رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زكى مبارك.. أديب حصل على 3 شهادات دكتوراه ونال وسام الرافدين العراقى

زكي مبارك
زكي مبارك

الدكتور زكي مبارك، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1892، حصل على ثلاث شهادات في الدكتوراه، واشتهر بديوانه "ليلى المريضة في العراق"، ولد بمركز سنتريس بمحافظة المنوفية، لأسرة ميسورة الحال، وحفظ القرآن في عمر السابعة، وحصل على شهادة العالمية من الأزهر، وليسانس الآداب من الجامعة المصرية في العام 1921، وبعد حصوله على درجة الدكتوراه الثالثة، سافر للعمل في العراق بدار المعلمين.

أحب العراقيون زكي مبارك، حيث كتب ثلاثة كتب عن العراق الأول بعنوان "من وحي بغداد"، والكتاب الثاني "ملامح المجتمع العراقي" والذي صدر عام 1942، والكتاب الثالث "ليلى المريضة في العراق" الصادر عام 1939، حتى أنه حصل على وسام الرافدين العراقي في العام 1947.

كان والد زكي مبارك فلاحًا ينتمي إلى إحدى الطرق الصوفية، وهو يرسم لنا في مقدمة كتابه "التصوف الإسلامي" صورة تبين تعلقه المبكر بالتصوف: "كنت في حداثتي– كأكثر من ينشأون في الريف– أشهد مجالس الصوفية، وكنت أعرف وأنا طفل أني موصول بصلات روحية مع أهل هذه الطريقة".

حصل الدكتور زكي مبارك في العام 1924 على شهادة الدكتوراه الأولى له عن أطروحته "الأخلاق عند الغزالي"، وبعد سنوات يحصل على الدكتوراه الثانية من السوربون برسالة بعنوان "النثر الفني في القرن الرابع"، وحاز الدكتوراه الثالثة عام 1937 من الجامعة المصرية عن أطروحته "في التصوّف الإسلامي"، ورغم ذلك لم يُعين في الجامعة أستاذًا وعاش حياته ناقمًا على هذه المؤسسة التي أهملته وجعلته يقضي حياته في أروقة وزارة المعارف.

يكتب في إحدى مقالاته: "تنصحني يا هذا بأن أجامل، وأن أتصنع، بل تريد أن أنافق٬ ويحك٬ إنما ينافق الضعفاء".. وكانت هذه العبارة تمثل شخصية زكي مبارك الذي عاش حياته عنيدًا، غريبًا، لم يحصل على مكانته الحقيقة في الحياة، وعاش يؤمن أن ثمة مؤامرات تحاك ضده.

في العام 1938 يسافر الدكاترة زكي مبارك إلى بغداد للتدريس في دار المعلمين العالية وتعد رحلته إلى العراق مرحلة مهمة في حياته، وقد ظل زكي مبارك يربط بين رحلته إلى باريس ورحلته إلى العراق، ويؤكد أن إقامته في العراق من أخصب سنين حياته، وقد شغف مبارك بالعراق، بل إنه ذهب في شغفه وحبه إلى أبعد الحدود عندما قرر أن يلبس السدارة البغدادية٬ وأعلن أنه سفير للعراق في مصر، سجل حبه هذا في كتاب بعنوان "من وحي بغداد" صدر عام 1938.

 محطات في حياة زكي مبارك

عاصر زكي مبارك ثورة 1919، وهو أديب من الطراز الأول، ألف حوالي 40 كتابًا، من بينها: مدامع العشاق، وحي بغداد، حب ابن ربيعة وشعره، ليلي المريضة في العراق، التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق، النثر الفني في القرن الرابع، الموازنة بين الشعراء، إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي، اللغة والدين والتقاليد في حياة الاستقلال، البدائع، ذكريات باريس، الأسمار والأحاديث، الأخلاق عند الغزالي، عبقرية الشريف الرضي، رسالة الأديب، العشاق الثلاثة، وغيرها.

 سهرة في قهوة الجامع

في كتابه "ذكريات باريس"، يكتب زكي مبارك، إلى صديقه "أحمد الزين"، عن تجربة له في عاصمة النور والملائكة باريس، حدثت وقائعها في 29 سبتمبر 1930 فيقول: «إني ذكرتك في قهوة الجامع، وذكرت معك قهوة الحلمية، وهي قهوة سخيفة لا هي بالجديدة ولا هي بالقديمة، ولا أعرف لأي سبب هجرتم من أجلها قهوتكم الأولي التي كانت تسمي "قهوة الآداب"، وقد كان يظن أنها سميت بذلك من أجل حضراتكم، ولعنة الله علي العقوق، هي قهوة سخيفة لا تحفظ شيئًا من تقاليد الماضي، وخير منها في هذا المعني قهوة "أحمد عبده" في حي سيدنا الحسين».

ويمضي زكي مبارك في خطابه لصديقه أحمد الزين: «أما قهوة الجامع في باريس فهي تختلف عن قهوتكم أشد الاختلاف، هي قهوة عربية  بكل معاني الكلمة، وتذكر القادم عليها بقهوات القاهرة وبغداد والأستانة والقيروان، فحيثما رفعت بصرك فمناظر عربية وإسلامية طريفة لا نقص فيها ولا تحريف، وأنت حين تجلس في قهوة الجامع تروعك الموسيقى الشرقية التي تطالعك بأجمل الألحان. 

وفي القهوة مغنون، بعضهم من تونس وبعضهم من بغداد، وفيهم من الإسكندرية، وقد سمعت في الليلة الماضية طائفة من القصائد وطائفة من المواويل والأدوار المصرية المغربية، وليتك كنت معي لتعرف كيف يحيا ابن هانئ الأندلسي حين يردد المغني قوله في ترجيع مملوء بالعطف والحنان: حسبوا التكحل في جفونك حلية.. تالله ما بأكفهم كحلوك.. ودعوك نشوي ما سقوك مدامه.. لما تمايل عطفك اتهموك».