رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء: زيارة الرئيس السيسي إلى الهند تعكس دور مصر فى دعم استقرار المنطقة

زيارة الرئيس السيسي
زيارة الرئيس السيسي إلى الهند

ثمّن عدد من خبراء العلاقات الدولية والاقتصاد الزيارة التى يجريها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الهند حاليًا، وتوقعوا أن تسفر عن تعزيز التعاون الثنائى ورفع مستوى التنسيق فى الملفات الاقتصادية والأمنية إلى مستويات أعلى فى ظل التقارب الشديد بين قيادتى البلدين.

وبدأ الرئيس السيسى زيارته، أمس، تلبية لدعوة من رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودى، للمشاركة كضيف شرف فى احتفالات يوم الجمهورية، ومن المقرر أن يجتمع الجانبان لبحث عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك فى مقدمتها التعاون الاقتصادى.

السيد مكاوى: نجاح للدبلوماسية فى نسج علاقات متوازنة 

قال الدكتور السيد مكاوى زكى، الخبير فى الشئون الهندية، زميل كلية الدراسات الدولية فى جامعة «جواهر لال نهرو»، إن اتفاقية الصداقة والتعاون بين مصر والهند، الموقّعة فى عام ١٩٥٥، هى الاتفاقية الأم لكل ما تلاها من اتفاقيات ومذكرات تعاون، بما فى ذلك اتفاقية التجارة لعام ١٩٧٨، واتفاقية إنشاء اللجنة المشتركة لعام ١٩٨٣، واتفاقية حماية الاستثمارات لعام ١٩٩٧، فضلًا عن الكثير من مذكرات التعاون التى تغطى مجالات كثيرة، منها التعاون الفنى والطاقة المتجددة، والجودة، وترويج الاستثمارات.

كل هذه الاتفاقيات وفرت قنوات متعددة لتطوير العلاقات الثنائية، وتخطى أى عقبات قد تعترض سبل تطويرها. وبالطبع كلما استجدت مجالات جديدة للتعاون بحكم التطور الطبيعى للمجتمعات وللتكنولوجيا، جرى تأطيرها من خلال اتفاقيات ومذكرات تعاون جديدة.

وأكد أن دعوة الرئيس السيسى ليكون ضيف الشرف فى احتفال الهند بـ«يوم الجمهورية» تعكس التقدير العميق الذى تكنه الهند لعلاقاتها مع مصر، وكذلك تقديرها للدور الذى تلعبه القيادة المصرية فى العمل على استقرار الشرق الوسط وحل مشاكله المعقدة.

والدعوة تعكس أيضًا تقدير الهند لثقل مصر السياسى والثقافى والتاريخى فى العالمين العربى والإسلامى. كما أنها تمثل نجاحًا لمجهودات الدبلوماسية المصرية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى نسج علاقات خارجية متوازنة مع القوى الكبرى فى العالم، والتى تمثل الهند واحدة منها.

وأشار إلى أن الدعوة تأتى فى توقيت حساس، تعمل فيه نيودلهى والقاهرة على محاولة إقناع الأطراف المتصارعة فى أوكرانيا بضرورة وقف الحرب وحل الأزمة دبلوماسيًا، بعد أن أثرت تداعياتها سلبًا على الاقتصاديات النامية فى العالم. 

وأوضح مكاوى أن الهند سبق ووجهت دعوة إلى مصر للمشاركة فى اجتماعات مجموعة العشرين الاقتصادية هذا العام، حيث تأتى هذه الدعوة تقديرًا لأهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه القاهرة فى القمة، فالقاهرة تعبر عن مشاكل ومخاوف الاقتصاديات النامية فى الشرق الأوسط وإفريقيا، بعد أن واجهت تلك الاقتصاديات أزمتى «كورونا» والحرب الأوكرانية فى فترة زمنية قصيرة. والمجموعة اتخذت سابقًا إجراءات لمساعدة بعض الدول النامية المتضررة من وباء «كورونا»، وستطالبها مصر والهند بمزيد من الإجراءات لمساعدة هذه الدول.

وقد رأينا كيف قدمت الهند مساعدات ضخمة لمساعدة سريلانكا فى مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التى أدت إلى أزمة سياسية، وهى أزمات مركبة تعود بجذورها لوباء «كورونا» والحرب فى أوكرانيا. وقال مكاوى، إن قائمة الدعم المتبادل بين مصر والهند تطول، فقد وقفت مصر إلى جانب الهند فى مواجهة وباء «كورونا»، ثم وقفت الهند بجانب مصر فى مواجهة تداعيات الحرب الأوكرانية على إمدادات القمح، فسمحت نيودلهى بتصدير القمح الهندى إلى مصر، ضمن دول معدودة خصتها نيودلهى بهذه المعاملة، وهذه المواقف تعكس العلاقة المميزة التى تربط بين رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، والرئيس عبدالفتاح السيسى. 

وأشار إلى أن العلاقات الأمنية والعسكرية تأخذ اتجاهًا قويًا، حيث جاءت زيارة وزير الخارجية سوبرامنيام جاى شانكار للقاهرة فى أكتوبر الماضى، وقبلها فى سبتمبر زار العاصمة المصرية أيضًا وزير الدفاع الهندى راجنات سنج، فى إطار الترتيب لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لزيارة الهند كضيف شرف فى احتفالها بـ«يوم الجمهورية»، وتنسيق الأوجه الأخرى للتعاون بين البلدين.

طارق فهمى:  القاهرة تعتبر بوابة أسواق إفريقيا

أكد الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلاقات الدولية، خبير دراسات الأمن القومى عضو مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن، أن زيارة الرئيس السيسى للهند تؤكد عمق العلاقات الثنائية، وتتزامن مع مرور ٧٥ عامًا على بدء العلاقات الرسمية بين الجمهوريتين. وأضاف، لـ«الدستور»، أن الزيارة تأتى أيضًا بالتزامن مع احتفال الهند بعيد الجمهورية، الذى تدعو فيه بعض الرؤساء والقادة الكبار المهمين بالنسبة لها للمشاركة فيه.

وتابع: «هناك تقارب تاريخى بين البلدين، ولا يخفى على أحد أن مصر والهند أسستا حركة دول عدم الانحياز فى ستينيات القرن الماضى، لرفض حالة الاستقطاب الدولى وقتها بين الاتحاد السوفيتى والغرب الأوروبى تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية».

وأشار إلى أن كثيرًا من الملفات الأساسية جرى الاتفاق عليها بين الزعيمين خلال الزيارتين السابقتين للرئيس السيسى إلى الهند، ومن المتوقع أن تخصص الزيارة الحالية للتأكيد على بعض الملفات مع الدفع من الجانبين باتجاه تعزيزها سياسيًا واستراتيجيًا واقتصاديًا خلال الفترة المقبلة.

وأوضح «فهمى» أن هناك تقاربًا وتنسيقًا كبيرًا على مستوى التعاون العسكرى، حيث يشارك البلدان فى مناورات وتدريبات مشتركة للتأكيد على عمق العلاقات.

وقال إن الهند تولى أهمية كبرى لتعزيز نفوذها الاقتصادى فى إفريقيا، وبالتالى فإن القاهرة بمثابة بوابة للمنتجات والسلع الهندية والاتفاقات التجارية مع دول القارة بما لها من ثقل تاريخى وسياسى وعسكرى.

وأضاف: «بالنسبة للقاهرة فإنها تملك العديد من الفرص الاستثمارية وتبحث عن تسويقها لدى الدول الحليفة فى آسيا».

هانى سليمان: انفتاح على القوى الإقليمية والدولية

أشار هانى سليمان، مدير المركز العربى للبحوث والدراسات والخبير فى العلاقات الدولية، إلى أن زيارة الرئيس السيسى إلى الهند تأتى فى مرحلة مهمة للغاية، تنفتح فيها مصر على القوى الإقليمية والدولية لتنسيق المواقف وتعظيم فرص التبادل التجارى والعلاقات على المستوى الدبلوماسى والسياسى والثقافى.

وأضاف: «وجود مصر كضيف رئيسى فى احتفالات الهند بعيد الجمهورية يشكل تجسيدًا وانعكاسًا لمكانتها القوية والعلاقات البينية خلال الفترة الأخيرة، خاصة أن البلدين يحتفلان بمرور ٧٥ عامًا على التعاون المشترك والعلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية المختلفة، وهو رقم مهم يشير لتوطد العلاقات المصرية الهندية فى مجالات متعددة».

وتابع: «دعوة مصر لحضور اجتماعات مجموعة العشرين فى ظل رئاسة الهند لها، تعد تطورًا فى طبيعة الشراكة مع الهند بشكل أساسى، خاصة أنها إحدى أهم الدول التى تملك تاريخًا حضاريًا وتميزًا ثقافيًا مثل مصر، لذا فهناك فرص كبيرة للتعاون فى الجوانب الاقتصادية العسكرية والثقافية».

ولفت إلى أن الهند تعتبر سوقًا كبيرة للدولة المصرية، خاصة أنها رائدة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والمجالات الرقمية والاتصالات، وهذا يجعل من المهم لمصر أن تمد أواصر التعاون معها للاستفادة من التجربة الهندية.

نبيل حلمى: تخدم توطين صناعة الإلكترونيات وتحقيق التنمية

قال الدكتور نبيل حلمى، أستاذ القانون الدولى، إن هناك تشابهًا كبيرًا بين الأزمات التى يواجهها البلدان، لأنهما يسعيان لمكافحة الفقر والزيادة السكانية، ولديهما خطط طموحة للتنمية الاقتصادية.

وأوضح «حلمى» أن التفاهم الكبير بين «السيسى» و«مودى» ستجرى ترجمته من خلال التعاون الاقتصادى بما يخدم صالح البلدين، خاصة أن الهند لديها تجربة واعدة ورائدة فى الصناعات الإلكترونية وتطمح مصر للاستفادة منها فى هذا الملف.