رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إزالة الكربون في المقدمة.. حلول لمواجهة آثار التغيرات المناخية الجامحة

اثار التغيرات المناخية
اثار التغيرات المناخية

بدأت العديد من الدول ومنها مصر، في وضع حلول عاجلة وخطة متكاملة لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، خاصة وأنه يلوح في الأفق العديد من الحلول التي تتشبث بها الدول ومنها عزل الكربون وإزالة غاز ثاني أكسيد الكربون هذا المصطلح الذي بات يتردد بقوة في الآونة الأخيرة.

يأتي ذلك في الوقت الذي نرى فيه العالم يحشد جهوده أكثر من أي وقت مضى لمعالجة أزمة التغيرات المناخية والاحترار العالمي، والتي أصبحت حديث الساعة باعتبارها أزمة تهدد كوكب الأرض وآثارها السلبية تلقى بظلالها على جميع القطاعات ومناحي الحياه ، 

وسيتم لأول مرة التطرق لجوانب عديدة بهذا الملف، خاصة مع استضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) خلال شهر نوفمبر بمدينة شرم الشيخ وتخصيص يوما خلال المؤتمر "لإزالة الكربون" من العمليات الخاصة بقطاع البترول، لذلك وجب التطرق إلى نقاط عديدة في هذا الملف ومنها التعريف العلمي بمصطلح إزالة الكربون وتبسيط هذا المفهوم للمواطنين وعلاقته بمصطلح الهيدروجين الأخضر، وكيف سيساهم في الحد من آثار ظاهرة التغيرات المناخية، والأهداف المحددة في مجال إزالة الكربون، والتكنولوجيات وتكلفتها لاستخدام عمليات إزالة الكربون وكيف سيتم نقل هذه التكنولوجيا للدول النامية، كما سيتم التطرق إلى إزالة الكربون من قطاع هام وهو العمليات الخاصة بقطاع البترول .

في البداية، قال الدكتور سمير طنطاوي، استشاري التغيرات المناخية عضو الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ IPCC ومدير مشروع الإبلاغ الوطني الرابع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، إن المقصود بالتعريف العلمي لإزالة الكربون هو إزالة الكربون بالطرق الطبيعية من الغلاف الجوى من خلال عمليات كيميائية أو فيزيائية أو حيوية.

وأوضح أن الانتشار الأوسع خلال الفترة الأخيرة يشمل عزل الكربون من خلال عمليات صناعية أو بشرية، ومن أشهر طرق عزل الكربون المعروفة هو قنص وتخزين ثاني أكسيد الكربون في مختلف المجالات أشهرها محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري، ويتم تعزيز المحطات بتكنولوجيات قنص ثاني أكسيد الكربون بحيث أن كمية ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الخاص بتشغيل المحطة لا تنطلق إلى الغلاف الجوى، ولكن يتم قنصها ثم تخزينها في تكوينات جيولوجية بمواصفات معينة وغالبا ما تكون آبار نفطية ناضبة حتى تكون الصخور غير مسامية، وبالتالي يضمن عدم تسرب ثاني أكسيد الكربون الذي يتم تخزينه في هذه التكوينات الجيولوجية..مشيرا إلى أن إزالة الكربون هو عملية تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لنشاط معين وهذا ينتج عنه ما يسمى باقتصاد منزوع الكربون.

وحول إزالة الكربون ودوره في حل مشكلة التغيرات المناخية أكد الدكتور سمير طنطاوي، إذا تم إزالة الكربون لن تحدث ظاهرة التغيرات المناخية الجامحة الناتجة عن زيادة تركيزات غازات الاحتباس الحراري.. منوها بأنه إذا تم إزالة الكربون ستقل حدة الظواهر المناخية الشديدة مثل الحر الشديد والبرد والأمطار الشديدة والفيضانات وموجات التصحر وكل هذه الآثار السلبية فإزالة الكربون والوصول إلى اقتصاد معزول الكربون ممكن أن يؤدى إلى حل مشكلة التغيرات المناخية.

وبشأن العلاقة بين إزالة الكربون والهيدروجين الأخضر أوضح الدكتور سمير طنطاوي أن الهيدروجين الأخضر هو وقود المستقبل ،كما يطلق عليه وهو الحصول على الهيدروجين من خلال الفصل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة للمحلل الكهربائي، الذي يقوم بفصل عناصر المياه والحصول عليه من خلال بعض أنواع الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي، واستخدام هذه التكنولوجيات خاصة الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة للمحفز الذي يقوم بالفصل الكيميائي لعناصر المياه يعتبر تطبيق هام من تطبيقات إزالة الكربون.

وأكد طنطاوي أن الأهداف المحددة في مجال إزالة الكربون تتمثل في أن إزالة الكربون هو الحل لمشكلة التغيرات المناخية حاليا، لضمان الوصول إلى مستوى قياسي من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ستؤدى إلى تحقيق ما تم الاتفاق عليه في اتفاق باريس للمناخ، بعدم ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوى إلى ٥ر١ درجة مئوية مما يتطلب خفض كبير في الانبعاثات.

وأوضح أن هذا هو ما قامت بإعداده الوكالة الدولية للطاقة بإعداد خطة طموحة لخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام ٢٠٥٠ أي انبعاثات شبه صفرية، وهذه الخطة حددت العديد من الإجراءات التي يلزم تنفيذها بحلول عام ٢٠٣٠ للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام ٢٠٥٠،ومن ضمن هذه الإجراءات على سبيل المثال لا يوجد استكشافات جديدة للوقود الحفري أو استكشافات بترول جديدة و خفض انبعاثات غاز الميثان، من إمدادات الوقود الحفري بنسبة ٧٥% بحلول ٢٠٣٠ لأن غاز الميثان له خاصية احترار عالية فخفضه يؤدى إلى خفض غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير.

ونوه بأن من ضمن أهداف خطة الوكالة الدولية الاستثمار في الطاقة النظيفة بحيث يتضاعف بحوالي ٣ مرات لحوالي خمسة تريليونات دولار سنويا بحلول ٢٠٣٠ ، وتحسين كفاءة الطاقة بنسبة ٤% بحلول ٢٠٣٠ ، والوصول بالطاقة المتجددة إلى أربع أضعاف مستوياتها بحلول ٢٠٣٠ ،ومن ضمن الأهداف أيضا رفع نسبة مبيعات السيارات الكهربائية من ٥ إلى ٦٠ % عام ٢٠٣٠ مع توقف كامل لبيع السيارات التقليدية بحلول ٢٠٣٥ ..لافتا إلى أن هذه الخطة الطموحة إذا تم تنفيذها سنصل إلى الحياد الكربوني سنة ٢٠٥٠ ،ويتبقى على المجتمع الدولي الالتزام بمسؤولياته والعمل على تنفيذ هذه الخطة الطموحة.

ورصدت وكالة أنباء الشرق الأوسط في تقريرها، ما يتعلق بعمليات إزالة الكربون من قطاع البترول و الجهود المصرية في مجال إزالة الكربون .

وفى هذا الصدد، أكد الدكتور سمير محمود القرعيش، نائب رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية لتحول الطاقة والاستدامة، أنه في ضوء توجهات الدولة المصرية للتحول نحو الطاقة النظيفة وخفض انبعاثات الكربون وتحقيق التنمية المستدامة في إطار رؤية مصر 2030 والتي تركز على الطاقة كعنصر اقتصادي لتحقيق الاستدامة، واستراتيجية الطاقة في مصر حتى عام 2035 والتي يجرى تحديثها حالياً حتى عام 2040، واتفاقية باريس للمناخ التي صدقت عليها مصر والتي تهدف لدعم الاستجابة العالمية لمخاطر التغير المناخي، فبادرت مصر بتطبيق خطوات جادة لتطبيق نموذج تنموي مستدام يأتي تغير المناخ والتكيف مع آثاره في القلب منه .

وقال ا"لقرعيش" إن هذا النموذج يهدف إلى دعم ترشيد وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والتوسع في استخدام الغاز الطبيعي، والتوسع في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة من خلال زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة في مصر لتصل إلى نحو 20% بنهاية العام الحالي ، و42% بحلول عام 2035، وتحديث استراتيجية الطاقة 2035 لتشمل الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة، والاعتماد على النقل النظيف من خلال التوسع في شبكات المترو والقطارات والسيارات الكهربائية وتجهيز البنية التحتية اللازمة لذلك، والوصول بنسبة المشروعات الخضراء الممولة حكومياً إلى 50% بحلول 2025 و 100% بحلول 2030.

وفيما يخص أنشطة قطاع البترول والثروة المعدنية في مجال إزالة الكربون للعمل على خفض الانبعاثات الكربونية، ينفذ القطاع العديد من المشروعات والبرامج في مجالات تحسين كفاءة الطاقة، تنمية استخدامات الغاز الطبيعي، استغلال الغازات البترولية المصاحبة، استرجاع غاز الميثان واستخدام الطاقة المتجددة وجاري التخطيط لمشروعات لالتقاط وتخزين واستخدام الكربون وإنتاج الهيدروجين.

واستعرض الدكتور سمير محمود القرعيش جهود وزارة البترول في هذه المجالات، مشيرًا إلى ترشيد وتحسين كفاءة استخدام الطاقة حيث تم إطلاق برنامج متكامل لرفع كفاءة استخدام الطاقة بكافة شركات القطاع منذ عام 2015، وقد شمل هذا البرنامج محورين أساسيين؛ المحور الأول يتعلق بإعداد الإطار المؤسسي والقانوني الذي يدعم تفعيل أنشطة كفاءة الطاقة بقطاع البترول، أما المحور الثاني فيشمل تنفيذ العديد من المشروعات منها كثيفة الاستثمارات والتي تهدف إلى تعظيم القيمة المضافة للعمليات الإنتاجية، مع استخدام أحدث التكنولوجيات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة بشركات القطاع.

وأشار إلى تنمية استخدام الغاز الطبيعي من خلال إحلال الغاز الطبيعي محل الوقود السائل في توليد الكهرباء، وهناك خطة طموحة للتوسع في استخدام الغاز الطبيعي في المنازل والمصانع والغاز الطبيعي المضغوط في السيارات، واستغلال الغازات البترولية المصاحبة حيث وقعت وزارة البترول والثروة المعدنية عام 2017 على مبادرة الأمم المتحدة الخاصة بمنع الحرق الروتيني للغازات البترولية المصاحبة بحلول عام 2030، و تم تنفيذ العديد من المشروعات لاستغلال الغازات البترولية المصاحبة، كما تم البدء في تقييم واسترجاع غاز الميثان من مواقع الإنتاج ووحدات معالجة الغاز الطبيعي.

وأضاف أنه يتم حاليا إعداد دراسات لتنفيذ قائمة من المشروعات التي تساهم في تحول مصر إلى الطاقة النظيفة، وخفض الانبعاثات الكربونية لمشروعات قطاع البترول منها مشروعات لالتقاط وتخزين واستخدام الكربون وإنتاج الهيدروجين واستخدام الطاقة المتجددة وخاصة في شركات استخراج البترول.

وذكر أن استضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) خلال شهر نوفمبر القادم بمدينة شرم الشيخ، يعد فرصة كبيرة لتعزيز الجهود المصرية في هذا الصدد عبر التعاون مع دول العالم و الشركات العالمية والمؤسسات الدولية لإطلاق مبادرات واقعية قابلة للتطبيق لمواجهة ظاهرة تغير المناخ وتحقيق التحول فى مجال الطاقة.