رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ممشى أهل مصر!

في بلدان العالم المتقدم، يحرص المواطنون هناك على سلامة الأبنية والحدائق والمنشآت العامة والمرافق كحرصهم على أملاكهم الشخصية وممتلكاتهم العائلية، ليس من أجل شيء سوي أنهم قد فطنوا إلى أهمية هذه الأبنية وتلك المرافق، ووعوا وفهموا وأدركوا أنها قد أنشئت من أموالهم بهدف تحسين أحوالهم فتعاملوا معها معاملة الشخص العاقل لشيء يملكه "هو شخصيًا يملكه" ولو ملكية اعتبارية مؤقتة تنتهي بمغادرته للمرفق وتتجدد عند معاودته التعامل من جديد معه! يحدث هذا في أغلب بلدان الدنيا ولا يحدث عندنا في أم الدنيا! حقيقة ينبغي علينا أن نصارح بها أنفسنا، لكي نقيم الحجة علينا ويكون في انتقادنا لنا محفز علي إصلاحنا وصلاح أحوالنا، الطريقة التي تعامل بها بعض أبناء مصر مع ممشي أهل مصر تؤشر لنا بوضوح على وجود خلل في سلوكيات البعض، وتقودنا إلى حقيقة أخرى مفادها أنه يوجد الآن بيننا بعض من كارهي الخير لبلدنا، فلم يكد يمر شهران على افتتاح الممشي حتى طالته أيادي المخربين وعبث به المستهترون، ولست أدري على وجه اليقين هل هو استهتار أم استخسار؟ أم أنها الكراهية المدثرة بثوب الاستسهال وأحيانًا الاستهبال هي من دفعت بالبعض إلى تشويه معلم جميل تكلف إنشاؤه ٤٥٠ مليون جنيه، دفعتها الدولة عن رضا من أجل الترويح عن مواطنيها شأنها في هذا شأن الدول التي وصفناها بالمتقدمة، والتي يزورها البعض ثم يعود منها ليصدع أدمغتنا بالحديث عنها وعن كل ما رآه فيها من مظاهر الجمال، وما أعدته لمواطنيها من شوارع نظيفة وطرق ممهدة ومزارات ومماشي و... و... و... إلخ وكأنه يصف لنا الجنة، وعادة ما ينهي حديثه بالسؤال المعتاد: لماذا لا تفعل لنا دولتنا مثل الذي فعلته تلك الدولة لمواطنيها؟! (طيب يا سيدي آهي بلدك عملتلك ممشي سياحي عالمي، يضم العديد من الأنشطة الترفيهية والثقافية والرياضية، وفيه محلات ومطاعم وحاجة زي الفل، كانت النتيجة إيه؟ هل حافظت عليه؟) شوية مستهترين أتلفوا البوابة وهشموا الواجهة الزجاجية، حتى لمبات الإضاءة والكشافات ما سلمتش من أذاهم وسرقوها، يبقي اللوم على مين، والغلط دلوقتي عند مين؟ ٨٠٠ ألف جنيه خسائر خلال شهرين اتنين؟ كيف يحدث هذا ولماذا؟ لماذا فعل من فعل ما فعل وكيف فعل؟ والسؤال الأهم هو: كيف ترك من البداية ليفعل ما فعل؟ على حد علمي المحدود أن هناك كاميرات وأفراد أمن مكلفين بحماية المكان وتأمينه، وهناك محاضر قد حررت ضد المخريين، جهد مشكور ولكن لا تزال في القلب غصة، إذا كانت أعداد أفراد التأمين غير كافية فلنضاعف الأعداد، وإن كانت المشكلة في قلة الكاميرات نزيدها، وإذا كانت المشكلة في ازدياد إقبال الناس وتزاحمهم على الممشي "كونه مجانيًا"، فلماذا لا نحدد الأعداد التي يسمح لها بالدخول أو التواجد بداخله ولو بوضع لافتة على الأبواب تفيد بأن المكان ممتلئ "حال ازدياد الأعداد" مثلما يحدث في المولات والمتاجر وحتى المصاعد، ولماذا لا نقرر دفع مبلغ رمزي يحصل المواطن بموجبه على تذكرة دخول؟ هو مجرد اقتراح قد يسهم في تقليص الأعداد حتى يتسني لأفراد الأمن إتمام عملية التأمين، فضلًا عن كونه سيسهم ولو بقدر، في تدبير مصاريف أعمال النظافة والتأمين والصيانة، التي تكلف الدولة ما قيمته ٢.٥ مليون جنيه شهريًا.
حفظ الله مصرنا وأعز قائدنا.