رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليلة جزائرية في برنامج «طقوس الإبداع» على النيل الثقافية

أغلفة الروايات
أغلفة الروايات

تتنوع فقرات الحلقة الجديدة من برنامج طقوس الإبداع الذي يقدمه الإعلامي خالد منصور على قناة النيل الثقافية بدءًا من الساعة السابعة مساء الأربعاء. 

ويستضيف البرنامج الكاتب الجزائري أحمد طيباوي حول روايته "اختفاء السيد لا أحد" والكاتب الجزائري محمد جعفر حول روايته "أبكر قليلًا من الموت".

الطيباوي

رواية «اختفاء السيد لا أحد»- أحمد الطيباوي

تدور أحداث الرواية حول أهمية الوجود للإنسان وكيف يمكنه إثبات ذلك؟ وماذا لو اختار أن يختفي فجأة، أن يكون لا مرئيا بطريقة إرادية. عبر سرد ممتع نكتشف بطلا مهزوما سحقته الحياة ودفعته للاعتناء بشيخ أخذ منه المرض ذاكرته، قرر"السيد لا أحد" الاختفاء دون أن يترك أي أثر وراءه إلا جثة الشيخ العجوز في الشقة. رواية سوداوية، أحداثها شديدة الوطأة وتتعرض الشخصية الرئيسية فيها للكثير من الأزمات الوجودية والحياتية: الفقر والفقد والبحث عن معنى وسط مجتمع لا يهتم بالمهمشين ولا يراهم، ولا يعطيهم أسماء. وبالرغم من ظلمة الرواية إلا أن لغتها الساخرة المحكمة الموجزة والشاعرية في الوقت نفسه، والبناء الفني المحبوك الذي استمد من الحبكة البوليسية تشويقه، يشد القارئ ليقرأها حتى النهاية، ليجد أن الشخصيات تكاد تكون كلها «السيد لا أحد»، فالجميع يحمل من اللاوجود ملمحًا ويحمل من التهميش صفته في عالم لا يرى البشر بشكل حقيقي ولا يميزهم.

من أجواء الرواية:

"صار علي أن أرحل من هنا، سأقتل نفسي أن يتمكنوا مني ، ليس بعد الجنون حرام، جهزت حقيبتي منذ دقائق ، لا وجهة لي لكني سأنتظر حتى يكون السواد کاملا وأرحل ، أفكر بأن آخذ عمي مبارك وأستعجله لأهزم قدري بالذهب ، ليس علي سوى أن أترك باب هذه الشقة مواربة ليعرف الجيران في الغد بأن العجوز قد أصبح مجرد جثة نتنة، ثم أعود من حيث أتيت.. قد أرجع إلى سرج الغول، لأني اشتقت لأخي عمار ، وأزور غابة الموت حيث استعادتني الحياة وأجل موعد الخلاص ، وأفكر أن أعود زبانه كما كنت لو أتيح لي ذلك ، عشت أسعد أيامي في القمامة ، معترفا بأني مجرد قذارة تعيش في مكانها المناسب ، إني أعجز عن إتخاذ أي قرار . خدمت هذا الجثمان خدمة جليلة ، وللأسف لن يستطيع رد الجميل بإسداء أي تصيحة مهما كانت تافهة ... اشتقت لخالتي ماتت هي الأخرى وتركتني ، كان وجودها يسد أبواب الجحيم كلها ، أنا مقصر في زيارة قبور من أحبوني بلا حدود وكان عليهم أن يموتوا بالتسبب ذلك في خاطري أن أعود من حيث أتيت حقا ، بقية العقل التي هربت بها لأواجه جنون العالم من حولي نفدت ولم تعد غنيمة تستحق العناء في ساحة ذلك المستشفى ، سأعلن عن توبتي ، وسيعرفون كيف يجعلونني بليدا ومحنطة لأكون سعيدة دائمة ، وجب علي الإعتذار عن أن الحياة تستحق الهروب إليها ، كانت مغامرة مغرية ، ومع ذلك كان يجب علي ألا أكون بتلك الدرجة من الجنون لأخوضها مجددا قفزت من فوق السور العالي ، كادت أن تكسر رجلي ، وخضت ما خضت في سبيل الخلاص من أولئك الشياطين الذين يرتدون مآزر بيضاء ناصعة ، ولأستعيد اسمي ، وقد فشلت في ذلك تماما ، أما الآن فأحن إليهم وأحب أن أعانقهم واحدة واحدة ، وتتملكني رغبة في أن أستعين بهم مجددا ليساعدوني على الإختفاء ... ألا أحد الإطلاق حتى أنا ... من أنا ؟

وأحمد طيباوي روائى وكاتب جزائرى، مولود فى الجزائر عام 1980، وحصل على درجة البكالوريوس فى إدارة الأعمال من جامعة الجزائر، وحصل على ماجستير، ثم دكتوراه فى إدارة الأعمال من جامعة البليدة. بدأ طيباوى حياته المهنية فى مجال التدريس، ويشغل حاليًا منصب أستاذ محاضر بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير فى جامعة البويرة بالجزائر.

صدر له روايات:"المقام العالي" 2011 التي حازت جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب (علي معاشي) في يونيو 2011 ، "موت ناعم" 2014 التي حازت جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي بالخرطوم، "مذكرات من وطن آخر" 2015، "البياض المتهم بالبراءة" ، "اختفاء السيد لا أحد" 2019 والتي حازت جائزة نجيب محفوظ للأدب لعام 2021 التي تمنحها الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

محمد جعفر

رواية "أبكر قليلًا من الموت"- الكاتب محمد جعفر

كتب الروائي برهان شاوي عن رواية أبكر قليلا من الموت: "هل عشنا كل هذا العمر لأجل هذه اللحظة المفرغة من المعنى ؟ و ما جدوى كل الذي كان إذن ، وما جدوى اي شيء ؟ هكذا نغدو فارغين و محبطين، وبلا أثقال غير هموم صدقناها، وتمسكنا بها بيأس شديد لا نريد أن نفلتها.

هكذا يتأمل بطل هذه الرواية ، بعين الفنان المتوهجة بالألوان الزاهية بالحياة رحلة عمره من خلال رسائل يتبادلها مع أصدقاء له، فنستمتع بسرد التفاصيل والأحداث ونتوقف عند عالم اختفى خلف ظلال التاريخ بكل توتراته ومنعطفاته اجتماعيا، سياسيا، تاريخيا، ووجوديا.

رواية عميقة، شجاعة ، تتأمل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من حياة الفنان محمد راسم إلى ما قبل ساعات من مقتله المريب.

قليلة تلك الروايات المعرفية ذات الوهج الفلسفي التي يمكنها أن تقبض على القارئ على الرغم من وقوفها عند الحافات المطلة على هاوية الموت، لكنها على الرغم من التفاتات الوداع فهي تحتفي بالحياة و الرغبات ، وتقاسم الناس مصائرهم الغامضة.

الروائي محمد جعفر في هذه الرواية لا يعتمد على حبكة سردية و حكاية مثيرة تستجدي انتباه المتلقي بقدر ما يدعنا نشارك البطل تأملاته و هواجسه و أوهامه، أرواحه و أشباحه ، و حوارات عزلته الداخلية ،لنعيد طرح اسئلة الرواية على أنفسنا و هو بذلك يؤكد حضوره اللافت و المفارق في المشهد الروائي الجزائري و العربي .

من أجواء الرواية:

“عزيزتي باية، أكتب إليك متجرئًا، وإن وقفت حائرا غير عارف كيف أخط اسمك، فهل علي أن أكتبه دون إضافات، أو يجب أن أقرنه بلقب زوجك محي الدين، بعدما أصبح كذلك منذ زمن؟ كذلك لا أعلم كيف أخاطبك، أ كما كنت أفعل دوما، وخلال أول العهد بالصداقة، أم بأسلوب الجمع، كما يفعل أولئك الذين لم يسبق لهم التعارف، وكما يفعل الغرباء؟.. وإنها لمعضلة كبيرة بالنسبة لي ما دمت أخشى سوء الفهم، وأنت تدرين كيف ظل يتربص بنا سوء الفهم هذا على مدى سنوات طويلة”.

محمد جعفر كاتب جزائري صدرت له عدة مؤلفات تنوعت ما بين الرواية والمجموعات القصصية والشعرية منها: مجموعات قصصية "طقوس امرأة لا تنام" 2011،"ابتكار الألم" 2017، "بطعم الفانيليا" 2020، وروايات "ميدان السلاح" 2012، "هذيان نواقيس القيامة" 2014، "مزامير الحجر" 2015،"لابوانت – جدوا قاتلي" 2018، "أبكر قليلًا من الموت" 2022، بالإضافة إلى مجموعة شعرية بعنوان "العبور على متن الحلم" 2014.