رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كفاكم نبشًا للقبور!

سمير صبري كان متجوز، سمير عمره ما اتجوز، لأ ده اتجوز مرتين، سمير كان عنده ولد، لأ معندوش ولد، لأ ده عنده بدل الولد ولدين، سمير كان خياله واسع وحكاية ابنه دي كانت كذبة بيضا، سمير كان بيحلم، سمير كان وكان وكان، يحدث هذا كله ولم يكد يمر أسبوعان على رحيل الرجل، فخبروني بربكم عن ماهية ما يمكن أن يكتب أو يقال في متن هذا المقال ليقدم توصيفًا يليق بتلك الحالة العبثية التي تبعث على الضيق، والتي وصلنا إليها بفضل الدش وقنواته، والنت بصفحاته وترينداته! سمير صبري كان إنسان ومات، الله يرحمه ويرحم الأموات بتنبشوا في قبره ليه؟ كان عنده ولد أو ماكانش، هيفيدنا ده في إيه؟! لقد رحل الرجل إلى رحاب ربه وأفضى إلى ما قدم فلماذا يتسابق البعض إلى حشر أنوفهم على اختلاف أنواعها وأشكالها وأحجامها، مدببة كانت أو "مكعبرة"، محدبة كانت أو مدورة، طويلة، كبيرة، أو قصيرة في موضوع غير مفيد؟
وأنا لا أقصد هنا توجيه الإساءة إلى أحد، كوني أحترم الجميع "حتي وإن كرهت أنوفهم" ولكن الأمر مستفز وما أكثر المتطفلين!
لم يكن سمير صبري هو أول من تلوك سيرته الألسن ولن يكون الأخير، فالقائمة طويلة والأسماء كثيرة والأنوف متنوعة، ولعل اللافت في الأمر، أنها ذات الأنوف ونفس تلك الألسنة، التي سبق لها أن تناولت من قبل سير كل الراحلين بداية من عبدالحليم حافظ وحكاية زواجه من سعاد حسني، وعادل أدهم وقصة ابنه من زوجته اليونانية التي أخذته وهربت، وحياة أم كلثوم الخاصة، إلى آخره من سير"المرحومين" هي من تلوك الآن سيرة المرحوم سمير وكأنهم متخصصون في نبش قبور الراحلين، وهم الذين لم ينبثوا بكلمة من كل ما يقولونه الآن أثناء حياة الفنانين، فلماذا نفعل هذا بموتانا لمجرد أنهم من المشاهير؟! 
يقول الكاتب الأمريكي أوليفر وندل هولمز، إن الإنسان "كل إنسان بلا استثناء" إنما هو ثلاثة أشخاص في صورة واحدة، الإنسان كما خلقه الله والإنسان كما يراه الناس والإنسان كما يري هو نفسه، لو اقتنعنا أو أدركنا أو اتفقنا أو صدقنا مقولة السيد هولمز، وتعاملنا مع الفنان على أنه فنان "فقط"  واللاعب لاعب "فقط" والأديب أديب والسياسي سياسي ......إلخ إلخ  لأرحنا واسترحنا ولأشفقنا وترفقنا بكل الراحلين ولنأي البعض بنفسه عن الرقص على جثثهم بالتطرق إلى أمور تخصهم ولا تعنينا، وقد تؤلمهم في قبورهم وتؤذينا أو فلنقل لن ترضينا، سمير صبري وسعاد حسني وأم كلثوم وعادل أدهم وعبدالحليم وغيرهم كانوا فنانين ومبدعين، أسعدونا بأعمالهم وتفوقوا على غيرهم، قد تتفاوت لدى البعض درجات قبولهم، قد يختلف البعض على شخوصهم، قد تختلف الآراء حول أعمالهم، ولكن ما لا خلاف عليه أنهم كانوا بشرًا، يسري عليهم ما يسري على باقي البشر، ماتوا ورحلوا إلى بارئهم وباتوا لا يملكون شيئًا من أمر أنفسهم، فلنذكرهم بالخير إن استطعنا أو لنصمت وليسعنا صمتنا. 
نسأل الله أن يحفظ بلادنا ويحسن ختامنا.