رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتبة الأمريكية سينثيا فرحات: السيسى بدأ ثورة التغيير فى الشرق الأوسط.. وحكمته ووطنيته تُخلدان اسمه فى التاريخ

الكاتبة الأمريكية
الكاتبة الأمريكية سينثيا فرحات

 

قالت الكاتبة الأمريكية سينثيا فرحات، إن الجهاز السرى لتنظيم الإخوان الإرهابى خلية عنقودية تتحكم فى كل أجنحة الجماعة فى كل البلاد التى يستهدفونها، مشيرة إلى أن الجهاز مسئول عن إدارة الوجهة السياسية للجماعة، كما هو مسئول عن أنشطتها السرية الاستخباراتية والمعلوماتية والدعائية والحربية.

وأضافت «سينثيا»، فى حوارها مع «الدستور»، بمناسبة صدور كتابها «الجهاز السرى: الإخوان المسلمون وصناعة الموت» أن هناك مشروع قانون فى الكونجرس الأمريكى، لإدراج الجماعة كتنظيم إرهابى، ولكن وزارة الخارجية وبعض أجهزة الاستخبارات تقف ضده بسبب تعاونها مع الإخوان، مرجحة أن أى رئيس جمهورى سيأتى إلى السلطة، خلال الفترة المقبلة، سيبادر باتخاذ ذلك القرار. 

وعبرت عن انبهارها بالإنجازات التى حدثت فى مصر، معتبرة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الذى بدأ ثورة التغيير فى الشرق الأوسط، وأنه على درجة من الحكمة والوطنية تجعل اسمه يخلد فى التاريخ مع قادة مثل مينا موحد القطرين والعبقرى الأمريكى توماس جيفرسون، والخديو إسماعيل الذى كان يلقب دوليًا بـ«إسماعيل الرائع»، لأنه نهض بمصر ثقافيًا ودينيًَا وفنيًا وأخلاقيًا وسياسيًا. 

■ ماذا عن الجهاز السرى لتنظيم الإخوان وكيف تستخدمه الجماعة؟

- الجهاز السرى لتنظيم الإخوان هو خلية عنقودية تتحكم فى كل أجنحة الإخوان فى كل البلاد التى يستهدفونها.

والجهاز مسئول عن إدارة الوجهة السياسية للجماعة، كما هو مسئول عن أنشطتها السرية الاستخباراتية والمعلوماتية والدعائية والحربية، ولدى المكتب العام فى كل الدول مندوب عن الجهاز الخاص، وهو يتولى تنفيذ أنشطته طبقًا للسياسات التى تضعها القيادة العامة للجهاز. 

هذه الهيكلية، وحتى اسم الجهاز السرى، اقتبسها الإخوان من نظام چوزيف ستالين، فـ«ستالين» حكم الاتحاد السوفيتى بقبضة حديدية تسمى أيضًا بالجهاز السرى أو المكتب الخاص. 

وقلد الإخوان هيكلية التنظيم السرى للحزب الشيوعى الألمانى، والحزب النازى، حيث تكون داخل الجهاز نفسه قيادات مدنية، وقيادات عسكرية لديها قسم سرى فى الجيوش الرسمية للدول المستهدفة، والقيادة العسكرية تتولى تنفيذ أوامر القيادة المدنية. 

فى عصر المرشد العام الثانى حسن الهضيبى، بدأ الجهاز السرى فى العمل المسلح تحت لافتات أخرى، بعد انكشاف أمر «تنظيم ٦٥»، وحافظ «الهضيبى» على هيكلية التنظيم الداخلية، ولكن بدأ يعطى ألقابًا أخرى للخلايا، لمحاولة تفادى انكشاف أمره لدى الحكومة المصرية. 

أول نموذج لذلك كان تنظيم «التكفير والهجرة» وتنظيم الفنية العسكرية. كلا التنظيمين عمل بشكل مباشر تحت سلطة الجماعة. ولكن «التكفير والهجرة» كان الخلية المدنية وتنظيم الفنية العسكرية كان الخلية العسكرية. وتستمر هذه الهيكلية إلى اليوم فى تكوين التنظيم فى الشرق والغرب، حيث يدير الجهاز السرى خلايا إرهابية بمسميات مختلفة مثل القاعدة، وداعش، وغيرهما. 

■ هل تورطت دول غربية فى التأسيس لمشروع الإسلام السياسى؟

- نعم هذا صحيح. وأنا عملت فى كتابى على الكشف التفصيلى عن تاريخ مشروع الإسلام السياسى، والذى يعود إلى ما يسمى بـالصحوة الإسلامية، منذ نشأتها على يد جمال الدين الأفغانى، وكذلك المشروع العثمانى الألمانى التخريبى فى الشرق الأوسط قبل وبعد الحرب العالمية الأولى. إذ عمل على تجييش الخطاب الإسلامى العام لتجنيد المحاربين. وكان أبرز مظاهر ذلك إصدار مجلة ألمانية تسمى «الجهاد» كان يتم نشرها بالعربية والألمانية خلال الحرب العالمية الأولى. وكان كتابها الثلاثة هم ماكس ڤون أوپنهايم، مستشار ڤيلهلم الثانى، والشيخ الشريف التونسى، والشيخ محمد الخضر حسين.  

■ فى كتابك تحذرين من خطورة الجماعة على المجتمع الأمريكى ودوائر صنع القرار.. كيف تغلغل التنظيم داخل هذه الدوائر؟

- بدأ الأمر عندما عملت المخابرات الأمريكية مع جماعة الإخوان بشكل رسمى بمباركة معظم الحكومات العربية والإسلامية عام ١٩٧٩، حينما مولوا المجاهدين فى الحرب السوفيتية الأفغانية، وتم تكليف الإخوان بمباشرة عملية التجنيد والحشد فى كل الدول فى الشرق الأوسط وباكستان بمباركة الحكومات وتحت إشرافها. 

وأحد أهم إفرازات ذلك العمل كان وضع خطة لنشر التطرف لتسهيل عملية التجنيد للجهاد. ولو أن فكرة استخدام الجهاد تعود لعهد القيصر ڤيلهلم الثانى، وبالتحديد فى آخر عشرين عامًا من القرن التاسع عشر.

ولم يتقن هذه الاستراتيجية الهدامة أحد مثلما أتقنها الأمريكان. وكما هو الحال مع كل الحكومات والأنظمة التى تعمل مع الجماعة، ومثلما تآمروا معهم، تآمروا أيضًا عليهم. وانقلب السحر على الساحر كعادة الحال، ووصل تسلل الإخوان إلى مناصب حساسة فى أجهزة الدولة فى الولايات المتحدة.

■ ما أبرز المجالات والدوائر التى حققت الجماعة اختراقات فيها داخل الولايات المتحدة؟

- للأسف الشديد، نجح الإخوان فى اختطاف المساجد فى الولايات المتحدة. فضمن معايير تولى إمامة المساجد المشهورة، أن يكون الإمام أو الشيخ عضوًا فى جماعة الإخوان. 

والمسلمون كثيرون جدًا فى الولايات المتحدة وبعضهم على اتصال مستمر بى، ويشكون مر الشكوى من ذلك الأمر. فلقد وصل الأمر إلى أن الإخوان كانوا يتهجمون بالضرب المبرح على كل من يتحدث ضدهم داخل المساجد الكبرى فى نيويورك على سبيل المثال. ومن قال هذا الكلام لى كان أحد الضحايا الذى تم الاعتداء عليه بالضرب داخل مسجد لإعلانه مساندة ثورة ٣٠ يونيو فى مصر. كما اختطف الإخوان منظمات المجتمع المدنى الإسلامية فى الولايات المتحدة. وهذا أيضًا أسهم فى تهميش الغالبية الساحقة من مسلمى أمريكا. 

■ هناك تداعيات سياسية وأمنية جراء استمرار سيطرة الجماعة على هذه المجالات.. حدثينا عنها؟

- أبرز التداعيات هو تخلخل أجهزة الدولة من الداخل. الإخوان قالوا فى وثيقة التنظيم السرى التى تسمى بـ«المذكرة التفسيرية» والشبيهة بوثيقتهم «فتح مصر»، إن الإخوان يعملون على تدمير أمريكا من الداخل بأيدى الأمريكان أنفسهم، وهذا المشروع سيكتمل إذا لم تفق الأجهزة الأمنية فى تلك الدول للكارثة التى تواجههم. 

■ ألا يوجد اتجاه فى واشنطن لتحجيم الجماعة وإعلانها إرهابية على غرار النمسا؟

- نعم، هناك مشروع قانون فى الكونجرس لإدراج جماعة الإخوان كتنظيم إرهابى. ولكن وزارة الخارجية وبعض أجهزة الاستخبارات تقف ضده بسبب عملها مع الإخوان. 

وكان الرئيس السابق دونالد ترامب ينوى وضعهم فى قوائم الإرهاب، ولكنه تأخر كثيرًا. ولكنى متأكدة أن ذلك سيطرح مجددًا مع انتخاب رئيس جمهورى جديد. المسألة ليست فى إدراج أمريكا الإخوان تنظيمًا إرهابيًا، ولكن السؤال هو متى سيحدث ذلك؟.

ويحتوى كتابى على كل الأدلة الدامغة التى تثبت أن الإخوان جماعة إرهابية، وأنا على علم بأن هذه المعلومات ستساعد صناع القرار فى أمريكا، ممن يرغبون فى إيقاف مهزلة تعاون أجنحة فى الدولة مع الإخوان فى نشر التخريب الدولى والمحلى. ونستون تشرشل قال: «أمريكا ستفعل الصواب، ولكن بعد أن يتأكدوا أن كل شىء لن ينجح». وهذا بالفعل ما يحدث الآن، بعض أجهزة الدولة فى أمريكا تظن أنها يمكنها أن تستعيد أيام المجد عبر العمل مع الإخوان كمرتزقة تخريب، ولكن بعد أن يكتشفوا أن أرض تجنيد الجهاديين بارت مع وجود قياديين إصلاحيين، مثل الرئيس عبدالفتاح السيسى وحكومة الإمارات وحكومة السعودية، لن يجدوا مفرخة تفرز الإرهابيين، مع وجود حكومات مستنيرة وعاقلة فى هذه الدول. 

■ كيف يمكن كشف أساليب الجماعة فى أوروبا، خاصة وهى تظهر دائمًا بمظهر الضحية ولا يعلن أعضاؤها عن انتمائهم إليها بشكل مباشر؟

- هذا سؤال فى غاية الأهمية، هناك شق فى جمعيات العمل المدنى يصدق بالفعل أن الإخوان ضحايا، ويطلق على هؤلاء لفظ «نادى الأبرياء»، وهو لفظ دارج أطلقه الشيوعيون فى الثورة البلشفية على أتباعهم ممن يصدقون دعاية الشيوعية. وهم أناس حسنو النية يساندون الأفكار والكيانات المعادية. أما عن الحكومات الأوروبية وأجهزتها، فهى تعلم طبيعة الإخوان جيدًا، ولكن الفساد فى أوروبا مئات أضعاف الفساد فى أمريكا. أمريكا يوجد فيها سياسيون شرفاء كثيرون جدًا، أما فى أوروبا فهذا الأمر أقل شيوعًا. ومع اختراق الإخوان أجهزة العديد من الدول الأوروبية، ومع الفساد ورغبة بعض الأجهزة فى استخدام التنظيم للتخريب، أوروبا ستقلد الولايات المتحدة الأمريكية عندما تدرجهم تنظيمًا إرهابيًا. 

أما عن الشق الثانى من السؤال، فلقد وضعت فى كتابى أربعة معايير من صفحة ٣٤٨، للكشف عن الخلايا الإخوانية المستترة. وضعتها بطريقة تضمن أنه لا يمكن لأى إنسان برىء أن يتهم ظلمًا بانضمامه إلى الجماعة ولا يمكن أن يكون هناك عضو فى خلية إخوانية، إلا إذا توافرت به أربعة شروط.

■ ما الشروط الأربعة؟

- أولًا: الانخراط المتعدد فى أنشطة الإخوان العامة، مثل المؤتمرات، والندوات، والحوارات العامة، والتظاهرات، أو العمل الجهادى. 

ثانيًا: الظهور المتعدد مع أفراد يعرّفون أنفسهم على أنهم قادة محليون ودوليون لجماعة الإخوان. فعضو الإخوان لا يريد فقط أن يكون حاضرًا فى مناسبات ومؤتمرات إخوانية، ولكنه أيضًا يريد أن يتحلى بمكانة داخل الجماعة بظهوره مع قياديين أو أعضاء مشهورين فيها. ويعمل العضو الإخوانى على الظهور المتعدد مع أفراد يماثلونه فى الترتيب الهرمى فى هيكلية التنظيم. فعلى سبيل المثال، إذا ظهر فرد بشكل متكرر مع الرئيس رجب طيب أردوغان، يكون هذا بمثابة علامة على مكانته فى التنظيم، ويشير لاحتمالية أن يكون المسئول عن التنظيم الدولى والسرى فى الدولة التى يقيم فيها، أو يكون من ضمن نوابه المقربين. 

ثالثًا: أن يلتزم العضو بتعليمات مكتب الإرشاد. لأنه لا يُسمح لأعضاء الإخوان إلا بالتعبير العلنى عن الآراء والخطاب السياسى الذى يتوافق مع توجيهات مكتب الإرشاد ومواقفه تجاه القضايا الثقافية والسياسية. على سبيل المثال، بعد أن أعلن «القرضاوى» عن أن «أردوغان» هو سلطانهم الجديد فى مؤتمر «شكرًا تركيا» عام ٢٠١٦، أضاف نشطاء الإخوان فى جميع أنحاء العالم العلم التركى والعثمانى إلى صورهم على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعى.

رابعًا: تحقق الزيجات الإخوانية، إذ يمكن أن تكون الحالة الزوجية للشخص المشتبه به مؤشرًا مهمًا فى الكشف عن ترتيبه وموقعه فى المجموعة، حيث لا يُسمح للأعضاء بالزواج إلا ضمن نفس الهيكل الهرمى فى التنظيم. إذا كان المشتبه الفرد قيد التحقيق ذكرًا، فيمكن الكشف عن منصبه فى الإخوان من خلال فحص ترتيب الأقارب الذكور لزوجته داخل الجماعة. وإذا كان المشتبه بها أنثى، فيمكن الكشف عن ترتيبها فى التسلسل الهرمى للمجموعة من خلال منصب والدها والأعضاء الذكور الأكبر سنًا فى عائلتها. 

وعندما تكون كل هذه المؤشرات الأربعة موجودة بلا استثناء، من الممكن أن تستنتج السلطات المحققة أن العميل هو بالتأكيد عضو فى جماعة الإخوان.

■ هل تتوقعين سقوطًا مرتقبًا للجماعة فى الغرب على غرار ما حدث فى مصر وتونس والمغرب والسودان؟

- سقوط الجماعة أمر حتمى كأى تنظيم إجرامى. على سبيل المثال، لم يكن يتخيل أحد سقوط المافيا فى الولايات المتحدة، بعد سيطرتها على الجريمة المنظمة فى أمريكا لنحو ١٥٠ عامًا، وكانت لديهم علاقات مع رؤساء أمريكيين مثل جون كينيدى، وكانوا أكثر شرفًا وحنكة واتزانًا من الإخوان بكثير، والآن لا نسمع عن المافيا خارج أفلام هوليوود القديمة واندثر تنظيمها، والذى اشتق منه الإخوان هيكلته الداخلية للأسرة الإخوانية. 

أما عن توقيت سقوط الإخوان، فهذا فى علم الغيب. من الممكن أن يحدث فى أى وقت. خاصة إذا كان يريد الديمقراطيون تحسين صورتهم فى أمريكا، فمن الممكن أن يتخلصوا من عبء تورطهم مع الإخوان لتحسين وضعهم الانتخابى. 

■ ما تقييمك للتعامل الحاسم للدول العربية، خاصة مصر مع التنظيمات الإرهابية والمتطرفة؟

- أنا فى حالة انبهار من الإنجازات التى تحدث فى دول الإمارات والسعودية ومصر. أما عن مصر تحديدًا، فالرئيس عبدالفتاح السيسى هو الذى بدأ ثورة التغيير فى الشرق الأوسط. وتعجز الكلمات عن التعبير عن مدى امتنانى وتقديرى له. فهو على درجة من الحكمة والوطنية تجعلان اسمه يُخلد فى التاريخ مع قادة مثل مينا موحد القطرين والعبقرى الأمريكى توماس جيفرسون، والخديو إسماعيل الذى كان يلقب دوليا بـ«إسماعيل الرائع»، لأنه نهض بمصر ثقافيًا ودينيًا وفنيًا وأخلاقيًا وسياسيًا. 

فى كتابى عقدت مقارنة بين الخديو إسماعيل الرائع والرئيس السيسى الرائع أيضًا، بسبب الإنجازات التى تشبه المعجزات، والتى تحققها حكوماته كل يوم على كل الأصعدة وليس فقط فى ملف مواجهة الإرهاب. 

من الصعب أن يقدر بحق قيمة ونبوغ هذا السياسى الحكيم، إلا من نظر فى أعين الشر مثلى، وأنا أبحث منذ ٢٣ عامًا فى ملف الإخوان، ومن هم على شاكلتهم، قبل أن أقرر كتابة هذا الكتاب. فأنا أحلم بأن أقابل الرئيس السيسى شخصيًا فى يوم من الأيام وأصافحه، وأشكره على كل ما فعل من أجل مصر والعالم أجمع. 

كيف يمكن للولايات المتحدة التعاون مع دول المنطقة فى مواجهة مخاطر التنظيمات المتطرفة؟

- التيارات اليسارية المتطرفة فى أمريكا لن تتعاون مع دول المنطقة خاصة مصر، إلا عندما تستطيع الاعتراف بحقيقة هزيمة الإخوان إلى الأبد. فهى لا تريد أن تحرق تلك الورقة الرابحة إلا إذا تأكدت أن الجماعة بالفعل فقدت سلطتها على التجنيد للإرهاب والحشد ضد الدولة المصرية وباقى دول المنطقة.