رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيرى والملك.. وقمة المناخ

 

بأداء مختلف عما عهدناه، يقوم جون كيرى بجهود ملحوظة، تستحق الإشادة، منذ أن تم تعيينه مبعوث الرئيس الأمريكى الخاص لشئون المناخ، فى يناير ٢٠٢١، وحتى ناشد ملك بريطانيا، أو نصحه، للمرة الثانية، خلال أسبوع واحد، بأن يعيد النظر فى قرار عدم حضوره الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى تستضيفها مدينة شرم الشيخ الشهر المقبل.

الذى خسر انتخابات ٢٠٠٤ الرئاسية أمام الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، والذى لم يترك أى بصمة، حين كان وزيرًا للخارجية، بين فبراير ٢٠١٣ ويناير ٢٠١٧، أعطى أهمية بالغة لمنصبه المستحدث، وكان أول مسئول أمريكى كبير يزور الصين، قبل مرور ثلاثة أشهر، على تولّى الرئيس جو بايدن مهام منصبه. وغالبًا، كانت تلك الزيارة هى سبب استجابة الرئيس الصينى، لدعوة نظيره الأمريكى، بالمشاركة فى قمة حول المناخ، دعا إليها الأخير، وأقيمت افتراضيًا، فى ٢٢ أبريل ٢٠٢١، رغم توتر العلاقات بين البلدين.

مناشدة أو نصيحة «كيرى» الأولى لملك بريطانيا، كانت السبت الماضى فى حوار مع «بى بى سى». أما الثانية فكانت مساء أمس الأول، الخميس، عبر «سكاى نيوز». وفى المرتين، أشار إلى أنه لاحظ وجود «قرارات أثارت بعض التساؤلات من جانب الحكومة البريطانية»، وأعرب عن قلق بلاده حيال تراجع عدد من الدول عن التزاماتها ذات الصلة بدعم قضايا المناخ. كما انتقد عدم الوفاء بالتزامات القمة الماضية، كوب ٢٦، التى استضافتها مدينة جلاسكو البريطانية فى نوفمبر الماضى، وأعرب عن أمله فى أن تكون شرم الشيخ هى نقطة الانطلاق لمواجهة وحل قضايا المناخ. وردًا على ما قيل بأن القواعد الملكية تلزم تشارلز بالحياد السياسى، قال «كيرى» إن العمل المناخى ليس سياسيًا، بل قضية وجودية تخص العالم كله.

كانت وسائل إعلام بريطانية قد زعمت أن ليز تراس، رئيسة الوزراء السابقة، «أمرت» الملك بعدم حضور القمة، فكان أن ردّ القصر الملكى بأن «تراس» نصحت الملك، ولم تأمره، بعد أن طلب هو النصيحة أو المشورة. ووقتها، أوضحنا أن بريطانيا فى عهد الملك، الذى كان يبدى اهتمامًا بقضايا البيئة والمناخ، تعتزم التراجع عن التزاماتها المناخية، وأشرنا إلى أن حكومة «تراس»، التى استقالت لاحقًا، ضمت وزراء أعربوا فى تصريحات واضحة عن شكوكهم بشأن قدرة بلادهم على تحقيق الحياد الكربونى، أو الوصول إلى هدف «الصفر» بحلول ٢٠٥٠، أو باقى التعهدات المنصوص عليها فى اتفاقية باريس. 

توقفنا، أيضًا، عند مشروع قانون تقدمت به الحكومة البريطانية إلى مجلس العموم، البرلمان، لتعديل، أو إلغاء، أو نسف، كل قوانين حماية البيئة الموروثة عن الاتحاد الأوروبى، بحلول نهاية العام المقبل. ثم عرفنا من تقرير نشره الموقع الإلكترونى لـ«بى بى سى»، فى ٢٢ أكتوبر الجارى، أن مصر حذرت بريطانيا «من التراجع عن أجندتها الدولية فى دعم قضايا المناخ، عقب إعلان قرار عدم حضور الملك تشارلز المؤتمر».

المهم، هو أن قصر باكينهجام استقبل نصيحة أو مناشدة «كيرى» الأولى بأذن من طين وأخرى من عجين. وبعد ساعات من النصيحة الثانية، قالت تيريس كوفى، وزيرة البيئة، إن «الأمر متروك للملك تشارلز ليقرر أولوياته»، مؤكدة أنها ستحضر القمة مع عدة وزراء آخرين، بينما أعلن ريشى سوناك، رئيس الوزراء الجديد، فى بيان أصدره مكتبه، عن عدم اعتزامه الحضور، حتى يتمكن من التركيز على القضايا الداخلية!.

.. وأخيرًا، نتمنى أن يستجيب ملك بريطانيا لمناشدة، أو نصيحة، المبعوث الرئاسى الأمريكى لشئون المناخ، الذى كان هنا، فى ٧ سبتمبر الماضى، للمشاركة فى النسخة الثانية من «منتدى مصر للتعاون الدولى والتمويل الإنمائى»، ووجّه، فى كلمه ألقاها خلال المنتدى، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى «الذى أظهر قيادة حاسمة فى حشد العمل المناخى الدولى وتسريع التحول إلى الطاقة النظيفة»، كما شكر «الحكومة المصرية بأكملها». وبالنص قال لنا، نحن المصريين: أعلم أن مصر يُشار إليها غالبًا باسم «أم الدنيا».. والآن، وبينما نقترب من مؤتمر قمة المناخ، لديكم فرصة لكى تكونوا الأمة التى ساعدت فى إنقاذ هذه الدنيا وحمايتها.