رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العساف لـ«الدستور»: زيارة ولى العهد السعودى لمصر تحمل بُعدًا اقتصاديًا مهمًا

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان

أكد الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن العساف، أستاذ الإعلام السياسي والكاتب السعودي، أن العلاقات السعودية المصرية تكتسب أهمية خاصة في ظل تسارع التغيرات الدولية والإقليمية التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين القاهرة والرياض.

وشدد «العساف» على أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تحمل بُعدا اقتصاديا مهما خصوصا مع ارتفاع أسعار الطاقة من ناحية، وربما تأزم سلاسل الإمدادات وخصوصا القمح الذي تستورد جزءًا كبيرًا منه الدول العربية من روسيا وأوكرانيا ويشكل الأمن الغذائي لما يزيد على ثلاثمائة مليون عربي.

شراكة تاريخية بين مصر والسعودية

وأوضح العساف في تصريحات خاصة لـ«الدستور» أن الحديث عن العلاقات السعودية المصرية هو حديث عن تاريخ طويل وعريق بين البلدين الشقيقين، تربطه أواصر قوية واحترام متبادل، وعلاقات وثيقة على كافة المستويات وفي كافة مجالات التعاون في خدمة المصالح المشتركة للبلدين، وخدمة القضايا العربية والإسلامية، والأمن والسلم الدوليين.

وعلى الصعيد العربي، تؤكد الخبرة التاريخية والأحداث المختلفة حسب العساف أن الرياض والقاهرة هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.

وأضاف "عند الحديث عن العلاقات السعودية المصرية لا بد أن نستحضر كلمات الملك عبد العزيز رحمه الله (لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب) وهي حقيقة أكدتها الأيام والأحداث المتلاحقة التي مرت بها منطقتنا العربية، وسجل التاريخ مساهمات عديدة للسعودية ومصر في إنهاء الأزمات في المنطقة وإعادة الاستقرار لها".

تنسيق مصرى سعودى لحماية الإقليم

وأكد الكاتب السعودي أن الأحداث الأخيرة التي يمر بها العالم من تداعيات الأزمة الأوكرانية خير شاهد حيث أعادت للواجهة الدور السعودي المصري وضرورة التنسيق بينهما في مساندة القضايا العربية، وحفظ أمنها واستقراراها وتنسيق الموقف العربي تجاه ما يحدث في العالم الذي نحن جزء مهم منه نؤثر ونتأثر بمجرياته، فهما مركز ثقل في الأحداث لا يمكن تجاوزه، فالسعودية ومصر دولتان وازنتان في الإقليم وفي العالم وعليهما بحكم مكانتهما مسئولية مشتركة في النأي بمنطقتنا عن الصراعات الدولية وحفظها من الانحياز إلا لمصالحها. 

وقال العساف إن العلاقات السعودية المصرية تكتسب أهمية خاصة في ظل تسارع التغيرات الدولية والإقليمية التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين المملكة ومصر حيث تجمع السياستين السعودية والمصرية رغبة مشتركة في الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم وبالخصوص في المنطقة ويعبر البلدان في كل مناسبة عن ارتياحهما التام لتطور العلاقات الثنائية في مختلف مجالاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والدفاعية وعن تطابق وجهات النظر حيال الكثير من القضايا المشتركة.

وأشار الكاتب السعودي إلى أن ما يميز العلاقات السياسية الخارجية للمملكة أنها علاقات متوازنة وهادفة مع جميع العواصم العالمية المتقدمة والمتطورة وهذا يحسب للسياسة السعودية التي استطاعت تبني سياسة معتدلة ومتزنة وهادئة مكنتها من خدمة مجتمعها وشعبها وفي نفس الوقت حافظت على قيمها ومبادئها الإسلامية الأصيلة.

ونوه العساف إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يؤمن بوحدوية القرار الإسلامي والعربي، ويراهن على أن مصير هذه المنطقة لا يجب أن يُترك لغير دولها أو يُهمل لتعبث به قوى اقليمية أو دولية المنطقة أحوج إلى التكاتف لا إلى التنافر، ومن هنا تأتي عمليات التشاور والتنسيق بين السعودية ودول الخليج ومصر.

وأضاف: «الخطوة الأولى للتعامل الرشيد مع هذه الأوضاع هي أن يسود إدراك مشترك بين العرب أنهم هم الذين سيدفعون الثمن، إن لم يكن بينهم تعاون نابع من المصلحة العامة وتصفير المشاكل فمثل هذا الإدراك العام والمشترك والذى يعلو فوق الخلافات هو الذى يمكن أن يفتح الباب أمام عمل مشترك يتحول فيه العرب أخيرا إلى صانعين لمستقبلهم ومشاركين على قدم المساواة مع هذه القوى الأخرى العالمية والإقليمية في تشكيل مستقبل العالم على نحو يضمن الأمن والرخاء للجميع حيث يبدو أننا أمام أعظم تهديد يواجهنا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية يسعى لإعادة رسم الخرائط وإنشاء نظام عالم جديد».

وقال إن جولة ولي العهد الخارجية التي انطلقت البارحة، من أجل تنسيق الأدوار وترتيب الأوراق لمواجهة التحديات والعقبات التي قد تهدد مستقبل المنطقة واستقرارها، ولم يكن اختيار مصر لتكون المحطة الأولى في الجولة، من فراغ، وإنما لرغبة ولي العهد الصادقة بأن يكون التنسيق بين الرياض والقاهرة فاتحة تلك الجولة، التي تشمل عمان وأنقرة.

الملفات الأمنية والاقتصادية

وأضاف: «كما رأينا فقد تصدرا ملفا الأمن والاقتصاد قائمة الملفات خلال هذه الزيارة، من خلال توقيع مذاكرات تفاهم واتفاقيات بقيمية تتجاوز سبعة مليارات دولار، بالإضافة للعمل على إتمام عملية الربط الكهربائي التي ستوفر طاقة كهربائية للبلدين خصوصا أن وقت الذروة بينهما 6 ساعات يمكن الاستفادة منها، والتغلب على انقطاع التيار الكهربائي وقد تطورت العلاقات الاقتصادية بشدة بين الدولتين خلال الفترة الأخيرة عبر العديد من القنوات يأتي على رأسها التبادل التجاري، وأيضا الاستثمارات السعودية في مصر، والعكس فضلا عن حركة العمالة الواسعة بين الدولتين». 

وأمنيا أوضح المحلل والكاتب السعودي أنه من المهم التشاور والتنسيق بين القيادتين في القمة المرتقبة خلال الشهر المقبل بين دول الخليج العربي ومصر والعراق والأردن من جهة والرئيس الأمريكي من جهة أخرى بالإضافة لبحث تداعيات الازمة الأوكرانية على المنطقة، وملف الأزمة اليمنية.

وأشار إلى أن كل ما سبق من حراك سعودي على الصعيدين الإقليمي والدولي يمكن اختزاله بأنه نموذج سعودي فريد في السياسية الخارجية الناجعة والنابعة من رؤية سياسية، وركائز لبيت الحكمة السياسي الذي دشنه السعوديون مؤخرا في المنطقة في مقاربة فاعلة لعدد من ملفات المنطقة الساخنة من العراق إلى اليمن.