رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد تدشين مراكز الإصلاح.. أبرز جهود الدولة في ملف السجون

مراكز الاصلاح
مراكز الاصلاح

بذلت أجهزة الدولة خلال السنوات الأخيرة مجهودات مضنية لإنشاء مجتمع أفضل خاصة في ملف السجون بتحويلها من “زنازين” للعقاب إلى مراكز تأهيلية تنقل السجين من إحساس المجرم إلى مواطن صالح يفيد المجتمع بعد إنهاء مدة سجنه.

وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي العام الماضي عن تدشين مجمع جديد للسجون في وادي النطرون يسمى «مركز الإصلاح والتأهيل» لتوفير سبل الإعاشة والرعاية الطبية والإنسانية للمحتجزين ومعاملة المحتجزين بطريقة آدمية، وبعد 43 يوما نظمت وزارة الداخلية جولة تفقدية بمركز الإصلاح والتأهيل بوادي النطرون التابع لقطاع الحماية المجتمعية بالوزارة، بحضور عدد من البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وممثلي المجالس الحقوقية ولجان حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ وعدد من الإعلاميين ومراسلي الوكالات الأجنبية، بعد تشييده في مدة لا تتجاوز 10 أشهر.

معايير حقوق الإنسان

وشهد قطاع الحماية المجتمعية بكافة المحافظات، في الفترة الأخيرة عملية تطوير، تؤكد التزامها بتنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان في ملف السجون، حيث توفر غذاءً صحيًا للنزلاء ومشروعات صناعية وزراعية وإنتاجية من مزارع الإنتاج الحيواني والداجن والسمكي وتعد من أهم سبل تنفيذ برامج التأهيل للنزلاء، وما من سبيل لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للسجون إلا لما يقوم به قطاع الحماية المجتمعية من عمليات التطوير للمشروعات القائمة والتوسع في إنشاء مشروعات جديدة يمكن من خلالها استيعاب أعداد أكبر من النزلاء سعيًا لتحسين أحوالهم المادية وتأهيلهم على النحو الأمثل. 

عمليات التطوير لم تقف عند هذا الحد، بل امتدت وصولا لوجود إجراءات صحية للنزلاء بشقيها الوقائي والعلاجي، فبمجرد أن تطأ قدم النزيل السجن يلقى رعاية طبية إذا استلزم الأمر، سواء من خلال مستشفيات السجون أو مستشفيات وزارتي الصحة والتعليم العالي في حالة تفاقم الأمر، كما تم زيادة الطاقة الاستيعابية للأسرة الطبية وعدد ماكينات الغسيل الكلوي وغرف العمليات للاهتمام بصحة السجناء، وتم استحداث عنابر جديدة للنزلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة وتجهيزها على النحو الذي يلائم حالتهم الصحية.

تحويل العقاب لإصلاح وتأهيل

يأتي ذلك استكمالا للنهج الذي سارت عليه الدولة المصرية في مجال حقوق الإنسان، وما انتهجته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهي أحد أهم ركائز الدولة الحديثة، وأعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي رؤية تتكاتف فيها كل مؤسسات الدولة على تحقيقها.

ومن خلال فلسفة جديدة لتحويل المؤسسات العقابية إلى مؤسسات إصلاح وتأهيل للسجناء بالمعني الحقيقي انتهجت وزارة الداخلية فلسفة عقابية حديثة، تتوافق مع المواثيق الدولية، التي تضمن الحفاظ على حقوق الإنسان، بدأ ذلك منذ ثورة 30 يونيو، وخلال الـ 9 السنوات الماضية، والتي شهدت تطورًا ملحوظًا على كافة الأصعدة، في إطار ما توليه الوزارة من رعاية واهتمام على كافة المستويات بقطاع الحماية المجتمعية، والاهتمام بأماكن الاحتجاز وتطويرها كإحدى الأولويات الجوهرية لمنظومة التنفيذ العقابي وفقًا لثوابت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكي تتحول وزارة الداخلية من جهاز متكامل لحفظ الأمن فقط إلى جهاز ومنظومة متكاملة لحفظ الأمن والرعاية واستبدلت وزارة الداخلية مصطلح قطاع السجون في الوزارة إلى قطاع "الحماية المجتمعية"، واستبدال كلمة "السجين" بـ«نزيل».

مركز إصلاح وادي النطرون

 

يقع «مركز الإصلاح والتأهيل» عند طريق مصر- الإسكندرية، وتم تشييده في مدة لا تتجاوز 10 أشهر وتبلغ مساحته مليون و700 ألف متر مربع، مما يجعله أكبر سجن تم بناؤه في مصر، وله مدخل ومخرج واحد، ويتكون من عدة مبان، ويضم مركزا للتأهيل والتدريب على الحرف، بالإضافة لمستشفى مركزي. 

وصمم المركز بأسلوب علمي وتكنولوجي متطور استُخدم خلاله أحدث الوسائل التكنولوجية، كما تم الاستعانة في مراحل الإنشاء والتجهيز واعتماد برامج الإصلاح والتأهيل على دراسات علمية شارك فيها متخصصون بكافة المجالات ذات الصلة للتعامل مع المحتجزين وتأهيلهم لتمكينهم من الاندماج الإيجابي في المجتمع عقب قضائهم فترة العقوبة.

ويضم المركز الذى تم إنشاؤه على مساحة 85 فدانا «3 مراكز فرعية» تم إعدادها لاستقبال النزلاء الذين يقضون مددا قصيرة أو ظروفهم لا تتيح لهم العمل في المواقع الإنتاجية التابعة لمراكز الإصلاح حيث يتم التركيز على تأهيلهم مهنياً في المجالات المختلفة وصقل هواياتهم المتعلقة بالأعمال اليدوية وتسويقها لصالحهم وروعي في تصميمها توفير الأجواء الملائمة من حيث التهوية والإنارة الطبيعية والمساحات المناسبة وفقاً للمعايير الدولية بالإضافة إلى توفير أماكن لإقامة الشعائر الدينية وأماكن تتيح للنزلاء ممارسة هواياتهم، وساحات للتريض.

كما يضم المركز، مركزاً طبيا مجهزاً بأحدث المعدات والأجهزة الطبية، بالإضافة إلى العيادات ويحتوى المركز الطبي على 175 سريرا وغرفتين للعمليات وغرفة لعمليات القسطرة و18 وحدة للعناية المركزة و11 عيادة و4 وحدات للغسيل الكلوي، ولأول مرة تم استحداث مركز لصحة المرأة يضم أحدث الأجهزة التشخيصية، ومجمعا للمحاكم والذى تم إنشاءه لتحقيق أقصى درجات التأمين، ويضم 4 قاعات لجلسات المحاكمة «منفصلة إدارياً» حتى يتم عقد جلسات علنية للنزلاء المحاكمة بها وتحقيق المناخ الآمن لمحاكمة عادلة يتمتع فيه النزيل بكافة حقوقه وتوفير عناء الانتقال للمحاكم المختلفة، كما يضم المركز مسجدا وكنيسة ومنطقة استراحات للعاملين وحضانة ملحقة لمركز تدريب النزيلات وملعبا متعدد الأغراض ومناطق للتريض وعددا من المنشآت الخدمية الأخرى.

ويقوم المركز بتقديم أوجه الرعاية الاجتماعية للنزلاء من خلال إنشاء سجل لكل نزيل يتضمن بحثا شاملاً عن حالته من النواحي الاجتماعية والنفسية، وما يطرأ عليها من متغيرات، مع مراعاة الاحتفاظ بالسرية التامة لتلك الأبحاث في إطار حماية سرية البيانات، فضلا عن دراسة شخصية النزيل دراسة شاملة لمعرفة ميوله واتجاهاته، تمهيدا لتحديد الأسلوب الملائم لتقويم سلوكه ومفاهيمه بالاستعانة بخبراء علم النفس والاجتماع، بما يؤهله للتآلف مع المجتمع بصورة إيجابية بعد الإفراج عنه.

بالإضافة إلى اهتمام المركز بتمكين وحماية المرأة النزيلة، من خلال العديد من البرامج التأهيلية وأوجه الرعاية المختلفة، التي تمتد إلى رعايتها اللصيقة لرضيعها، حتى بلوغ سن العامين، وتوفير المناخ والأماكن الملائمة لاستقبال أطفالها خلال الزيارات، لعدم التأثير السلبي على هؤلاء الأطفال من الناحية النفسية، بالإضافة لمد جسور التعاون مع منظمات المجتمع المدني لتدريبهن على الحرف والمهارات المختلفة. ومن ناحية أخرى كان لمتحدي الإعاقة من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل نصيب وافر من أوجه الرعاية، من خلال توفير وسائل الإتاحة بمرافق المراكز، ورسم خطط للمعاملة والعلاج والتوجيه بما يتناسب مع حالتهم الصحية والبدنية.

نقلة في حياة النزلاء

وقال اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، إن تغيير مسمى السجين إلى نزيل، وتأهيله ليخرج إلى المجتمع من جديد بعقلية مختلفة وإيجابي ومنتج دون العودة لعالم الجريمة، ليس هذا فحسب بل إن عملية التطوير والتغيير مستمرة حيث يتم تدريجيا وفقا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بإغلاق المزيد من السجون القائمة ونقل وتحويل النزلاء إلى مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة، والتي تمتلك إمكانيات حقيقية في إحداث نقلة في حياة النزلاء من خلال تعزيز قدراتهم على اكتساب الحرف التي تعينهم على العودة إلى سوق العمل بعد انقضاء فترة العقوبة، ويوجد في مركز وادي النطرون مشروعات إنتاجية كبيرة من مزارع للإنتاج الزراعي بالطرق التقليدية والصوب الزراعية، وتوجد مدارس ثانوي صناعي فني بموجب بروتوكول مع وزارة التربية والتعليم.

ستتم عملية غلق جميع السجون العمومية في المناطق السكنية، وسيتم مراعاة التوزيع الجغرافي المتوازن لأماكن الاحتجاز ويكفل الاستجابة الإنسانية لمتطلبات أسر نزلاء المؤسسات العقابية، لهذا نجد أن وزارة الداخلية تحولت إلى جهاز لحفظ الأمن والرعاية ليس فقط في قطاع الحماية المجتمعية ولكن في جميع القطاعات.