رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة آخر «كسوة مصرية» للكعبة المشرفة.. تزيّن متحف الحضارة (صورة)

كسوة الكعبة
كسوة الكعبة

على مدار 7 قرون وأكثر، ظلّت مصر تنسج كسوة الكعبة المشرَّفة وكان لها شرف صناعتها وخروج المحمل الشريف إلى الأراضي المقدسة، في أجواء احتفالية عظيمة يحضرها كبار رجال الدول ومشايخها، محملاً بالكسوة المشرِّفة إلى أرض الحجاز حيث الكعبة ويرافقها عددًا من حجاج بيت الله الحرام فيما يشبه اليوم البعثة الرسمية للحج.

وبدأت مصر في صناعة كسوة الكعبة المشرَّفة في عهد ثاني الخلفاء الراشدين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أوصى بصناعة كسوة الكعبة بالقماش المصري المعروف بالقباطي الذي اشتهرت بتصنيعه مدينة الفيوم وينسب اسمه إلى أقباط مصر، فضلاً عن أفخر وأفضل أنواع الثياب والأقمشة التي كان يُصنَّعها المصريون ومهارتهم في النسج.

وظلَّت كسوة الكعبة تُرسل من مصر إلى أرض الحجاز بانتظام وبصورة سنوية، حتى توقّفت مصر عن إرسالها في عهد محمد علي باشا بعد صدام قوي حدث في الأراضي الحجازية بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والقافلة المصريَّة للحج في عام 1807م، لكن أعادت مصر إرسال الكسوة في العام 1228هـ، ثُمَّ  توقَّفت عن ذلك تمامًا بعد عام 1962.

قطعة من كسوة الكعبة في متحف الحضارة

تقبع كسوة الكعبة الأخيرة التى صنعتها مصر عام 1963 ضمن مجموعة خاصة داخل متحف الحضارة المصرية الذي يحتوي على نموذج لمحمل الكسوة بشكله القديم ومفتاح الكعبة، ونظراً للحجم الكبير للكسوة الأخيرة المصنوعة فى مصر فإن الجزء المعروض منها حالياً هو باب الكعبة ويبلغ طوله أكثر من 3 أمتار، ولا يزال الجزء المتبقى من الكسوة فى مخازن متحف الحضارة إلى الآن.

خاضت الكسوة الأخيرة للكعبة رحلة طويلة حتى استقرت فى مكانها الأخير بمتحف الحضارة، ولكن قبل ذلك كانت داخل متحف قصر الجوهرة فى القلعة، فيما عكف فريق من المرممين على إعادة تأهيلها من خلال تدعيم وترميم الخيوط الذهبية والفضية.

والتقطت "الدستور" صورة خاصة لكسوة الكعبة الأخيرة التي صنعتها مصر، لوضعها ضمن المقتنيات الأثرية المعروضة في المتحف القومي للحضارة المصرية.

تاريخ كسوة الكعبة

يرجع تاريخ كسوة الكعبة إلى عهود قديمة، حيث كساها الرسول (ص) بالثياب اليمانية، ثم كساها الخلفاء الراشدون من بعده بالقباطي والبرود اليمانية، فيما استمر العمل في كسوة الكعبة في عهد بنى أمية، والعصر العباسي، وعصر المماليك، وفي مستهل المحرم من عام 1346هـ.

يبلغ عدد العاملين في إنتاج الكسوة 240 عاملاً وموظفاً وفنياً وإداريًّا، وتصنع كسوة الكعبة المشرفة من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود المنقوش عليه بطريقة الجاكار عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، "الله جل جلاله"، "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"، "يا حنان يا منان".

ويوجد تحت الحزام على الأركان سورة الإخلاص مكتوبة داخل دائرة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية، ويبلغ ارتفاع الثوب 14 مترا، ويوجد في الثلث الأعلى من هذا الارتفاع حزام الكسوة بعرض 95 سنتمترا، وهو مكتوب عليه بعض الآيات القرآنية ومحاط بإطارين من الزخارف الإسلامية ومطرز بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي بالذهب، ويبلغ طول الحزام (47) مترا، ويتكون من (16) قطعة.

تشتمل الكسوة على ستارة باب الكعبة المصنوعة من الحرير الطبيعي الخالص، ويبلغ ارتفاعها 7 أمتار ونصف وبعرض أربعة أمتار مكتوب عليها آيات قرآنية وزخارف إسلامية ومطرزة تطريزا بارزا مغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب، وتبطن الكسوة بقماش خام.