رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كراهية في المونديال.. ما تفسير الهجوم على الصحفيين الإسرائيليين في قطر ؟

المونديال
المونديال

"البحر هو نفس البحر والعرب هم نفس العرب"، هكذا قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحق شامير عام 1996، بعد اتفاقيات أوسلو، التي تهدف إلى إحلال السلام، والتي انتهت بموجة من العمليات الفلسطينية، حتى نشوب الانتفاضة الثانية. كان "البحر" إشارة ضمنية إلى المقولة الشائعة بأن هناك رغبة في إلقاء اليهود في البحر الأبيض المتوسط.

بعد 26 عاماً، عادت مقولة "شامير" إلى الأذهان في إسرائيل، بعد التقارير التي كتبها المراسلون والصحفيون الإسرائيليون عن حوادث الهجوم والاعتداء عليهم في قطر أثناء تغطيتهم للمونديال، حسب وصف صحيفة جيروالزيم بوست الإسرائيلية.

هجوم على الإسرائيليين

رصدت وسائل إعلام إسرائيلية عدد من حوادث الهجوم على مشجعين إسرائيليين في قطر، وكذلك تعرض صحفيين إسرائيليين لعدد من المواقف السيئة أثناء التغطية الصحفية، إذ تمت مهاجمتهم لفظياً، فيما تم التعامل معهم بشكل عدواني من جانب مشجعين ومواطنين وسكان قطريين وعمال في الملاعب وغيرهم، غلى حد أن وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الوضع بأنه "مونديال الكراهية" على صفحتها الرئيسية، في الاسبوع الأول من المونديال.

كما احتج الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي التابع لوزارة الخارجية، والذي يمكث موقتاً في قطر، أمام السلطات المحلية، وأيضاً أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم [الفيفا]، على تعامُل القطريين مع الطواقم الإعلامية الإسرائيلية، ومع المشجعين من إسرائيل في المونديال؛ حيث طالب الطاقم الدبلوماسي السماح للطواقم الإعلامية بالعمل بحُرية صحافية كاملة، والسماح للمشجعين الذين وصلوا لمشاهدة المباريات بالتجوّل بصورة آمنة، كما قام مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بعدد من الاجتماعات ناقش خلالها إمكانية تحديد التعليمات للإسرائيليين الموجودين في الألعاب.

قال مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت في قطر في تقريره بالصحيفة: "كنت أعتقد دائماً أن المشكلة هي مع الحكومات، ومع الحكام، وربما لدينا. لكن في قطر، تعرفت إلى حجم كراهية الناس في الشارع."

مضيفاً :"نشعر بالكراهية. إننا محاطين بالعداء، كما تتم متابعتنا في جميع الأوقات من قبل الفلسطينيين والإيرانيين والقطريين والمغاربة والأردنيين والسوريين والمصريين واللبنانيين - وكل ذلك يعطينا مظاهر الكراهية. في البداية، أوضحنا أننا نأتي بسلام، وذكرنا أننا إسرائيليون، لكن بعد الجدالات والمشاحنات، قررنا أن ندعي إننا إكوادوريين لتسهيل مهمتنا.

بينما ذكر مراسل الشؤون الفلسطينية في القناة 12، أوهاد حيمو، الذي يستطلع آراء الفلسطينيين في الضفة الغربية، أنه لا يزال منزعجًا من رد الفعل تجاهه في الدوحة، والذي كان في الأساس مشابهاً لما يراه في الضفة، قائلاً: "هناك الكثير من المحاولات من قبل العديد من الناس هنا، من جميع أنحاء العالم العربي، للتصدي لنا لأننا نمثل التطبيع"، مضيفاً: "تحققت رغبة الإسرائيليين، وقعنا اتفاقيات سلام مع أربع دول عربية، ولكن هناك أشخاص لا يحبون وجودنا هنا.. مواجهات لفظية تحدث طوال الوقت."

كما قال "حيمو"، كانت اتفاقيات أبراهام اتفاقية بين حكومة وحكومة، وليست بين شعب لشعب".

كما أدعى العديد من الإسرائيليين أنهم قوبلوا بالعداء والكراهية في كأس العالم في قطر ، حيث رفض المشجعون التحدث إلى الصحفيين الإسرائيليين، وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية في خلفية مقاطع الفيديو الخاصة بهم ويصرخون عليهم.

لكن، مايكل جانيكويتز، أحد سكان القدس، المتحدث السابق باسم الوكالة اليهودية الذي يحضر كأس العالم ، نفى المزاعم بأن الإسرائيليين مستهدفون  وقال إن تجربته كانت دون وقوع حوادث، وقال "قطر ترحب كثيرا بالزوار الإسرائيليين". هؤلاء الصحفيون الإسرائيليون يذهبون بنظارات مكبرة للعثور على كارهي إسرائيل، موضحاُ أن كارهي إسرائيل في المونديال ليسوا من قطر، وأنهم يتم استفزازهم من قبل الصحفيين الإسرائيليين الذين يبحثون عن عناوين مثيرة للصحف.

ما المؤشرات؟

قبل المونديال، لم ترصد أي معلومات واضحة عن مشاعر القطريين حيال الإسرائيليين، لكن بشكل ما كان يفهم كثيرون أن هناك علاقات غير رسمية بين الدولتين، تحديداً حول الوضع في غزة، ولكن على سبيل المثال، فإن قناة الجزيرة تعبر بشكل واضح عن تأييدها للفلسطينيين، كما أعربت الحكومة القطرية أكثر من مرة عن أن التطبيع مع إسرائيل ليس قريباً.

مشاعر العداء حيال الإسرائيليين في قطر ليست مفاجئة بصورة كبيرة، إذ أنها تتفق بشكل ما، مع نتائج استطلاع لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في يوليو الماضي، حيث أفادت نتائج الاستطلاعات إلى أن السلام مع إسرائيل أكثر قبولاً في الإمارات العربية المتحدة والبحرين، حيث كان 25٪ و 20٪ من الجمهور لديهم آراء إيجابية حول اتفاقيات إبراهيم. يأتي السعوديون خلفهم بنسبة 19٪. وبلغت النسبة في مصر 13٪ والأردن 12٪ والكويت 14٪.

فيما عارض حوالي نصف سكان الخليج الذين شملهم الاستطلاع إقامة علاقات تجارية ورياضية مع الإسرائيليين، حتى بدون التطبيع الكامل. الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع في البلدان ذات العلاقات الطويلة مع إسرائيل ومصر والأردن، عارضوا بأغلبية ساحقة مثل هذه العلاقات، 85٪ و 87٪ على التوالي.

فيما لم يتم تضمين قطر في الاستطلاع الأخير، رغم أنه في نوفمبر 2020 ، أيد حوالي 40 ٪ من القطريين الذين شملهم الاستطلاع الاتفاقات، وأشار استطلاع في نوفمبر 2021 إلى أنهم منقسمون بشكل متساوٍ حول مسألة العلاقات التجارية والرياضية مع اسرائيل

فيما وجد استطلاع الباروميتر العربي، الذي أُجري في 2021-2022 وتم إصداره في سبتمبر، أن الدول الوحيدة التي أيد فيها أكثر من 20٪ من الناس التطبيع بين إسرائيل والدول العربية كانت السودان (39٪) والمغرب (31٪). في الأردن ومصر، كان الدعم منخفضًا إلى 6٪. لم يتم تضمين أي دول أخرى لديها اتفاقيات سلام مع إسرائيل أو أي دول خليجية.