائل الممثلين الذين عملوا في السينما الصامتة من خلال فيلم ( برسوم يبحث عن  وظيفة)
قدم أول بطوله في فيلم "لو كنت غني" من إخراج هنري بركات عام 1942
اشتهر بأداء الأدوار التراجيدية بفرقة جورج أبيض،  ثم انتقل لمسرح يوسف وهبي ومنيرة المهدية وتألق في الأدوار الكوميدية لتكون خطه الفني بعد ذلك، بل كانت السبب في قيامه بتكوين فرقته المسرحية الخاصة بعد اكتسابه الشهرة، وتألق مسرحيًا ونال الشهرة الكبيرة بعد مسرحيات "حسن ومرقص وكوهين، وقسمتي، والدنيا علي كف عفريت"، ومن المسرح انطلق إلي السينما والانتشار الأوسع، وكون مع نجيب الريحاني ثنائيا فنيا متألقا وقدما العديد من الأفلام الخالدة مثل "لعبة الست، وليلي بنت الفقراء، وقلبي دليلي، وغرام وانتقام".

مع التوسع  بعمله  في السينما والمسرح ترك بيت والده وقضي بقية حياته في بيت شقيقته الذي توفي زوجها، وساعدها في تربية أبنائها، والذي اعتبرهم أبناءه، حتى أنه أوصي بكل ثروته إليهم بعد وفاته.

ولارتباط بشارة بالمسرح والقراءة كانت أول انتكاسه مرضيه له علي المسرح وهو يقف بجانب نجيب الريحاني خلال "مسرحية الدنيا لما تضحك"، أصيب بالشلل المؤقت، ولم يلتزم بملازمة الفراش كما نصحه الطبيب، وظل يذهب للمسرح يوميًا، حتى تماثل للشفاء، ولكن بعد ذلك بفترة قصيرة ودع الحياة، وفِي يديه أوراق مسرحية جديدة لم يكتب له أن يؤديها علي المسرح.
بالرغم من أنه ممثل ثان في أغلب أعماله الفنية، إلا أن وجوده كسنيد سينمائيًا أثرى أي عمل شارك به. 
محطات خالدة:
قدم خلال مشواره السينمائي أكثر من 100 فيلم. 
استطاع المخرج توجو مزراحي توظيف إمكانياته جيدًا داخل مختلف الأعمال السينمائية.
أسند إليه فيلم الباشمقاول أمام فوزي الجزايرلي 1940
وليلى بنت الريف عام 1941 أمام يوسف وهبي وليلى مراد.
ثم شارك فوزي الجزايرلي وفؤاد شفيق البطولة في فيلم الفرسان الثلاثة.
ومثل في فيلم ليلى مع ليلى مراد وحسين صدقي عام 1942.
كما برز دوره في فيلم تحيا الستات عام 1943 وكدب في كدب عام 1944
لعب دور البطولة في فيلم لو كنت غني عام 1942 
وطاقية الإخفاء والبني آدم عام 1945 للمخرج نيازي مصطفى، رغم أن بداياته كانت من خلال خشبة المسرح إلا انه ظل مخلدًا عبر شاشات السينما. 
أشهر الأفلام التي علقت بذاكرة السينما:
قلبي دليلي وليلى بنت الأكابر والقناع الأحمر والماضي المجهول وقضية اليوم.. وكان آخر أعماله فيلم "حلم ليلة" من تأليف وإخراج صلاح بدرخان.
تعرض لوعكة صحية، أثناء قيامه بتمثيل دور في مسرحية "الدنيا لما تضحك" مع نجيب الريحاني، ارتفع ضغط دمه وانحبست أنفاسه، وتأزمت حالته الصحية، طلب منه نجيب الريحاني أن يستريح قليلًا، فلم يتقبل بشارة، واستمر في العمل حتى انهار يومًا مما استدعى حجزه داخل المستشفى، ولكنه أقنع الطبيب إذا تركوه يذهب إلى المسرح يوميًا للفرجة فسوف تتقدم صحته، وبالفعل سمحوا له بالذهاب إلى المسرح يوميًا لمدة ساعة واحدة، وتحسنت حالته بالفعل.الجدير بالذكر أنه استمر في العمل بالمسرح حتى بعد إصابته بالشلل إلى أن اعتزل العمل الفني في عام 1949.
 

على لسان الآخرين:
أعادت الفنانة شادية بسببه أحد مشاهدها في فيلم "العقل في إجازة" أكثر من 20 مرة، وحكت عن ذلك في حوار لمجلة "الكواكب" عام 1954، وقالت إنها كان من المفترض أن تبكي في مشهد يجمعها ببشارة واكيم، ولكن في كل مرة كانت لا تتمالك نفسها من الضحك بسببه، في حين أن المشهد كان تراجيديًا، ولكن الفكاهة كانت تغلب على أدائه، فلا تستطع مقاومة الضحك، وتضيف: "بعد إعادة المشهد أكثر من 20 مرة، ترك بشارة واكيم نفسه على طبيعتها دون أن يتكلف تمثيل الغرام وبهذا تم تصوير المشهد".
يقول سمير خفاجي في مذكراته عن نهاية بشارة واكيم: "ذهبت إلى مسرح أوبرا لمشاهدة بشارة واكيم، وما أن ظهر حتى قوبل بعاصفة من التصفيق، فبشارة له رصيد جماهيري كبير جدًا.. وبدأ التمثيل فكان صوته واهنًا جدًا، لا يكاد يسمعه الجمهور، وفمه معوجًا قليلًا من أثر الشلل، وما هي إلا دقائق على ظهور الفنان الكبير حتى تعالت أصوات الجماهير: (صوت.. صوت.. مش سامعين حاجة).. ظهر التأثر علي الفنان الكبير وتجمدت الدموع في عينيه، وهو يحاول أن يرفع صوته، وقال بعد ذلك: لقد أضحكت الجماهير ربع قرن ومع ذلك لم تستطع أن تتحملني ربع ساعة في ضعفي.. لم يحتمل الفنان العظيم هذه الهزيمة وهذه النهاية المؤلمة، ولم تنقض إلا أيام قليلة إلا ومات الفنان الكبير قهرًا وكمدًا لما وصل إليه، وكتبت الصحف والمجلات خبر موته بصورة عابرة ولم تحدث الضجة الكبيرة بموته، كالضجة التي صاحبت موت الريحاني، سألت السيدة ماري منيب عن أن الأستاذ  بشارة واكيم  لم يأخذ حقه فقالت: لو أن بشارة مات قبل الريحاني لاختلف الوضع، الكبير مات!".
- توفي بشارة واكيم بعد أشهر من إصابته بالشلل عن عمر يناهز 59 عامًا  في 30 نوفمبر عام 1949، وهو يقرأ مسرحية جديدة كان من المقرر أن يشارك في بطولتها.