رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء لـ«الدستور»: لقاء العلمين تدشين لتحالف جديد يحمى مصالح المنطقة العربية

لقاء العلمين
لقاء العلمين

شدد خبراء ومحللون سياسيون عرب على أهمية لقاء قادة مصر والأردن والعراق والإمارات والبحرين فى مدينة العلمين الجديدة، مشيرين إلى مجيئه فى توقيت بالغ الأهمية بالنسبة لدول المنطقة.

ونبّه الخبراء والمحللون السياسيون العرب، فى حديثهم مع «الدستور»، إلى أهمية هذا اللقاء فى اتخاذ موقف عربى موحد لمجابهة التغيرات التى تهدد دول المنطقة، خاصة فى ظل التحولات الدولية الجارية.

واستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، بعد ظهر أمس، فى مطار العلمين، بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، كلًا من الملك عبدالله الثانى بن الحسين، ملك الأردن، والملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، ومصطفى الكاظمى، رئيس الوزراء العراقى.

وقال المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، السفير بسام راضى، إن الرئيس السيسى رحب بزيارة ضيوف مصر الكرام فى لقاء أخوى خاص، معربًا عن التقدير والمودة التى تكنها مصر، قيادةً وشعبًا، للأواصر التاريخية الوثيقة التى تجمعها بأشقائها من الدول العربية.

وشهد هذا اللقاء تبادل وجهات النظر بين الزعماء بشأن تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية، والاستغلال الأمثل لجميع المجالات المتاحة لتعزيز التعاون بينهم.

محمد الصوافى: ضرورى وحتمى فى ظل التدخلات الدولية ويواجه الأزمات العالمية

قال محمد خلفان الصوافى، المحلل السياسى الإماراتى، إن لقاء العلمين فى غاية الأهمية نظرًا لوجود الكثير من الملفات العربية التى تحتاج إلى مناقشة سياسية من قبل زعماء المنطقة، للخروج برؤية مشتركة بشأنها، فضلًا عن قرب انعقاد القمة العربية فى نوفمبر المقبل.

وأوضح «الصوافى» أن «ما تشهده المناطق الشمالية العراقية والسورية من تدخلات عسكرية أجنبية يأتى على رأس هذه الملفات، كما أن الأوضاع العربية الداخلية تحتاج إلى وقفة حقيقية، كما هو الوضع فى العراق، الذى سيكمل الشهر العاشر دون تشكيل حكومة وسط وضع ملتهب للغاية، علاوة على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة فى فلسطين».

وأضاف: «لقاء العلمين يؤكد أهمية العمل العربى المشترك فى حماية مصالح دول المنطقة، لأنه لا بديل عن ذلك، خاصة أن التدخلات الإقليمية لن تتوقف، كما أنه يجدد الإشارة إلى وجهة النظر العربية تجاه الأزمات العالمية، تلك القائمة على أن الحوار والنقاش هو أفضل الطرق لمعالجة الأزمات، وعلى رأسها الحرب الروسية- الأوكرانية، والتجاذب الأمريكى الصينى بشأن تايوان».

وواصل «الصوافى»: «اللقاء يبعث رسالة إلى العالم كله مفادها أن تصعيد هذه الأزمات ليس فى مصلحة أى دولة فى العالم وليس العرب فقط، فضلًا عن مناقشة المجتمعين فيه أزمتى الغذاء والطاقة، فى ظل أن الدول المجتمعة فاعلة فى إقليمها والعالم، ولديها رؤيتها فى القضايا الدولية».

وحول التعاون بين مصر والإمارات فى مجال الطاقة والعلاقات الثنائية بشكل عام، أكد «الصوافى»: «العلاقة بين مصر والإمارات فى مجال الطاقة بشكل عام، والطاقة المتجددة تحديدًا، تتطور وتنمو بشكل مستمر منذ فترة، وتتعاظم فى الفترة الحالية، على ضوء استضافة مصر الدورة ٢٧ لقمة الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، ثم استضافة الإمارات الدورة ٢٨ من القمة، وبالتالى التعاون مستمر وسيكون أكبر فيما هو قادم».

وأضاف «الصوافى»: «العالم يعقد آمالًا كبيرة على قمة المناخ المقبلة فى مصر، فى نشر الوعى حول أهمية الحفاظ على البيئة، ومحاولة إيجاد بعض الحلول للحد من الأعمال الإنسانية التى تهدد المناخ، خاصة أنها القمة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا».

وأكمل: «المصريون كما هو معروف عنهم سيعملون على إنجاح اللقاء العالمى، وسيساعدون قادة العالم والمهتمين بالمناخ من منظمات وأفراد للخروج بقرارات تسهم فى وضع إجراءات عملية للحد من ارتفاع الحرارة بما يحافظ على استمرار الحياة الطبيعية، وهو ما سبقه سعى الحكومة المصرية وبذلها العديد من الجهود فى هذا الإطار، وإطلاقها عدة مبادرات لها علاقة بالحدث العالمى، إلى جانب صياغة استراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ حتى ٢٠٥٠».

وتابع «الصوافى»: «الكل يعرف طبيعة العلاقات الثنائية بين مصر والإمارات، ومدى التكامل بين الدولتين، وهو ما تعززه العلاقة الشخصية التى تربط الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالرئيس عبدالفتاح السيسى، وهى علاقة عميقة جدًا، وسط حرصهما على التشاور والتنسيق الثنائى فى كل المواقف».

وتطرق إلى احتمالية أن يكون الغاز الإفريقى بديلًا عن الغاز الروسى بالنسبة للدول الأوروبية، قائلًا: «الاهتمام بالثروات الطبيعية ومنها الغاز فى القارة الإفريقية ليس جديدًا، وإن كانت وتيرة الاهتمام به زادت بعد الحرب الروسية- الأوكرانية، وكما أنه من حق روسيا إدارة الأزمة مع الغرب بالطريقة التى تراها مناسبة، فإن للأوروبيين الحق أيضًا فى إيجاد بدائل كى لا يكونوا أسرى قرارات روسيا وغيرها».

وأضاف «الصوافى»: «يمكن أن تكون هذه الأزمة فرصة للدول الإفريقية من أجل زيادة دخلها القومى، مع تأكيد أهمية الحوار لخلق أرضية للتفاهم، بالطريقة التى لا تؤذى البشرية».

نايل الجوابرة: يعزز العمل المشترك فى الاقتصاد والتنمية الشاملة

رأى نايل الجوابرة، المحلل الاقتصادى الإماراتى، أن من أهم مخرجات لقاء القادة العرب فى العلمين هو تعزيز العمل العربى المشترك، خاصة فى مجال التعاون والتكامل الاقتصادى، وتحقيق التنمية المتكاملة، لمواجهة مشكلات مثل الفقر والبطالة، واستعادة الانتعاش الاقتصادى فى جميع الدول العربية. وقال «الجوابرة» إن «التعاون بين دولة الإمارات ومصر الحبيبة يتمثل فى وجود شراكات وعلاقات أخوية متنامية، تحولت إلى نموذج يحتذى به فى كثير من العلاقات الدولية، على ضوء وجود إرادة بين قيادتى الدولتين لتوفير دعم كبير لهذه العلاقات، وهذا ما يبحث عنه كل مواطن عربى، وهو وجود تكامل وتعاون بين دول الأمة».

وتحدث عن استضافة مصر قمة المناخ «COP 27» فى نوفمبر المقبل، التى تدعم تحول الدول النامية والناشئة إلى الاقتصاد الأخضر، والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية فى السنوات المقبلة.

وأشار إلى إطلاق مصر عدة مبادرات ترتبط بقمة المناخ المنتظرة، مثل برنامج «نُوفِّى»، الذى يستهدف إقامة الحكومة المصرية عدة «مشروعات خضراء» فى قطاعات مثل الطاقة والمياه والغذاء، فى إطار الاستراتيجية المصرية للتغيرات المناخية ٢٠٥٠.

إحسان الشمرى: تركيز على الأمن الإقليمى والتغيرات المناخية

أكد إحسان الشمرى، رئيس مركز التفكير السياسى العراقى، أن اللقاء الخماسى ركز على عدة ملفات، أبرزها الأمن الإقليمى والتعاون المشترك والطاقة البديلة والتكامل الصناعى والاستثمار والتغيرات المناخية، وكذلك التشاور فى القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأوضح أنه من لقاء بغداد إلى اجتماع العلمين يثبت العراق حضوره الجيوسياسى، وأنه لم يعد متلقيًا، بل انتقل إلى مستوى الفاعل الإقليمى والدولى، وذلك بعدما نجحت حكومة مصطفى الكاظمى فى تقديم يفرض نفسه على الجميع من خلال احترام سيادة العراق وموقعه ونظام مصالحه.

وأضاف «الشمرى»: «جاء العراق إلى لقاء العلمين كدولة إقليمية مكتملة الشروط، وعلى الرغم مما تمر به العملية السياسية من منغصات، إلا أن حضور العراق بات جزءًا من سياسات المنطقة الاستراتيجية، حيث يدرك المشاركون مدى أهمية موقعه الجغرافى وحساسياته الديموغرافية».

وأشار إلى أن حضور العراق فى العلمين فى هذه المرحلة الانتقالية عالميًا، حيث يشهد العالم إعادة تموضع دولى، إنما هو اعتراف إقليمى بأنه شريك فى أقلمة السياسات الدولية، ومؤثر فى الاستقرار العالمى، ويمتلك كل الإمكانات؛ لكى يصبح دولة ارتكاز إقليمية، شريكة فى رسم سياسات المنطقة. 

واعتبر «الشمرى» أن رؤية رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمى فى السياسة الخارجية للعراق كانت عاملًا أساسيًا فى التحولات العربية والإقليمية والدولية فى التعاطى معه، وهى رؤية تتبنى سياسة الحوار مع الجوار ما أدى إلى خفض مستوى التوتر، ودفعت الخصوم الإقليميين للجلوس إلى طاولة الحوار فى بغداد.

وأضاف: «بين فكرة تحييد العراق عن صراعات المنطقة، وإنهاء فكرة أن يكون دولة تشكل تهديدًا لاستقرارها، أو ممرًا للتقويض أو مكانًا لتصفية الحسابات- انتقل العراق إلى موقع الشراكة الجيوسياسية والجيواستراتيجية». 

وتابع: «سياسيًا، انضم العراق، فى العلمين، رسميًا إلى دول الاستقرار العربية، وبات شريكًا فى رسم التفاهمات العربية والإقليمية ونظام مصالحها المشتركة؛ لأن ذلك من ضروريات الأمن الجماعى العربى والإقليمى، وذلك بعيدًا عن مزايدات بعض المتضررين وبعض المشككين بإمكانية نجاح مثل هذه القمم، خاصة أن مخرجات هذه القمم لم تتنازل لا عن الثوابت العربية، فيما يخص الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، ولم تتورط فى خلافات مع أى جار إقليمى».

عبدالقادر النايل: استكمال الربط الكهربائى وتعاون فى مجال الطاقة

أكد المحلل الأردنى، عبدالقادر النايل أن مخرجات الاجتماع تعتمد فى المقام الأول على العوامل الاقتصادية، خاصة فيما يخص استكمال الربط الكهربائى بين الدول المشاركة، مؤكدًا أن ذلك يعزز التنسيق والتكامل الاقتصادى ودمج الشعوب والتواصل، وهو ما يعكس حالة جديدة من الوحدة والعمل المشترك الذى غاب عن الدول العربية لعقود من الزمن وسيكون حالة إيجابية. 

وأوضح «النايل» أن التعاون بين مصر والأردن قديم ومتجذر، مشددًا على أهمية تنمية المشروعات المشتركة بما يعزز مصالح الشعبين، وهو ما ينعكس إيجابًا على عموم المنطقة بتوفير فرص عمل عديدة ورفع المستوى الاقتصادى.

وأشار إلى ضرورة الاعتماد على النفس دون الحاجة للغير، وهو ما يترتب عليه استقرار القرار السياسى وفتح المزيد من أوجه التعاون بين الدولتين، وتطور العلاقات المصرية الأردنية ووصولها إلى أفضل مستوياتها.

وأضاف «النايل»: «الغاز العربى سيكون البديل الأوفر أمام أوروبا والعالم خلال الفترة المقبلة، وأدعو الدول العربية التى تمتلك الخبرة فى استخراج الغاز بأن تساعد غيرها من الدول الإفريقية لاستغلال الأزمة العالمية».

وتابع: «هناك فرصة نادرة أمام الدول العربية بأن تلعب دورًا محوريًا عن طريق استغلال مواردها من الغاز الطبيعى والبدء فى تصديره إلى أوروبا التى ستعانى فى الشتاء المقبل نتيجة توقف إمدادات الغاز الروسى».

على البيدر: الدول العربية بحاجة إلى التكاتف لمواجهة التحديات

شدد على البيدر، المحلل السياسى العراقى، على أن الدول العربية المشاركة فى اجتماع العلمين بحاجة إلى التعاون والوقوف معًا فى ظل هذه الظروف العالمية، وأيضًا توحيد الصف العربى لا سيما فى مجال الطاقة، معتبرًا أن هذه الدول تشكل كتلة وجبهة جديدة للطاقة فى المنطقة لتكون أحد مصدرى الطاقة على المستوى العالمى، لا سيما أن الدول المشاركة تمتلك الموارد البشرية والمساحة الجغرافية وصولًا إلى خزين هائل من الطاقة يمكن استثماره فى المشاريع المستقبلية.

وأوضح «البيدر» أنه يجب توحيد الصف فيما يتعلق بمواجهة تغير المناخ، وكذلك ملف الطاقة ومساعدة الدول التى بحاجة إلى مصادر تمويل خاصة بالطاقة، والاستفادة من الخبرات والإمكانات.

وعن العلاقات المصرية العراقية، أضاف أن العلاقة بين البلدين على المستوى الشعبى أو السياسى فى أفضل حالاتها، معتبرًا أن البلدين أدركا أهمية التعاون مع بعضهما بعضًا والاستفادة من تجاربهما، مضيفًا: «العراق لن يدخر جهوده أو موارده لدعم مصر، وفى التوقيت نفسه مصر تقف إلى جانب بغداد دومًا».

وأشار إلى أنه من المحتمل أن تصبح مصر من الوجهات العالمية لتصدير الغاز والطاقة، لا سيما أن لديها إمكانات كبيرة فى هذا المجال، فضلًا عن أنها أسست بالفعل العديد من المشاريع فى مجال الطاقة، معتبرًا أن القاهرة قد تأخذ مكان الغاز الروسى فى التصدير لأوروبا.