رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الضبابية عنوان المشهد الليبى والبرلمان يواجه تحدى ميزانية باشاغا

فتحي باشاغا
فتحي باشاغا

تتجه الأنظار إلى مجلس النواب الليبي، في ظل وجود حكومتين في البلاد، إحداهما معتمدة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، والتي واجهت صعوبات في دخول طرابلس بسبب رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة، ما دعا البرلمان للموافقة على مباشرة حكومة باشاغا مهامها من مدينة سرت.

ومن المنتظر أن يتحول مجلس النواب لعقد جلسة في مدينة سرت دعمًا للحكومة الجديدة، والنظر في الموافقة على مشروع الموازنة والمخصصات المالية اللازمة لمباشرة عملها، فيما يتعقد الأمر بوجود حكومتين متوازيتين في البلاد، ما يهدد بتجدد الصراع المسلح الذي ودعته ليبيا مؤخرًا.

دلالة مهمة

وقالت عضو الملتقى السياسي الليبي الدكتورة سلوى الدغيلي، إن نقل جلسات البرلمان لسرت يحمل دلالة مهمة، ورسالة مفادها حيادية المكان ورمزيته، كونه في وسط ليبيا.

وأضافت الدغيلي في تصريحات خاصة، أن ما يتعلق بالموازنة الهدف منها إضفاء شرعية على الحكومة المعتمدة من قبل البرلمان، ولكن الأهم ليس إقرارها، بل إمكانية اعتمادها وصرفها من قبل مصرف ليبيا المركزي.

وتابعت بقولها، إنه لا معنى لأي من الحكومتين إذا ما عجزت كلتاهما عن التصرف في الميزانية العامة، وهذا الأمر أصبح خارج نطاق قدرة الأجسام القائمة على فرضه؛ فمحافظ مصرف ليبيا المركزي يتصرف بشكل مستقل، وبالتنسيق مع أطراف خارجية.

وأشارت الدغيلي، إلى أن المخرج من الوضع الحالي يتمثل في الوصول لتوافق بين مجلس النواب ومجلس الدولة، للوصول إلى قاعدة دستورية، وإدارة البلاد بحكومتين وتوزيع الثروة على كليهما ليدير كل منهما ما يقع في نطاقه حتى إجراء الانتخابات البرلمانية، وتأجيل الانتخابات الرئاسية لما بعد اعتماد الدستور.

ابحث عن الإخوان

من ناحيته، قال رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي (المنتهية ولايته)، الدكتور عبدالمنعم اليسير، إنه لا بد من العودة إلى العام 2011 لفهم ما يجري في ليبيا اليوم، حين تمكن تنظيم الإخوان من السيطرة على مفاصل الدولة الليبية، وأهمها النفط ومصرف ليبيا المركزي والإعلام بصورة كبيرة. ثم السيطرة على أغلبية الميليشيات وتوجيهها لما يخدم مشروعه.

وأضاف اليسير في تصريحات خاصة، أن المحطة المهمة الثانية هي حرب فجر ليبيا في 2014، والتي تمكنوا من خلالها من خلق انقسام سياسي جغرافي ذي محاور متعددة أعطتهم أكثر غطاء للحركة.

وواصل قائلًا: مع إصرار الشعب الليبي على التخلص من حكومة الوفاق، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، والدعم الدولي والإقليمي لهذا الإصرار وجد الإخوان أنفسهم في موقف يحتاج إلى المناورة، فعرقلوا الانتخابات، وزرعوا عناصرهم في حكومة الدبيبة لإدارة الأمور.

وأشار إلى أن الإخوان تمكنوا من خلط الأوراق بصورة كبيرة، ومنها دعمهم وتحفيزهم لباشاغا للتحالف مع القوى العسكرية والسياسية المتواجدة في شرق ليبيا؛ لتشكيل حكومة موازية من أجل إلغاء الانتخابات، ثم إفشال حكومة باشاغا التي قاموا بدعمها صوريًا وخداعًا فقط.

واستطرد اليسير: بعد فشل باشاغا في دخول طرابلس لم يبق له ومن معه إلا إيجاد مكان آخر للعمل كحكومة موازية، وسرت تمثل نقطة مهمة؛ لأنها الأقرب إلى مصراتة، حيث تتواجد بعض الميليشيات الموالية لباشاغا، رغم أن الولاء مربوط أكثر بمن له القدرة على الوصول إلى الأموال.

لا ميزانيات لأحد

ويرى المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل، أن عقد جلسات البرلمان في مكان معين لا تحمل أي دلالة، فقد سبق لعقيلة صالح عقد جلسات في سرت وبنغازي، ويمكنه عقد جلسة في أي مدينة طالما ضمن سيطرته عليها، لافتًا إلى أن ما يهم صالح هو استمرار سيطرته على المجلس، وتحويله إلى أداة لتحقيق مصالحه ببقاء مقر البرلمان الدائم في طبرق، وتمرير كل ما يحلو له، بغض النظر عن سلامته الدستورية.

وقال عقيل في تصريحات خاصة، إنه قد يكون وراء رغبة عقيلة صالح بنقل هذه الجلسة إلى سرت هو تواجد حكومة باشاغا، حيث يفترض بها حضور الجلسة المقامة خصيصًا لمناقشة موازنة الحكومة المعلقة، وهو وهم لا يمكن تحقيقه، حسب تعبيره.

واستبعد تكرار سيناريو وجود حكومتين موازيتين على غرار ثنائية الثني والسراج، أو إعادة البلاد إلى التوازي الحكومي من جديد، بعد اتخاذ حكومة باشاغا من سرت مقرًا لها.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا تهيمنان على القرار السياسي في ليبيا، وسبق لهما إصدار تعليماتهما للصديق الكبير، محافظ البنك المركزي، بعدم صرف أي ميزانيات، وأن الأموال الوحيدة التي عليه صرفها هى الرواتب، وتدفع إلى الدبيبة، ومصاريف الإدارة والتنقل الحكومي لباشاغا.

وأوضح أنه لن تكون هناك ميزانية لأي من الحكومتين، خاصة أن واشنطن ولندن منشغلتان بدعم مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، لإعداد القاعدة الدستورية مع مجلسي النواب والدولة، استعدادًا لإجراء انتخابات برلمانية بموعد لن يتجاوز شهر سبتمبر المقبل، وعليه فإنهم يرون عدم صرف ميزانيات خلال الوقت القصير المتبقي من عمر الحكومتين.