رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المشاط»: مصر رائدة في برامج مبادلة الديون من أجل التنمية والحفاظ على المناخ

جانب من فعاليات المنتدى
جانب من فعاليات المنتدى

تعد مبادلة الديون لاغراض التنمية من الآليات الفعالة لمساندة الدول في مواجهة الأزمات المالية خاصة فى ظل التحديات الراهنة التى يمر بها العالم نتيجة الحرب في أوروبا وارتفاع تكلفة الاقتراض خاصة لبلدان قارة إفريقيا.

وهذا هو ما أكده المشاركون في منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF2022، حيث تناولت المناقشات دور آلية مبادلة الديون فى تعزيز التنمية الخضراء والشاملة لاسيما لبلدان قارة أفريقيا، وتحديد العوامل والمتطلبات الرئيسية التي تسمح بتنفيذ عمليات مبادلة الديون للدول الأفريقية بشكل ناجح فضلا عن ضرورة أهمية تنفيذ برامج تبادل الخبرات وبناء القدرات بين دول قارة أفريقيا للاستفادة من النماذج الناجحة في عملية مبادلة الديون.

وقالت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، إن مصر تتطلع إلى تعزيز الاستفادة من آليات مبادلة الديون لتنفيذ مزيد من المشروعات التي تجمع بين الجانب الإنمائي والجانب المناخي خلال الفترة المقبلة كجزء من استراتيجية المناخ 2050، والمنصة الوطنية للمشروعات الخضراء "نُوفّي"، مشددة على أن الأزمات الاقتصادية التي تواجهها الدول النامية تحتم عليها الاستعانة بوسائل متنوعة لتمويل مشروعات المناخ من خلال آلية مبادلات الديون.

جاء ذلك في الجلسة النقاشية الرابعة من اليوم الثاني بمنتدي مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF 2022 في نسخته الثانية والمقام خلال الفترة من 7 إلى 9 سبتمبر الجاري، وانعقدت الجلسة تحت عنوان "مبادلة الديون من أجل الاستثمار المستدام".

وشارك في الجلسة - إلى جانب المشاط -  كل من الدكتورة شيرين الشرقاوى مساعد أول وزير المالية للشئون الاقتصادية بالنيابة عن وزير المالية الدكتور محمد معيط، والسيد فلافيان جوبير وزير الزراعة والبيئة والمناخ في سيشل، والدكتور محمود محيي الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، وتوماس سيبرنا الرئيس الإقليمي للمرونة والسواحل والمحيطات في الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، السيدة جيل دوتشي الرئيس التنفيذي لمجموعة بوتوماك بشكل افتراضي، والسيد سلاف جاتشيف المدير العام للديون المستدامة في ناتشر فيست.

وألقى الكلمة الختامية في الجلسة، جان بول آدم مدير قسم التكنولوجيا وتغير المناخ وإدارة الموارد الطبيعية في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، بينما أدارت الجلسة السيدة مبنا العريبي رئيس تحرير صحيفة ذا ناشيونال.

وأوضحت المشاط أن مصر استهلت برنامج مبادلة الديون مع إيطاليا في عام 2001 ووصلت قيمته الإجمالية حاليًا إلى نحو 350 مليون دولار لتغطية مجالات هامة تشمل كلا من الأمن الغذائي والزراعة والمجتمع المدني ومعالجة مياه الصرف الصحي مشيرة إلى أنه مع بدء المشروعات لم تكن الدولة تستهدف تنفيذ أجندة مناخية ولكنها استهدفت مواجهة المتغيرات المناخية في المشروعات التنموية . كما تتسم هذه المشروعات بانها ذاتية التصميم  فكل المشروعات مصممة ومنفذة وفقا للاجندة التنموية للحكومة المصرية وليس مفروضة عليها من قبل اي جهة خارجية.

كما ألقت المشاط الضوء على مشروعات مبادلة الديون مع ألمانيا والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 240 مليون يورو وتركز على قطاعات هامة للتغير المناخي مثل كفاءة استخدام الطاقة إلى جانب جودة التعليم أيضًا.

وجدير بالذكر أنه تم توقيع المرحلة الأولى من برنامج مبادلة الديون المصرية الإيطالية من أجل التنمية في عام 2001 وبلغت قيمته 149.09 مليون دولار، وتم استخدام المقابل المحلي للمبلغ بالكامل في تمويل 54 مشروعًا في محافظات مصر في العديد من القطاعات بينما تم الاتفاق الثاني في 2007 وبلغت قيمته 100 مليون دولار وتم من خلال هذا الاتفاق تمويل 32 مشروعًا في قطاعات تنموية مختلفة مكافحة الفقر وخلق وظائف جديدة بتكاليف منخفضة من خلال نظام إدارة المخلفات الصلبة، وإنشاء محطة معالجة الصرف بمدينة الروبيكي.

وتم توقيع المرحلة الثالثة من مشروع مبادلة الديون مع إيطاليا في 2012 وتبلغ قيمته 100 مليون دولار ويتم استخدام المقابل المحلي لهذه الأموال في تمويل المشروعات المتفق عليها في إطار خطة الدولة في مجالات الأمن الغذائي، والتعليم والتعليم العالي، والزراعة، والمجتمع المدني، والبيئة والحفاظ على التراث الحضاري.

وأكدت الدكتورة شيرين الشرقاوى، مساعد أول وزير المالية للشئون الاقتصادية أهمية تمويل مشروعات تنموية مناخية عبر آلية مبادلة الديون مع توجيه الاستثمار نحو مشروعات تحقق التنمية واستخدام مدفوعات الفوائد في هذه المشروعات.

وقالت أن الدول النامية تعمل خلال الفترة الحالية على توجيه التمويل إلى مشروعات التنمية المستدامة والمناخ غير أنها ذكرت أن التحدي الأكبر في الوقت الراهن هو الطبيعة الثنائية لمقايضات الدين، حيث أن 90% من مقايضات الديون ذات طبيعة ثنائية ولكن مصر تدرس حاليًا إبرام اتفاقيات متعددة الأطراف لمبادلة الديون بدلًا من الآليات الثنائية المتعارف عليها. 

وقالت جيل دوتشي الرئيس التنفيذي لمجموعة بوتوماك أن عددًا من الدول الأفريقية يواجه مخاطر الجفاف وتحتاج القارة إلى تنفيذ المشروعات تستهدف مواجهة التغير المناخي وهو ما يستلزم ضخ استثمارات ضخمة وهو ما يعتبر تحديًا كبيرًا خاصة بعد الأزمات الاقتصادية التي تواجهها الدول والمشكلات الإضافية بسبب الحرب في أوكرانيا.

ودعت دوتشي المجتمع الدولي وشركاء التنمية إلى اتخاذ موقف موحد وتخصيص تمويل دولي لكثير من المشروعات خاصة وأن الجميع الآن على علم بالتحديات ولكن الحلول لا تزال أقل من المأمول، مشيرة إلى أن مبادلات الديون شكل من أشكال تمويل مشروعات التغيرات المناخية وتعتبر أحد الخيارات التمويلية في هذا الإطار.

وذكرت أن الدول تتطلع إلى الحصول على تمويلات مستدامة من شركاء التنمية، مشددة على أهمية تحسين مشاركة القطاع الخاص في المشروعات والتمويلات أيضًأ.

وألقى السيد جاي كولينز نائب رئيس مجلس الإدارة للاستشارات المصرفية وأسواق رأس المال في بنك سيتي، الضوء على عدد من النقاط الإيجابية بشأن إمكانية شطب الديون الرسمية في مقابل تنفيذ مشروعات تنموية بيئية حيث من شأن آلية مبادلة الديون المساهمة في المحافظة على البيئة والمناخ.

واعتبر أن انضمام المنظمات غير الحكومية NGOs  إلى المشهد المناخي هو أحد أهم الإيجابيات أيضًا، حيث تتمتع هذه المنظمات بالقدرة على المساهمة في حل مشكلات التمويل كما يمكنها دعم الدول التي  لا تستطيع القيام بالتمويل الذاتي حيث توجد 53 دولة في العالم لا تستطيع تمويل مشروعاتها المناخية بنفسها.

وأضاف: هناك دور محوري يلعبه الاستثمار الموضوعي، والذي يجب أن يوجه لمشروعات في قطاعات مناخية وتنموية معينة.

أكد فلافيان جوبير، وزير الزراعة والبيئة والتغير المناخي في سيشيل أن بلاده لديها خبرة جيدة في مجال مقايضة الديون استفادت منها في بناء مشروعات تخدم أهدافها التنموية والمناخية، مضيفا أن بلاده نجحت في تفعيل السندات الزرقاء، وهي أداة حديثة نوعًا ما من أدوات الدين لتنفيذ مشروعات في قطاع المياه والمحيطات.

وأكد جوبير أن مقايضة الديون آلية شديدة الأهمية لتمويل الأنشطة التنموية والمناخية في أفريقيا والدول النامية بصفة عامة، قائلا إنه يفضل أن يطلق على هذه الآلية اسم "مقايضة الديون من أجل الطبيعة" وهي نقطة انطلاق قوية للدول التي تعاني من أعباء الدين نحو تعزيز الشراكات الدولية وتحقيق أهدافها التنموية وتخفيف عبء الديون عن كاهلها في الوقت ذاته.

وأفاد بأن مقايضة الديون تحتاج إلى آليات محددة منها تعزيز التعاون مع شركاء التنمية سواء كانت دول أو منظمات، ووضع أطر لهذا العمل المشترك لضمان استمراره في المستقبل.

وأوضح أنه من المهم عند التفاوض مع الدول الدائنة، التحدث من منطلق تعزيز العلاقات وتعظيم دورها كشريك في العمل التنموي في الدول المدينة، مشيرًا إلى أهمية أن يكون لدى الدول النامية الثقة في النظم والسياسات الاقتصادية لديها وتطويرها إذا لزم الأمر لتعزيز القدرة على جذب مختلف أشكال وأدوات التمويل بما في ذلك مبادلة الديون.

وتحدث جوبير عن أساسيات مقايضة الديون قائلاً إن الالتزام بالتنفيذ الفعلي وتطوير السياسات الخاصة بالاستثمار ومختلف أشكال التمويل للمشروعات التنموية هي عوامل من شأنها تشجيع الاقتصادات الكبرى والمنظمات الدولية على التعاون مع الدول النامية والأسواق الناشئة في هذا الشأن.

أفاد توماس سبيرنا الرئيس الإقليمي المرونة والسواحل والمحيطات بالاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، بأن السندات الخضراء والزرقاء تمثل أهمية في تمويل العمل التنموي بصفة عامة وتحقيق الهدف الرابع عشر من اهداف التنمية المستدامة الخاص بالحفاظ على البيئة البحرية والحياة تحت سطح البحر بصفة خاصة.

وأكد سبيرنا أن خلق اقتصاد أزرق لا يقل أهمية عن التحول إلى الاقتصاد الأخضر، مشيراً إلى أن الهدف الخاص بالحياة البحرية والمحيطات يحصل على أضعف نسبة من التمويل مقارنة بجميع أهداف التنمية المستدامة الأخرى. وشدد على حاجة العمل التنموي الخاص بالبحار والمحيطات لتمويل ضخم، الأمر الذي يتطلب خلق ظروف مواتية للشراكات والتعاون.

وأشار إلى أن تفعيل أدوات التمويل المبتكر وخاصة مقايضة الديون يتطلب ثلاثة عناصر أساسية هي وجود قيادة اقتصادية قوية بالبلدان النامية تثق في قدراتها ومن ثم تقنع الجهات المقرضة بمقايضة الديون أو تخفيفها، مضيفا أن العنصر الثاني هو وجود رؤية واضحة لدى الدول النامية تعتمد على المعايير الأداء الدولية، أما العنصر الثالث فهو ترجمة هذه الرؤية إلى عمل فعلي.

واختتم سبيرنا مشاركته بالقول: إذا كان العالم يضع أهداف محددة لعام 2030 فعلينا جميعاً أن نعلم بأن عام 2030 سيأتي غداً، الأمر الذي يتطلب العمل بجد وبسرعة والاستثمار في الجهد والتعاون البناء لتحقيق التنمية المنشودة.