رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متي ظهر كداب الزفة

«كداب الزفة».. عديم الموهبة في الموالد والأفراح

بيت السحيمي
بيت السحيمي

 كذاب الزفة أو “كداب الزفة” كما ننطقها في العامية المصرية، هو ذلك الرجل المنافق عديم الموهبة كثير الكلام قليل الفعل، الذي يرقص على كل الحبال ويلون نفسه بكل لون ولا يتخذ لنفسه موقفا محددا، بل يعيش حياته بألف وجه، مطبقا للمثل القائل: “مات الملك.. عاش الملك”.

ويوضح الباحث في التراث والتاريخ المصري خطاب معوض خطاب، في كتابه “أصل الحكاية” أن “كذاب الزفة”: هو رجل يعرف اتجاه الريح جيدا، ويجيد ركوب الموجة، ويظهر دوما خلاف ما يكنه من مشاعر حقيقية، فهو عادة شخص بارع في التمثيل والخداع ليصل عبر نفاقه إلى مبتغاه دون أن تكون لديه أي موهبة حقيقية أو صفة من الصفات التي يدعي أنه يتصف بها، وهو دوما يعيش بالقرب من أصحاب السلطة والنفوذ ويتتبع خطواتهم عسى أن يحظى بأي منفعة أو هبة من قبلهم.

متى ظهر كداب الزفة ومع علاقته بالأفراح؟

 وعن أصل مصطلح “كداب الزفة”، يضيف “معوض”: وقد قيل إن كلمة كذاب الزفة أو "كداب الزفة" قد ظهرت وانتشرت خلال النصف الأول من القرن العشرين، وأنها كانت تطلق على الأشخاص الذين يحضرون الأفراح دون أي صفة أو صلة لهم بأهل العروسين، ولكنهم كانوا رغم ذلك يثيرون الضجيج ويطبلون ويهللون لأي شخص ولأي شيء، حتى ينالوا رضى أصحاب الأفراح فيفيضون عليهم من أطايب الطعام والشراب.

ويوضح الكاتب الساخر محمود السعدني في كتابه “المضحكون” أن كذاب الزفة أو "كداب الزفة" كان أحد أعضاء الفرق الفنية التي كانت تقدم عروضها في الموالد والاحتفالات قديما، وكان يقف خارج السرادق الذي تقدم فيه الفرقة أعمالها الفنية، ويقوم بالإعلان عن عروض الفرقة بتقمصه لأدوار البطولة أمام الجماهير ليحثهم على الدخول لمشاهدة هذه العروض.

 ويؤكد الكاتب الساخر محمود السعدني في هذا الكتاب أن كذاب الزفة أو "كداب الزفة" رغم أنه كان يتقمص أدوار البطولة ويدعيها أمام الجماهير خارج السرادق إلا أنه في الحقيقة كان يفتقد للموهبة الحقيقية، ولكن الطريف بالفعل كان تشبيه الكاتب الساخر محمود السعدني في نفس الكتاب للفنان الكوميدي سمير غانم بأنه كان مثل كذاب الزفة في فرقة ثلاثي أضواء المسرح الشهيرة في ذلك الوصف، وذلك رغم وصفه زميله الضيف أحمد بأنه كان فنانا مضحكا بالفطرة، ووصفه لزميلهما جورج سيدهم بأنه ممثل حقيقي وموهوب بالفعل.

 والغريب حقا أننا وبعد ظهور هذا الكتاب بعشرات السنين نرى فرقة الثلاثي قد اختفت بوفاة نجمها الضيف أحمد، بينما توارى نجمها الآخر جورج سيدهم، ولم يلمع ويصبح نجما سوى الفنان سمير غانم الذي سبق وأن وصفه الكاتب الساخر محمود السعدني بأنه مثل كذاب الزفة.

الدرب الأصفر

وعن حارة الدرب الأصفر بحي الجمالية، يتابع الباحث خطاب معوض خطاب في كتابه “أصل الحكاية”: تعد واحدة من أجمل الحارات المصرية، بل وتعد بمثابة متحف من أجمل متاحف العالم المفتوحة، وهذه الحارة التي تسمى أحيانا بالزقاق وأحيانا بالحارة تربط بين شارعين من أجمل وأشهر شوارع مصر المحروسة، وهما شارع المعز لدين الله الفاطمي وشارع الجمالية، وفي البداية كان لهذه الحارة بوابة خشبية ضخمة، وكانت هذه البوابة من ناحية شارع الجمالية، وكانت هذه البوابة تغلق يوميا على أهل الحارة من بعد صلاة العشاء، مثلها في ذلك مثل باقي الحارات المصرية، وذلك حماية لساكني الحارات من اللصوص والأغراب.

تعود تسمية هذه الحارة باسم الدرب الأصفر إلى أن مباني الحارة كلها مطلية باللون الأصفر، بينما ذهب البعض إلى أن الحارة قد سميت بهذا الاسم بسبب لون النحاس الأصفر، حيث كانت ورش تصنيع النحاس تنتشر بالقرب من هذه الحارة وبين جنباتها.
 

 ومن يراها ويدخلها حاليا قد لا يصدق أن حارة الدرب الأصفر في البداية كانت مفتوحة من جهة شارع الجمالية فقط، وفي ذلك الوقت كان يحول بينها وبين شارع المعز حائط حجري، ولكن تم إزالة هذا الحائط الحجري وفتح الحارة على شارع المعز منذ ما يقرب من 100 سنة. ولقد كانت هذه الحارة في البداية منحرا أي مجزرا للخلفاء الفاطميين في مصر، حيث كانوا يقومون بذبح أضاحي عيد الأضحى داخل حارة الدرب الأصفر، والتي أصبحت حاليا واحدة من أجمل وأنظف وأشهر الحارات الموجودة في منطقة الجمالية بل وفي مصر والعالم كله، فهي تعد بمثابة متحف مفتوح للفن والجمال والإبداع، حيث تضم بين جنباتها مجموعة متميزة من الآثار والعمائر التي تحوي تراثا إنسانيا عظيما، وهذه الآثار والعمائر تعتبر شاهدا حيا على تاريخ مصر الاجتماعي والحضاري والثقافي.

بيت السحيمي أبرز معالم الدرب الأصفر

 ويلفت “معوض” إلي أن: يعد بيت السحيمي واحدا من أجمل عمائر حارة الدرب الأصفر، بل ويعتبر درة تاج هذه الحارة، ويعود هذا البيت إلى العصر العثماني، وهو ينسب إلى الشيخ أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك بالجامع الأزهر الشريف الذي يعد آخر من سكن هذا البيت، كما يوجد بالحارة أيضا عدد من البيوت الشهيرة مثل بيت مصطفى جعفر وبيت الخرزاتي.

الجدير بالذكر أن حارة الدرب الأصفر كان يوجد بها قديما رباط البغدادية، الذي أنشأته السيدة تذكار باي خاتون بنت السلطان الظاهر بيبرس في سنة 1285 ميلادية، والذي كان يعد بمثابة دار رعاية اجتماعية، حيث كان مخصصا لإقامة ورعاية السيدات الأرامل والمطلقات حتى يتزوجن، بالإضافة إلى السيدات اللاتي هجرهن أزواجهن حتى يردوهن، وذلك صونا وحماية لهؤلاء السيدات من التشرد والانحراف.