رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السجّانة والعملاق.. قصة واقعية أمريكية جدًا

وسط الاضطرابات السياسية التى عصفت بتشيلى، سنة ١٩٧٣، ادّعت المضيفة الجوية الألمانية لينا، «إيما واتسون»، فى الفيلم الألمانى الفرنسى الأمريكى «كولونيا»، COLONIA، أنها تعمل بمنظمة خيرية حتى تقوم بتهريب حبيبها، أو زوجها، دانيل «دانيل برول» من سجن «كولونيا ديجنداد»، الذى لم يهرب منه أى سجين مطلقًا. وفى الفيلم المصرى «حب فى الزنزانة» ربطت قصة حب بين فايزة «سعاد حسنى»، نزيلة سجن النساء، وصلاح «عادل إمام»، الذى يهرب من سجن الرجال بمساعدة مزوّر محترف وقاتل أجير.

بضرب الفيلمين فى الخلاط يمكنك استنتاج أحداث قصة واقعية أمريكية، أو أمريكية جدًا، بدأت منذ أسبوع، ويلعب دور البطولة فيها عملاق يتجاوز طوله المترين، عمره ٣٨ سنة، اسمه كايسى وايت، عوقب بالسجن لمدة ٧٥ سنة، سنة ٢٠١٥، عن عدة جرائم من بينها الخطف والسطو وسرقة سيارات، وكان يقضى العقوبة فى سجن مدينة فلورنس بولاية ألاباما، وينتظر عقوبة الإعدام حال إدانته فى جريمة قتل امرأة. 

تم نقل «كايسى» إلى سجن مقاطعة لودرديل فى ٢٠٢٠، ثم أعيد إلى سجنه الأساسى، فى فبراير الماضى، بعد اكتشاف أنه كان يخطط للهروب. وخلال السنتين تعرّف على شريكته فى بطولة القصة، فيكى وايت، ٥٦ سنة، المشرفة على نقل السجناء فى شرطة المقاطعة، التى ذهبت إلى سجن فلورنس، فى التاسعة والنصف صباح ٢٩ أبريل الماضى، بزعم أنها ستنقله إلى المحكمة لإجراء تقييم نفسى، واصطحبته فى سيارة الشرطة إلى جراج مركز تسوق قريب، حيث كانت تنتظرها سيارة «فورد إيدج» رباعية الدفع، وكانت المرة الأخيرة التى شوهد فيها الهاربان على بعد ٤٠ كيلومترًا من السجن، فى الثالثة والنصف عصرًا، أى بعد ٦ ساعات!.

الاثنان، كايسى وايت وفيكى وايت، يحملان اللقب نفسه، لكن لا توجد بينهما صلة قرابة، فقط، ربطتها علاقة خاصة، بحسب بيان أصدره ريك سينجلتون، مأمور السجن، يوم الثلاثاء، قال فيه إن المحققين تلقوا معلومات من نزلاء سجن مقاطعة لودرديل، تفيد بوجود هذه العلاقة، ثم أكدتها تحقيقات أجرتها مصادر مستقلة. كما كشفت التحقيقات أيضًا عن قيام «فيكى» ببيع منزلها فى الآونة الأخيرة بسعر منخفض، وعن اعتزامها التقاعد عن العمل فى الشرطة، ما يعنى أنها خططت جيدًا لعملية الهروب، التى ساعدها فى تنفيذها بنجاح سجلها الوظيفى ناصع البياض، وعدم التفات أحد إلى خرقها بروتوكول السجن واصطحابها السجين بمفردها دون حراسة. 

القصة أمريكية جدًا، لأن حوادث الهروب من السجن تتكرر على فترات فى الولايات المتحدة.. وعلى سبيل المثال، لا الحصر طبعًا، سبق أن هرب اثنان من القتلة المتسلسلين، فى ٢٠١٥، من سجن شديد الحراسة لم يهرب منه أحد منذ ١٥٠ سنة. وفى يناير ٢٠٢١، كشفت شرطة كاليفورنيا عن هروب ستة سجناء من سجن مقاطعة ميرسيد، مستخدمين حبلًا مصنوعًا من ملاءات الأسرّة. ومن بين عشرات الأفلام التى تناولت الهروب من السجن، يمكنك أن تضيف إلى «كولونيا»، الذى كان إنتاجًا مشتركًا، فيلمًا أمريكيًا خالصًا اسمه «بعيدًا عن الأنظار»، Out of sight، هرب فيه جاك فولى «جورج كلونى» من السجن، ثم ربطته، لاحقًا وليس سابقًا، علاقة حب مع كارين سيسكو «جنيفر لوبيز» التى كانت تقوم بملاحقته!.

فى «حب فى الزنزانة»، الذى أخرجه محمد فاضل سنة ١٩٨٣، يتزوج الحبيبان وينجبان طفلًا، قبل أن يقوم صلاح بقتل الشرنوبى «جميل راتب»، تاجر الأغذية الفاسدة الذى تسبب فى سجنه، ويعود إلى السجن مجددًا. وفى فيلم المخرج فلوريان جالنبرجر، «كولونيا»، الذى تم عرضه سنة ٢٠١٥، حملت سيارة السفير الألمانى لينا ودانيل إلى المطار، وأقلعت بهما طائرة الخطوط الجوية الألمانية، لوفتهانزا، وبما أنك ضربت الفيلمين فى الخلاط، فإن نهاية قصة «السجّانة والعملاق» قد تكون مزيجًا من هاتين النهايتين، لو لم تستجب «فيكى» للنصيحة التى وجهتها لها عشيقة «كايسى» السابقة، عبر جريدة «نيويورك بوست»: «إذا كنتِ لا تزالين على قيد الحياة، لوذى بالفرار.. اركضى، اركضى، اركضى بأسرع ما يمكنك».