رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اشترى روايات بوليسية.. اعترافات مصطفى محمود عن بداية اتجاهه للقراءة

مصطفى محمود
مصطفى محمود

"الكتاب إما سيدك أو خادمك" مقولة شهيرة للدكتور مصطفى محمود (27 ديسمبر 1921 - 31 أكتوبر 2009)، الذي يحل اليوم ذكرى رحيله، إثر رحلة علاج استمرت عدة شهور عن عمر ناهز 87 عاما، تاركا إرث كبير من الأعمال، فقد ألف 89 كتابا منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، إذ أنه ترك الطب واتجه للكتابة والتحليل، ورغم ابتعاده عن الطب فإنه لن ينس طيلة حياته أن هذه المهنة كانت من الأسباب الرئيسية في إيمانه وتأملاته في الإنسان والطبيعة.

وفي حديثه مع الإذاعية نادية صالح ببرنامجها الإذاعي "زيارة لمكتبة فلان" كشف عن بداية اتجاهه للقراءة والكتابة، قائلا: كانت القراءة كانت بالنسبة لي وسيلة تسلية لقتل الوقت، وانتهت لتكون وسيلة لإحياء الوقت، مستطردا: بدأت وأنا طالب في المرحلة الابتدائية شراء روايات بوليسية لأرسين لوبين، كانت تباع على سور في طنطا مثل سور الأزبكية، وكنت ألتهم الرواية في ليلة واحدة في محاولة لملء الفراغ، إلى أن أصبحت القراءة عادة يومية بالنسبة لي وشعرت بأنه قد حان الوقت لتكون القراءة ذات قيمة وأصبحت كل الوقت لدي.

ووصف الدكتور مصطفى محمود الكتاب بأنه نور العزلة والمصباح الأخضر المنير بجوار فراشه، مشيرا إلى أن هذا الوصف كان في سن مبكرة وأصبح الكتاب وسيلة لإجابة السؤال الذي يدور في ذهنه.

وبدأ كلامه عن هذا الوصف قائلا: دائما أبحث عن جواب في الفلسفة والدين والعلم، وأكون في حالة عطش للمعرفة وماهية الحياة وما بعدها، وبدأ نور العزلة يكون ذا معنى كبيرا عندي، فأشعر بأنني لست وحدي أثناء القراءة بل معي جميع المفكرين والفلاسفة والأنبياء، في محاولة منهم لإجابة التساؤل معي.

واستطرد قائلا: الكتاب بالنسبة لي هو سيد العزلة والأنيس الحقيقي أثناء الليل، فالتليفزيون مثلا سيسامرني وأنا جالس بلا حراك، والراديو كلامه في الهواء لا أستطيع إمساكه، أما الكتاب فأستطيع أن أقف عند فقرة جذبتني وأعود إليها، وأستطيع أخذه في حضني، الكتاب شيء مختلف.

وتطرق في حديثه عن غرفة مكتبه قائلا: إنها تضم مكتبة وصيدلية ومجموعة آلات موسيقية وراديو وتليفزيون وتليسكوب، وتحدث عن الكتب العلمية في مكتبته واستمراره في اقتنائها، موضحا أنها أعطته نوعا من المعاصرة، بعدما أصبح العلم والعلماء هم الأبطال وليس الأبطال الرومانسيين كروميو وجولييت.

وأضاف: "من الأفضال الكبيرة التي وهبتني إياها كلية الطب العلم، ولا ينبغي أن يكون الأديب أديبا وهو منعزل عن العلم، فلا بد أن يعيش الواقع.

ورغم مسيرة الأديب والمفكر والطبيب مصطفى محمود الكبيرة إلا أنه مكتبته كانت بسيطة للغاية ولا تحتوي على الكثير من الكتب، والسبب في ذلك الاستعارة، فكان الكثير من أصدقائه يستعيرون كتبه ولا يعيدونها، لذلك وصف مكتبته بأنها "بلا ذاكرة، تنسى ما أخذ منها"، مؤكدا أن ذلك لا يضايقه لأنه من الشخصيات التي تؤمن بأهمية استعارة وإعارة الكتب من جميع المكتبات سواء العامة أو الخاصة.

وأوضح أن مكتبته تحتوي على كتب في الفلسفة والعلم والدين والسير الشعبية، مؤكدا أن الإنسان كلما كان منفتحا وموسوعيا وداخله معارف متعددة يكون أقرب للثقافة بمعناها الحقيقي.

وأكد ذلك قائلا: المعرفة العامة التي تختلط فيها جميع فروع المعرفة مسألة ضرورية، فكلما كان الإنسان غير متخصص كان ذلك أفضل، فالتخصص يضره، وعندما خلقنا الله لم يخلقنا متخصصين، وإنما خلقنا بأذن للسمع وعين للرؤية ولسان للتحدث، إذن فالمعارف تتدفق إلينا من كل النوافذ؛ فالنظرة الشمولية أولا ثم التخصص.