رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسار العائلة المقدسة.. ومزارات آل البيت.. عام الاحتفالات

هناك أفكار تلاقى اهتمام القارئ أكثر من غيرها.. من هذه الأفكار فكرة الدعوة لاحتفال كبير لافتتاح مسار العائلة المقدسة.. من الوارد طبعًا أن هناك خطة للافتتاح.. أحد القراء لفت نظرى إلى أن الوقت ضيق جدًا لتجهيز احتفال يتناسب مع الانتهاء من مسار العائلة المقدسة فى نهاية هذا الشهر.. ملاحظة القارئ العزيز وجيهة جدًا بكل تأكيد.. لكن الانتهاء من المسار لا يعنى إقامة الاحتفال به عقب الانتهاء مباشرة.. يمكننا أن نعلن عن موعد للاحتفال يتناسب مع أعياد القيامة مثلًا فى أبريل.. أو مع عيد الميلاد فى ٢٠٢٤ وأن نعلن عام ٢٠٢٣ عامًا للاحتفال بمسار العائلة المقدسة.. السيدة مريم لها مكانة عالية عند المصريين جميعًا والقرآن الكريم يصفها بسيدة نساء العالمين.. وعدد المسلمين الذين يسمون بناتهم باسم السيدة العذراء خير دليل.. نفس الأمر بالنسبة للمسيح عليه السلام بغض النظر عن أى تفاصيل ليست لها علاقة بموضوع الاحتفال.. مطلوب أن يكون العام المقبل عامًا للاحتفال بمسار العائلة المقدسة ولإتمام التجهيزات فى نقاط المزار الإحدى عشرة.. ولتعريف المصريين أولًا والعالم ثانيًا بتفاصيل الزيارة من خلال أفلام وثائقية وبرامج دعائية لها وزنها.. يمكن أن نستعين بنجمة فى حجم يسرا مثلًا لزيارة المسار ورواية قصة احتضان مصر العذراء وابنها عيسى عليه السلام.. وهناك بالطبع عشرات الأفكار للدعاية لهذا المسار المقدس والسياحى أيضًا.. تطوير المسار الذى طالب الرئيس بالإسراع فيه لا ينفصل بالطبع عن مجمع الأديان فى دير سانت كاترين حيث كلم الله نبيه موسى وحيث يوجد دير من أقدم الأديرة فى العالم.. لا أظن أنه أمر يتوافر لأى دولة أن تكون فيها بقعة مرتبطة بأشهر رواية مقدسة فى تاريخ العالم وبحقيقة يؤمن بها المسلمون والمسيحيون واليهود.. ولا أظن أن حجم الزيارات لجبل سانت كاترين يتناسب مع أهمية الحدث والمكان وقيمته الدينية والتاريخية.. الرئيس وجه بتطوير مجمع الأديان وهناك خطوات على الأرض لكن مطلوب الإسراع فيها.. ملف السياحة الدينية فيه ورقة مهمة للغاية انتبهت لها مصر أيضًا وهى تطوير مزارات آل البيت.. استضافة مصر رفات آل البيت النبوى الشريف ميزة تاريخية لا تتوافر لبلد آخر.. وتقول للعالم ماذا كانت مصر على مر التاريخ.. إنها البلد الآمن والكبير.. الذى يستضيف من يبحثون عن الأمان فيه.. سواء السيدة العذراء وابنها أو أحفاد الرسول الكريم الذين جاءوا بحثًا عن السكينة وبُعدًا عن نزاعات الدنيا والسياسة.. فى مصر رأس الحسين بن على حفيد الرسول الكريم وشقيقته السيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة سكينة والسيدة رقية وعلى زين العابدين ابن سيدنا الحسين والعشرات من مقابر الصحابة والتابعين.. هذه المزارات التى صدر توجيه بتطويرها من معالم مصر التاريخية ومن أهم مقومات السياحة الدينية.. وهو ملف يجب أن نتعامل معه بسرعة وحسم ودون مخاوف.. فليس صحيحًا أن الشيعة فقط هم الذين سيأتون لزيارة مزارات آل البيت ولكن هناك مسلمين من جميع أنحاء العالم وهناك متصوفة من كل أنحاء العالم يحبون زيارة عتبات آل البيت.. والمسلمون الشيعة بعيدًا عن السياسة هم مواطنون مثل أى مواطنين فى العالم، وهناك مئات الآلاف من الشيعة العرب من العراق والبحرين والكويت والمملكة السعودية وهى بلاد تربطنا بها روابط الأخوة.. فضلًا عن أننا نثق فى كفاءة أجهزة الدولة المصرية وقدرتها على المتابعة والفرز والتعامل مع الطوارئ.. والمعنى أننا لا بد أن نتحلى بالسرعة والشجاعة وبعض المغامرة لتغيير الواقع.. والواقع أن ملف السياحة الدينية مرتبط بموضوع حساس فى العالم كله وهو الدين.. لكنه مرتبط أيضًا بصناعة مهمة للغاية لمصر وهى السياحة.. وإذا كنا نستهدف الارتفاع بدخل مصر من السياحة من ١٤ مليارًا إلى ثلاثين مليارًا على الأقل.. فلا بد من أن نضيف مجالات سياحية أخرى للسياحة الشاطئية وسياحة الآثار ومن أقرب هذه الملفات ملف السياحة الدينية.. والحقيقة أننا يجب أن نسرع فى مشروع تطوير مزارات آل البيت وأن يتزامن الاحتفال به مع الاحتفال بمسار العائلة المقدسة طوال عام ٢٠٢٣، لأن هذا يعطى رسالة متكاملة بأن مصر بلد جميع الأديان وبأنها ملاذ الخائفين فى كل العصور.. وبأن المصريين الذين احتضنوا مريم أم النور وأنزلوها منازل التكريم هم الذين احتضنوا السيدة زينب أم العواجز وأنزلوها منازل التكريم.. وكأنهم يعيدون إحياء ذكرى إيزيس رمز الوفاء والعطاء فى التاريخ المصرى.. ولا شك أن أزمة سلاسل الإمداد قد انعكست على مواعيد افتتاح بعض المشروعات.. لكننى أظن أن هذا لا ينطبق على مشروع إحياء مزارات آل البيت الذى تتصدى له مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدنى.. وربما علينا الإسراع فى الانتهاء منه.. خاصة أن التكلفة بسيطة بالنسبة لإجمالى الاستثمارات فى المشاريع القومية المختلفة.. والسبب أن يكون العام المقبل عامًا للاحتفال بمسار العائلة المقدسة ومزارات آل البيت وتمهيدًا لبدء صناعة سياحية دينية قوية تليق بمصر كان التطرف يمنعنا من البدء فيها.. وأظن أن علينا أن نبدأ فورًا.