رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر والسعودية.. وحديث الشعوب

لعل من أهم وأروع ما جاء في حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي على هامش مؤتمر القمة العالمية للحكومات بدولة الإمارات الشقيقة، أنه يوجه حديثه للشعوب العربية، وعن العلاقات مع السعودية والإمارات والكويت، قال الرئيس: "لا تسمحوا للأقلام والأفكار ومواقع التواصل أن تؤثر على الإخوة بيننا"، وأضاف: "أول نقطة مضيئة لبناء الدولة المصرية هي دعم الأشقاء".
ووفق ما أكده الرئيس في العديد من المناسبات، قال إن شعبنا لم ولن ينسى دور القيادات والحكومات العربية عبر التاريخ المعاصر الداعم لمصر وتلك الوقفات العروبية التاريخية للانخراط في ممارسة مشاوير نضالية مؤيدة لكفاح الشعب المصري ومؤيدة لخياراته.

"فالثروة الحقيقية هي ثروة الرجال، ولا فائدة في المال إذا لم يسخر لخدمة".. إنها العبارة الشهيرة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتي لن ينساها الشعب المصري، بل والشعب العربي، وفي حديث الشعوب ومذكراته التاريخية لن ينسى الشعب المصري أنه وعقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام 1967م توجه الملك فيصل بن عبدالعزيز بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود.
واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973؛ حيث ساهمت المملكة في الكثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب، وأصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز قراره التاريخي أثناء حرب أكتوبر بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل دعمًا لمصر في هذه الحرب، كما تفقد الأمير سلطان بن عبدالعزيز خط المعركة في أحد الخنادق على الجبهة المصرية، وطاف الملك فيصل بن عبدالعزيز بموكبه في عدد من المدن المصرية في استقبال شعبي بهيج، وقد رفعت رايات ترحيبية كان من ضمنها لافتة "مرحبًا ببطل معركة العبور السادات وبطل معركة البترول فيصل".

ومعلوم أن بين البلدين علاقات ممتدة منذ سنين طويلة، ففي عام 1926، وقعت السعودية ومصر "معاهدة الصداقة"، وأيدت الرياض المطالب الوطنية للقاهرة في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية، ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وتوجت هذه الجهود في 27 أكتوبر 1955، بتوقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين، كما قدمت المملكة بكل ثقلها دعمًا إلى مصر أثناء العدوان الثلاثي عام 1956، كما قدمت لها في 27 أغسطس 1956 نحو 100 مليون دولار، بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي.

وكان حديث الشعوب حول الموقف السعودي الداعم لمصر في أعقاب ثورة الشعب المصري ضد حكم تنظيم الإخوان الإرهابي، في يونيو 2013، حيث قدمت المملكة دعمًا سياسيًا ودبلوماسيًا واقتصاديًا لمواجهة المواقف المناوئة للثورة وحظرها أنشطة الجماعات الإرهابية، ومساندة الاقتصاد المصري، وفتحت العلاقات الوطيدة المجال أمام لقاءات رسمية بين قيادتي البلدين لتنسيق المواقف فيما يتعلق بالتحديات الجديدة التي تواجه المنطقة، وكان العاهل السعودي الملك عبدالله قد قرر منح مصر مساعدات قدرها خمسة مليارات دولار في نفس اليوم الذي أعلنت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة عن مساعدات مماثلة قيمتها ثلاثة مليارات دولار.
في 9 فبراير 2023، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي  خلال افتتاح المرحلة الثانية من مدينة الصناعات الغذائية "سايلو فودز" إن علاقة بلاده رشيدة ومتزنة مع الجميع، وخاصة الأشقاء في السعودية  وأن مصر تقدر موقف المملكة الداعم لها، وأكد السيسي أن سياسة مصر تتسم بالانضباط الشديد، ونصح بعدم التجاوز والانسياق وراء أمور لا أساس لها من الصحة ، أو الانجرار وراء مواقع وصفحات مغرضة تهدف للإساءة والوقيعة بين البلدين.
ونفى السيسي، وجود خلافات مع المملكة، داعيًا وسائل الإعلام ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي إلى عدم الانسياق وراء محاولات إثارة الفتن، وأضاف الرئيس أنه يتابع مواقع التواصل وعلق قائلًا: "ساعات بلاقي حماس زيادة أو حتى مش عايز أقول تجاوزات يعني في الكلام أنا بتكلم على موضوعات خاصة بعلاقتنا مع أشقائنا في المملكة"، ثم أضاف: "عيب ميصحش إننا نسيء لأشقائنا .. ومننساش وقفة أشقائنا معانا .. مش معنى إنه فيه أزمة إني أنا أطول لساني وإني أقول كلام مش مظبوط .. ده كلام لا يليق أبدًا".
ودعا السيسي إلى الحفاظ على العلاقات مع السعودية: "ولا تنسوا الفضل بينكم .. وإحنا حريصين على العلاقات الجيدة مع أشقائنا وده توجه دولة.. وأرجو إننا كلنا كمواطنين لا ننساق ورا مواقع التواصل لعدم حدوث فتنة، وعلاقتنا طيبة بالجميع حتى في أصعب الظروف".