رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مزارع عضوية».. كيف يؤثر إنتاج الطعام على أزمة التغيرات المناخية؟

مزارع
مزارع

تعتبر عملية إنتاج الطعام هي أكبر خط إنتاج في العالم؛ كونها تبدأ بزراعة المحاصيل وحصادها، ثم تنتقل إلى معالجة الأغذية، ثم نقلها وتسويقها، وفي النهاية استهلاك النفايات والتخلص منها، لكن العملية التي تحافظ على 7.8 مليار شخص تنبعث أيضًا من 21 إلى 37% من جميع غازات الدفيئة سنويًا، التي تؤثر بشكل رئيسي في أزمة التغيرات المناخية.

ففي تقرير صُدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2020، تبين أن النظام الغذائي  ملوث مثل القطاعات التي تولد الكهرباء والحرارة (25% من غازات الدفيئة المنبعثة) والصناعات (21%)، كما أنه أكثر تلويثًا من النقل (14%) والمباني واستخدام الطاقة (16%).

يمثل إنتاج اللحوم والألبان 83% من جميع استخدامات الأراضي الزراعية، ويشغل 30% من سطح الأرض على كوكب الأرض، كما أنه مسؤول عن 18% من الغازات الدفيئة، بما في ذلك الميثان وأكسيد النيتروز، فضلًا عن عملية تربية الحيوانات، حيث يستغرق إنتاج كيلوجرام واحد من لحم البقر حوالي خمسة إلى سبعة كيلوجرامات من الحبوب، وكُل ذلك يهدر من الطاقة والمياه من أجل الإنتاج والمعالجة والنقل.


نظام نباتي
 

ومن جانبه، أوضح المهندس أشرف مختار، الخبير الزراعي، أنه مع زيادة الاستهلاك العالمي للحوم، يزداد تأثيره على أزمة تغير المناخ، لذا يجب خفض الانبعاثات المتعلقة بالغذاء، فالانتقال إلى نظام غذائي نباتي في الغالب سيقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون السنوية.

ونوّه "مختار" في حديثه لـ "الدستور"، إلى أن غالبًا ما تُصنع مبيدات الآفات والأسمدة الاصطناعية من الوقود الأحفوري، وبالتالي تصنيعها ونقلها يستهلك الطاقة وينتج غازات الاحتباس الحراري، فالزراعة الكيميائية تستخدم طاقة لكل وحدة إنتاج أكثر من الزراعة العضوية، وتنتج الأسمدة النيتروجينية الاصطناعية في التربة أكسيد النيتروز، وهو غاز أقوى بنحو 300 مرة من ثاني أكسيد الكربون في حبس الحرارة في الغلاف الجوي.

ويضيف: "النظم الغذائية هي الأنشطة التي تأخذ الطعام من المزارع إلى المستهلكين، ويتضمن ذلك كيفية إنتاج ومعالجة ونقل وتسويق واستهلاك الغذاء، كما تنتج أنظمتنا الغذائية الحالية أكثر من ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، والتي تعتبر سببًا رئيسيًا في أزمة تغير المناخ".
 


أطعمة ضارة للبيئة

لم يختلف معه في الرأي خبير التغيرات المناخية، يحيى عبد الجليل، والذي يقول إن أكثر من نصف انبعاثات الغازات الدفيئة في أنظمة الغذاء من الطلب على اللحوم ومنتجات الألبان بين المستهلكين المرتفعين لهذه الأطعمة، وذلك أيضًا نتيجة للزراعة الصناعية الحديثة التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري.

وتابع: "تؤثر الغازات الدفيئة على نمو النبات والحيوان وتتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحر، ودفء المحيطات والظواهر المناخية المتطرفة، فقد تسبب مؤخرًا سوء النظم الغذائية الناجم عن انخفاض استهلاك الأطعمة الصحية مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات في وفاة العديد من الأفراد حول العالم، كما سيقلل تغير المناخ من غلة هذه الأطعمة، ويعرض صحة المزيد من الناس للخطر".

أما عن أزمة هدر الطعام، يوضح "عبد الجليل" أنه يُهدر ما يقرب من نصف المواد الغذائية المنتجة في جميع أنحاء العالم بعد الإنتاج، ويتم التخلص منها في المعالجة والنقل ومحلات السوبر ماركت والمطابخ، عندما يرمي الناس الطعام، فإن جميع الموارد اللازمة لزراعته وشحنه وتغليفه وإنتاجه تُهدر أيضًا، بما في ذلك كميات هائلة من المياه.

واختتم: "الأطعمة العضوية عادة ما تكون مغذية أكثر وتحتوي على المزيد من الفيتامينات والمعادن، كما تعزز المزارع العضوية التنوع الوراثي، وتقلل من تلوث المياه وتلف التربة، وتؤدي إلى عدد أقل من حالات التسمم لعمال المزارع وتقليل الضرر الذي يلحق بالحياة البرية".

 

عواقب صحية

كان أبرز تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي سيقلل من الجودة الغذائية لأغذيتنا، ويشمل ذلك البروتينات والحديد والزنك وبعض الفيتامينات الموجودة في الحبوب والفواكه والخضروات، بدون هذه العناصر الغذائية الحرجة، سيكون المزيد من الناس عرضة لخطر نقص المغذيات الدقيقة؛ مما يؤدي إلى عواقب صحية بدنية وعقلية خطيرة.

كما وجدت مراجعة منهجية للأدلة أن تقليل تناول الخضار لدينا يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالأمراض غير السارية، مثل أمراض القلب التاجية والسكتة الدماغية وأنواع مختلفة من السرطانات، بالإضافة إلى أن عدم تناول ما يكفي من الخضار والبقوليات يمكن أن يؤدي أيضًا إلى نقص المغذيات.