رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى وداع أحد عشر بطلًا

عشرة جنود وضابط استشهدوا، أمس الأول السبت، بعد تصديهم لإرهابيين، مرتزقة، عملاء أو أجراء، هاجموا محطة رفع مياه غرب سيناء. ومع إحباط الهجوم، قامت قواتنا المسلحة بمطاردة الإرهابيين ومحاصرتهم فى إحدى مناطق سيناء المنعزلة، وأرسلتهم إلى الجحيم، غالبًا، قبل أن تقرأ هذه السطور. 

قواتنا المسلحة أكدت استمرار جهودها فى القضاء على الإرهاب واقتلاع جذوره. كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن العمليات الإرهابية الغادرة لن تنال من عزيمة وإصرار أبناء هذا الوطن. غير أننا ننتظر محاسبة الدول، التى ثبت، بشكل قاطع، أنها تستعمل الإرهابيين أو تستأجرهم، والتى نعرف، ويعرف الجميع، أن استقرار وإعمار سيناء ليس فى مصلحتها. كما نعرف ويعرف الجميع أيضًا، أنها حاولت، وتحاول، بمختلف الوسائل عرقلة جهود دولة ٣٠ يونيو، الدائمة والمستمرة، لاستعادة الأمن والاستقرار فى المنطقة، وفق محدداتها الثابتة: الحفاظ على كيان الدولة الوطنية وترسيخ تماسك مؤسساتها واحترام سيادتها على أراضيها. 

منذ أربع سنوات، خرجت مصر من قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب فى العالم، وحصلت على المركز الحادى عشر، سنة ٢٠١٨، بعد أن كانت فى المركز التاسع سنة ٢٠١٧، ووضعتها النسخة التاسعة من تقرير «مؤشر الإرهاب»، الذى يصدره «معهد السلام والاقتصاد العالمى»، فى المركز الرابع عشر لسنة ٢٠٢١. وبشكل عام، تراجعت وتيرة الهجمات الإرهابية فى سيناء بشكل كبير، أو شبه كامل، بفضل الضربات الاستباقية، وعملية المواجهة أو المجابهة الشاملة، «سيناء ٢٠١٨»، التى كان لها ٤ أهداف نرى أنها تحققت: إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية.. ضمان تحقيق الأهداف لتطهير المناطق من البؤر الإرهابية.. تحصين المجتمع المصرى من شرور الإرهاب والتطرف.. ومواجهة الجرائم الأخرى ذات التأثير. 

خلال الاحتفال بالذكرى الـ٤٠ لتحرير سيناء، التى حلّت فى ٢٥ أبريل الماضى، قال الرئيس السيسى إن «تعمير شبه جزيرة سيناء بمثابة خط الدفاع الأول عنها». وقبل أن يقول الرئيس، قال الواقع إن جهود التنمية الزراعية، مثلًا، امتدت على مساحة ١.١ مليون فدان، ستسهم محطة معالجة مصرف بحر البقر فى استصلاح نحو ٤٥٦ ألف فدان منها، عبر محطة رفع المياه التى حاول الإرهابيون تدميرها. وسبق أن قلنا إن سيناء حين عادت فى ٢٥ أبريل ١٩٨٢، عادت بقيود الحدود الآمنة وليست بقيود الحدود الجغرافية ولا السياسية. وعليه، ظلت منزوعة أو «مكتوفة» السلاح، ومرتعًا للإرهابيين، إلى أن استعادت مصر عافيتها العسكرية والسياسية، بالضبط كما ظل حلم تعميرها حبيس الكتب والدراسات، إلى أن استعدنا قرارنا السياسى والاقتصادى.

مع كنس الإخوان، والقضاء على الإرهاب، جرى التحرير الثانى لأرض الفيروز بمشروعات قومية عملاقة، على كل شبر منها، باستثمارات تزيد على ٧٠٠ مليار جنيه، ربطت بوابة مصر الشرقية بالدلتا وجعلتها، مع مدن القناة، امتدادًا طبيعيًا لوادى النيل. وبالإضافة إلى الاهتمام بالقطاعات الخدمية وتوفير جميع أشكال الدعم والحماية الاجتماعية جرى تذليل كل العقبات والعوائق لجذب الفرص الاستثمارية، ما أسهم فى إحداث نقلة نوعية غيرت وجه الحياة فى سيناء، وهو ما أجهض أحلام، أو أوهام، الدول التى تحرك الإرهابيين أو تستأجرهم. 

تأسيسًا على ذلك، استوقفتنا إدانة الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وقطر لعملية أمس الأول الإرهابية، وتأكيدها فى بيانات، أصدرتها خارجيتها، على دعمها لمصر فى حربها ضد الإرهاب. كما استوقفنا، أيضًا، بيان لـ«جماعة الإخوان»، ركزت عليه شبكة «الجزيرة» القطرية فى تقرير تناول ردود أفعال تسع «دول» عربية، زعمت فيه الجماعة الإرهابية أنها تدين الحادث «بأشد العبارات»، وطالبت السلطات المصرية «بانتهاج سياسة موضوعية وناجعة تتعامل مع هذه الحوادث الإرهابية التى تراق فيها دماء الأبرياء»!.

.. وأخيرًا، سبق أن أكدنا أن الإرهابيين مجرد مرتزقة، عملاء أو أجراء، لا يحركهم المعتقد فقط، بل تستعملهم دول، معروفة بالاسم، هى ذاتها التى تحرّك من لا يزالون يتقيأون فى الأدمغة ويضيفون إرهابيين جددًا إلى الحاليين، الذين سيواصلون إرهابهم ما بقيت أوهام تحقيق أحلامهم قائمة. ولأن تلك الأوهام ستظل قائمة، طالما بقيت أصنامهم أو قياداتهم على قيد الحياة، قلنا مرارًا ونكرر: اعدموا المربوط ولمّوا السائب.