رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شكرًا دكتور شاكر

كتبت قبل نحو عامين مقالًا بعنوان "قولوا للناس حسنا"، دعوت فيه أن نعود لممارسة عادة حسنة تخلينا عنها تدريجيًا حتى كادت أن تختفي، تلك هي فضيلة الشكر، فالناس لم تعد تقدم الشكر لأصحاب الفضل ولا أجد المناسبة مواتية لتكرار وجهة نظري التي عبرت عنها من قبل. لكنني أتذكر أنني طالبت أن نذكر بالفضل أصحاب الفضل وهم أحياء بيننا بدل أن نبالغ في مدحهم بعد أن يرحلوا.
ومن طيب الخصال التي عهدناها في السيد الرئيس إشادته بمن يستحقون الإشادة، وتلك فضيلة تحسب لسيادته، وفي هذا السياق أشاد الرئيس السيسي بالعالم د. محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة، في أكثر من موقف كان آخرها حين وجّه الشكر للوزير خلال افتتاح مشروعات الرمال السوداء صباح الأربعاء الماضي إذ قال في حقه: "دكتور شاكر دايمًا الخير معاه"، ولم تكن تلك هي المرة الأولى للثناء على مجهودات الوزير.
ففي شهر مايو من عام 2018 قال الرئيس السيسي ما نصه: "دكتور شاكر رجل عظيم فاضل"، وفي ديسمبر من العام الماضي وصفه بأنه "العالم الجليل الفاضل الذي استطاع من خلال جهده وعلمه أن يحقق نقلة كبرى في ملف الكهرباء في مصر".
وذكر الرئيس يومًا أن د. شاكر كان يمتلك شركة متخصصة في قطاع الكهرباء، ولكنه حين تم تكليفه بمهام وزارة الكهرباء ترك مكتبه الاستشاري وشركته تمامًا متفرغًا لأعباء الوزارة، ولم يسمح الرجل لشركته بالدخول في أي مشروع مع الدولة المصرية، ورغم هذا فإنه حين تلجأ الدولة لمؤسسته الخاصة بغرض عمل دراسة جدوى مثلًا فإنه ينجزها بدون مقابل، وفي مناسبة أخرى عام 2018 قال الرئيس السيسي: "أثناء أزمة انقطاع الكهرباء طلب مني البعض التضحية بالدكتور شاكر وإقالته ليتحمل هو مسئولية التقصير أمام الرأي العام".
وأضاف الرئيس: "هذا كلام لا يليق بالشرفاء الفاهمين، فكيف لي أن أضحي بإنسان عظيم يفهم مسئولياته مقابل تجاوز أزمة؟ هذا أمر لا يليق بالرجال، وعلى المرء أن يدعم رجاله طالما كانوا رجالًا حقيقيين، فهنا يكون على المسئول أن يقف داعمًا ومساندًا لرجاله".
تخرج د. محمد شاكر حامد المرقبي، من كلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1968، وحصل على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة لندن بعد تخرجه بعشر سنوات، ثم عاد ليمارس التدريس في الجامعة أستاذًا لهندسة القوى، أنشأ بعد ذلك مكتبه الخاص الذي حقق نجاحات جعلته استشاريًا لأكثر من 1500 مشروع داخل مصر وخارجها، فضلًا عن أنشطة نقابية مارسها لسنوات حتى صار وكيلًا لنقابة المهندسين، وله كذلك أنشطة إجتماعية فقد انتُخب نائبًا لرئيس نادي الجزيرة في فترة من الفترات، كما أنه الرئيس الفخري للجمعية المصرية للوقاية من الحريق.
وفي عام 2000 وبعد أن أبلى بلاءً حسنًا في أحد مشروعات الطاقة بدولة رومانيا، وجّه وزير الطاقة الرومانى الشكر لمصر - ممثلة في الدكتور على الصعيدى وزير ‏الكهرباء حينها - لأنها أنجبت عالما بقيمة شاكر، وقد تم تكليف د. شاكر بحقيبة الكهرباء والطاقة المتجددة للمرة الأولى في حكومة د. إبراهيم محلب، مارس عام 2014، ومن هنا فهو ثاني أقدم وزير في الحكومة الحالية، حيث تجددت الثقة به في وزارة د. شريف إسماعيل، ثم في وزارة د. مصطفى مدبولي، وكيف لا وقد نجح الرجل في تحويل العجز في الطاقة الكهربية إلى فائض خلال سنوات قليلة، ويبقى ملف ترشيد الطاقة وملف التحول الأخضر من أهم الملفات على أجندة الوزير في المرحلة الحالية.
ويتمتع د. شاكر بهواية التصوير الفوتوغرافي والتي بدأ ممارستها منذ دراسته للدكتوراه في انجلترا، لدرجة أنه يحتفظ بنحو 11 ألف صورة التقطها بكاميرا هاتفه الشخصي.
كما يحسب للدكتور شاكر إيمانه بقدرات الشباب المصري واقتناعه بالأكفاء منهم وهو ما يتمثل في منحه الثقة لعدد ليس بقليل أمثال: تلميذته مهندسة صباح مشالي التي نالت جائزة المرأة العربية واختيرت كواحدة من أفضل أربع مهندسات على مستوى العالم عام 2020 وتولت مؤخرًا رئاسة شركة نقل الكهرباء، وكذلك الباحثة المجتهدة أمل إبراهيم إسماعيل خريجة البرنامج الرئاسي.
ولا أجدني في حاجة للتأكيد أو القسم أنني لم أتشرف بلقاء د. شاكر حتى يومنا هذا، فقد قررت منذ مقالي المشار إليه آنفًا أن أركّز على الهدف طالما كان صادقًا ومجردًا من الغرض.
ولا أظن أن الرجل في حاجة لثنائي أو إشادتي لكننا نحن الذين نبقى في حاجة لذكر أمثاله من النماذج الوطنية المشرّفة حتى نقتدي بها ونقلد مسيرتها وننصح الأبناء ليحذوا حذو هذه الرموز في محبتهم للوطن فعلًا لا قولًا، ولهذا أقول بكل ثقة وإيمان وقناعة شكرًا دكتور شاكر وفي انتظار المزيد من العطاء لهذا الوطن وناسه.