رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الناقد محمد على عزب يناقش مأزق الشعر العربى المعاصر

 محمد على عزب يناقش
محمد على عزب يناقش مأزق الشعر العربي

يخلط البعض بين القصة القصيرة والشعر، لدرجة أن الناقد إدوار الخراط ذهب إلى صك مصطلح جاء بعنوان "القصة القصيدة"، والذي بدا مرفوضا من قبل الناقد والشاعر محمد على عزب، والذي يؤكد عبر التقرير التالي الفروقات الواضحة بين القصة والشعر، وأن ما ذهب إليه الناقد الراحل إدوار الخراط ليس موجودا على أرض الواقع.

يقول الناقد محمد على عزب لـ"الدستور"، إن “السرد القصصي والروائي بنية نصية مكونة من عدة عناصر متشابكة "راو، مروى له، بؤرة حدث، زمان، مكان، منظور"، والسرد القصصي يقدم بالأساس للقارئ خطابا قصصيا يشير إلى عالم متخيل تستحضره اللغة أمام مخيلة القارئ وكان هذا العالم المتخيل- الذي تدور فيه أحداث يقوم بها أشخاص في زمن ومكان معين- موجودا بالفعل، وبالتالي فإن السرد القصصي والروائي سرد متشعب.

وتابع عزب: "عندما يستعير الشاعر بنية السرد أو أحد مكوناته في النص الشعري فإن السرد هنا لا يقدم خطابا قصصيا بل يكون أحد أبنية القصيدة، ويهدف إلى تقديم صورة كلية النص الشعري والربط بين مفاصل النص، مثل المونتاج في السينما، هو سرد باللغة الشعرية المجازية البصرية المشحونة بالطاقة الانفعالية التي تحدث أثر الشعر في وجدان القارئ،  ولنضع تحت الانفعال الشعري خطًا أحمر يميز لغة الشعر عما سواها؛ حتى لو استخدم الشاعر عنصر الحكي في بناء النص الشعري.

ولفت عزب "أما لو تحدثنا عن الصورة المجازية وهي سمة شعرية فإن انتقال اللغة المجازية إلى عالم السرد القصصي والروائي هدفه خدمة البنية السردية وتوسيع رقعة المتخيل القصصي والروائي وقد كثر ذلك في القصص والروايات الحداثية.

ويذهب محمد على عزب لتوضيح الفروق بين السرد في الشعر والسرد في القصة القصيرة  فيقول: "لو دققنا في الفروق بين السرد في الشعر والسرد في القصة القصيرة سيساعدنا ذلك في إدارك الفرق بين القصة القصيرة وقصيدة النثر، التي هي بالأساس شكل شعري يرتبط بكل الأشكال الشعرية من حيث كونه رؤيا وتشكيلا جماليا.

وأكد عزب على  أن " الشعر كل الشعر رؤيا تشبه الحلم وتشكيل لهذه الرؤيا بلغة مجازية مشحونة بانفعال شعري، ومن هذا المنطلق فإن ما أطلق عليه إدوار الخراط" قص قصيدة أو القصة القصيدة "والتي تتموقع بين قصيدة النثر والقصة القصيرة لا وجود فعلي له على أرض الواقع، فالقصة قصة والقصيدة قصيدة، وكذلك ما يطلق عليه مسمى "نص" واعتباره نوعا أدبيا مستقلا بين الشعر والسرد ليس له وجود حقيقي فمعظم ما يكتب من هذا النوع يمكن أن يكون نثرا شعريا.

وأشار عزب إلى أن "النثر الشعري مصطلح فرنسي يشير إلى كتابة نثرية تستخدم بعض مجازات الشعر فهو إما  يأتي في صيغة تأمل فلسفي، أو تعبير عن تصور ذهني ووجهة نظر، وهو أولا وأخيرا نثر وليس قصيدة نثر. مهما استخدم فيه الكاتب مجازات اللغة، حيث إن النثر الشعري يختلف عن قصيدة النثر في أن الأخيرة رؤية وتشكيل جمالي بلغة مجازية مشحونة بانفعال شعري، وهذا الانفعال لا يوجد في النثر الشعري الذي يعبر عن رؤية بمعني مشاهدة ووجهة نظر وليس رؤيا بمعنى حلم شعري.

وأكد: "إن كان المأزق الذي تعرضت له قصيدة التفعيلة هو محاولة نازك الملائكة في كتابها قضايا الشعر المعاصر أن تجعل من التفعيلة عمودا جديدا وتمرد على ذلك غالبية شعراء التفعيلة المعاصرين لنازك، ووقعت قصيدة التفعيلة في تكرار ثيمات وتراكيب لغوية وأساليب موروثة عن جيل الرواد إلا من رحم ربي من الشعراء الذين يكتبون قصيدة تفعيلة جديدة على مستوى الرؤيا والتشكيل الجمالي، فإن مأزق قصيدة النثر هو وقوع الكثير ممن يكتبونها بين النثر الشعري الذهني وقصيدة النثر الحقيقية، والوقوع بين السرد القصصي والسرد الشعري، ومأزق قصيدة العامية هو الاستسهال عند كثير ممن يدعون أنهم يكتبونها وعدم امتلاك الأدوات الشعرية التي تجعل شاعرا ينسج من لغة الحياة اليومية شعرا حقيقيا.

 

يذكر أن محمد على عزب شاعر وناقد صدر له خمسة دواوين شعر عامية، وهي: بعلم الوصول، تشخيص علي مسرح مكشوف، أوراق خريف العشق، ملامح بتكره البراويز، عمرك حلم مش للصيد.

وصدر له ثلاث كتب نقدية هي: عن تحولات الشعر العامي بين التراث والمعاصرة، أمل دنقل أيقونة الرفض والمفارقة، تجليات طائر العمر الجميل "دراسة في شعر سيد حجاب".

حاصل على جائزة أحمد فؤاد نجم في النقد ٢٠١٦م.