رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ديور أمام الأهرامات

هذه هى سنة احتفال دار الأزياء الفرنسية «كريستيان ديور» بيوبيلها الماسى، صحيح أن ٧٦ سنة ستمر فى ١٦ ديسمبر الجارى، على تأسيس الدار، المعروفة أكثر باسم «ديور»، Dior، إلا أنها اختارت أن يكون احتفالها السنوى فى موعد بدء إنتاجها وظهور علامتها التجارية فى السوق الفرنسية سنة ١٩٤٧. وفى هذا السياق، جاء عرض أزياء ملابس الرجال لخريف ٢٠٢٣، الذى أقامته، مساء أمس السبت، أمام الأهرامات.

الطائرات الخاصة، التى نقلت ضيوف «ديور»، من مختلف دول العالم، والتى اقترب عددها من الـ٥٠ طائرة، هبطت فى «مطار سفنكس الدولى» الجديد، الذى يبعد ٢٠ دقيقة عن مكان الحفل. وعرفنا أن وزارة الداخلية وفرت طواقم أمنية، على أعلى مستوى، لاستقبال وتأمين الضيوف، الذين وزعتهم الدار الفرنسية على قائمتين، الأولى للقادمين من أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وجنوب شرق وغرب آسيا، وأستراليا، والثانية للمدعوين الإقليميين، من مصر ودول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط. وضمت القائمتان عددًا من أشهر النجوم فى مجالات مختلفة، وصحفيين وإعلاميين من ٨٠ مجلة وقناة تليفزيونية متخصصة فى الأزياء والموضة.

بتصميمات المؤسس، كريستيان ديور، وجهود بيير كاردان، الذى كان رئيس ورشة عمل الدار حتى سنة ١٩٥٠، لم تمر أربع سنوات على ظهور العلامة التجارية، حتى انتشرت خارج فرنسا وقدمت نحو ٧٥٪ من صادرات الأزياء وحققت ٥٪ من عائدات الصادرات الفرنسية الإجمالية. وفى ٤ مارس ١٩٥٧ ظهر «ديور» على غلاف مجلة الـ«تايم»، التى وصفته بأنه أكثر رجال العالم تأثيرًا فى عالم الموضة والأزياء، وفى ٢٤ أكتوبر التالى توفى إثر أزمة قلبية، قبل أن يحتفل بعيد ميلاده الثالث والخمسين!.

خلال سنة ١٩٥٠ حقق كريستيان ديور اثنين من أحلامه: صمم أزياء النجمة الأسطورية مارلين ديتريش فى فيلم «رهبة المسرح»، Stage Fright، الذى أخرجه ألفريد هيتشكوك، وزار مصر للمرة الأولى. ولعلك تتذكر أن مصمم الأزياء الإيطالى ستيفانو رييشى، كتب فى حسابه على «تويتر» أن أحد أحلامه كان الاحتفال بالذكرى الخمسين لإطلاق علامته التجارية فى أرض الفراعنة. ثم أكد أن سماح مؤسسات الدولة المصرية له بذلك، ودعمها له، سيظل مصدرًا للفخر، وباعثًا للشعور بالمسئولية والاحترام تجاه هذه الأماكن المقدسة.

كلام شبيه، قاله مسئولو «ديور» فى مؤتمر صحفى عقدوه الخميس، إذ قال إدورد كارتشلى، المسئول عن أقمشة مجموعة ديور للرجال، إنه «فخور للغاية بأن تنهى احتفالاتها بذكرى تأسيسها السنوية الخامسة والسبعين أمام إحدى عجائب الدنيا السبع، وفى أعظم أماكن مصر، أم الدنيا». وسبقه مصمم ملابس الرجال البريطانى كيم جونز، المدير الفنى لأزياء الرجال بالدار، الذى حمل عرض أمس توقيعه، والذى قال إنه استوحاه من شموخ وعظمة الحضارة الفرعونية، ووصفه بالمشروع الأهم فى مشواره المهنى، الذى عمل خلاله مع عدد من دور الأزياء المرموقة: دانهيل، مولبيرى، ألكسندر ماكوين، هوجو بوس، آيسبيرج، توبمان، أونيكلو، ثم غادر «لوى فويتون»، إلى «ديور»، بعد أن أحدث ثورة فى ملابس الرجال.

الحلم، أو الاختيار، كان فى محله، أو صادف أهله. فالثابت تاريخيًا هو أن قدماء المصريين هم أول من عرفوا صناعة النسيج وأول من صبغوه وصنعوا منه ملابسهم الدنيوية واللفائف الجنائزية للمومياوات. وارتبط فن تصميم الأزياء بعدد من معبوداتهم، اللائى كان أبرزهن المعبودة نيت، ربة ساو، أو صان الحجر، والمعبودة نايت، التى وصفتها «متون الأهرام» بأنها أم الملك المتوفى والمسئولة عن غزل ملابسه. كما ارتبط الإلهان رع وحورس بالكتان، وكان ثوب الكتان الذى عثر عليه «بترى»، بالجيزة، والمحفوظ أو المسروق بمتحف بترى للآثار بالعاصمة البريطانية لندن، هو أقدم قطعة قماش تم غزلها ونسجها فى تاريخ البشر.

.. أخيرًا، وبعد عرض «ديور»، أمس، واحتفال «ستيفانو ريتشى»، فى أكتوبر الماضى، بيوبيلها الذهبى، فى الأقصر، وقبلهما العرض، الذى أقامه مصمم الأزياء اللبنانى إيلى صعب، منذ سنة، فى قصر عابدين، بات فى حكم المؤكد أن مصر، صارت مقصدًا لعروض واحتفالات كل، أو غالبية، بيوت الأزياء العالمية.