رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تؤثر التوترات الداخلية فى إسرائيل على وضعها الأمنى؟ (تقدير موقف)

مظاهرات في إسرائيل
مظاهرات في إسرائيل

ما يحدث في إسرائيل منذ تأليف حكومة نتنياهو، والأزمة التي بدأت قبل أسابيع بسبب الإصلاحات القضائيات وتداعياتها على الوضع الداخلي في إسرائيل، تم تفسيره من قبل بعض الساسة والباحثين والمحللين في تل أبيب بأنها تؤثر على الوضع الأمني والردع لـ"إسرائيل"، وربما قد تشكل فرصة لـ "أعدائها" لمهاجمتها أو الضغط عليها.

هل حقاً هذه الفرضية واقعية؟ وإلى أي مدى تؤثر الاضطرابات الداخلية على الأمن الإسرائيلي؟

صورة قاتمة

الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، ورؤساء حكومة سابقون، رؤساء هيئة أركان وجميع الجنرالات والمؤرخين - يتحدثون اليوم عن "حرب أهلية" قريبة، وأن إسرائيل أصبحت قريبة من انفجار داخلي. 

التقارير الداخلية من إسرائيل، وصور الاحتجاجات في وسائل الإعلام العبرية وتصريحات المعارضة الإسرائيلية، خلقت صورة لدى الرأي العام العالمي بأن الأمور تنحدر إلى تدهور غير مسبوق، مما دفع أعداء إسرائيل وعلى رأسهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر بإلقاء خطابات قال فيها: "الكيان الصهيوني يتعامل مع مواجهات داخلية وتهديدات خارجية، كما طالب دول المنطقة بمساعدة المجهود الفلسطيني لتفكيك إسرائيل، وزعم أن إسرائيل حالياً مثل "بيت العنكبوت".

هل تعد فرصة للتصعيد؟

العمليات الفلسطينية ضد إسرائيل خلفيتها دائماً هي أسباب فلسطينية، أي على سبيل المثال، أحداث تتعلق بالمسجد الأقصى، أو المس بالوضع الراهن في الحرم الابراهيمي، أو رد على اقتحامات الجيش الإسرائيلي لمناطق في الضفة، تنفيذ اعتقالات، أو اغتيالات، هدم منازل وغيرها من الحوادث التي تؤجج مشاعر الفلسطينيين؛ التوترات والاضطرابات الداخلية في إسرائيل لا تشكل دافعاً بحد ذاته للعمليات الفلسطينية للضغط على إسرائيل، أو تقويضها، أو تفكيكها مثلما زعم "نصر الله".

في بعض الأحيان، يكون لدى بعض الأطراف مثل الجهاد الإسلامي أو حركة حماس رؤية ما حول التصعيد مع إسرائيل بالتزامن مع أزماتها الداخلية، كنوع من الضغط، ولكن في المرحلة الحالية، فالحديث يدور عن عمليات ينفذها شباب فلسطيني لا ينتمي إلى تنظيمات بعينها، كما أن "عرين الأسود" والتنظيمات الصغيرة في نابلس وجنين لا تتلقى الأوامر من القطاع. 

فالاضطرابات الدائرة في الضفة الغربية وشرق القدس هي رداً على الاقتحامات الإسرائيلية وحملة "كاسر الأمواج" التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتي بدأت في عهد حكومة بينيت ولابيد.

من ناحية أخرى، فإن ما تسميهم إسرائيل أعداءها، حزب الله في الجبهة الشمالية، وحركتي الجهاد الإسلامي وحماس في الجنوب، لا توجد لهم رغبة حقيقية في التصعيد العسكري أو جر إسرائيل إلى مواجهة واسعة؛ فعلى الرغم من تصريحات "نصر الله" إلا أن حزب الله مشغولاً بأزمات لبنان الداخلية، ويريد الاستفادة من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل التي ستدر عائد اقتصادي على بلاده، وحركة حماس لا نية لها في مواجهة واسعة تعلم أن إسرائيل ستعيد ضرب بنياتها التحتية وتعيدها أعوام للوراء فهي لاتزال في مرحلة بناء قدراتها التي تضررت بعض مواجهة "حارس الأسوار" في مايو 2021، فضلاً عن أن الحركة لا تريد توتر مع الوسيط المصري الذي يرعى التهدئة بين الحركة وإسرائيل، وتلعب حماس دوراً في تقييد الجهاد الإسلامي ومنعه من إطلاق صواريخ على إسرائيل قد تعقد الوضع.

أما الجبهة الأهم، وهي إيران وأذرعها في المنطقة، فإسرائيل – رغم الأزمات الداخلية- فهي لاتزال تنفذ ضربات بانتظام في سوريا "ثلاثة غارات في أقل من إسبوعين" لوقف إرسال الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله، ويتجول نتنياهو بين عواصم الغرب في البداية روما وقبل أيام برلين وقريبا لندن، لحشد العالم الغربي ضد إيران دبلوماسياً.

فبناء على ورد أعلاه، فإن التوتر الداخلي في إسرائيل لا يشكل فرصة للتصعيد من قبل أعدائها، خاصة وأن المستويين العسكري والأمني يدخلون في حالة استنفار أمني في حال نشوب توترات داخلية، ولكن ما لا يمكن إنكاره، أن الجبهات المتعددة تمثل ضغطاً على القيادة في تل أبيب.

كيف تؤثر الاضطرابات؟

التداعيات الحقيقية للاضطرابات داخل إسرائيل، يمكن أن تؤثر في الضغوط التي تمارس على الحكومة الإسرائيلية من أكثر من جبهة أثناء تأدية أعمالها، وهو من شأنه أن يشكل ضغطاً بشكل رئيسي على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء الكابينت الأمني، ولكن لا تمثل تهديداً أمنياً حقيقياً بيد أن المستوى العسكري والأمني في إسرائيل يعرف جيداً ما الذي يجب فعله في التهديدات الأمنية السابق ذكرها، بتوصيات المستوى السياسي الذي يرأسه نتنياهو صاحب الخبرة الكبيرة في التعامل مع الملفات السابقة.

ما يتم تداوله في وسائل الإعلام العبرية حول التهديدات الأمنية التي تحيط بإسرائيل بسبب الاضطرابات، هي تصريحات من معارضي نتنياهو للاستهلاك الإعلامي ومحاولة لإقحام الملفات الأمنية الخارجية في الشأن الداخلي، فالملفات هي ذات الملفات التي تواجهها إسرائيل منذ سنوات، مع الآخذ في الاعتبار درجة تماسُك المجتمع الإسرائيلي عندما يقف أمام تهديدات أمنية خارجية.