رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

4 سنوات وانا أكتب حجاب الساحر

أحمد الشهاوي: «حجاب الساحر» عملي الروائي الأول.. وأحب الحكي دون ثرثرة

أحمد الشهاوي
أحمد الشهاوي

أحمد الشهاوي: «حجاب الساحر» عملي الروائي الأول.. وأحب الحكي دون ثرثرة 

يصدر قريبا عن الدار المصرية اللبنانية رواية “حجاب الساحر”، والتي تعد أول عمل روائي للكاتب الصحفي والشاعر أحمد الشهاوي.

قال الشاعر أحمد الشهاوي  في تصريحات خاصة لـ«الدستور» "لم أكتُب الرواية مُضطَّرًا، أو بحثًا عن ذيُوع صيتٍ إضافيٍّ، أو لأنَّ الشِّعر ضيِّق عليَّ، أو ذهابًا ضِمن تيارٍ من الشُّعراء اتجه إلى  السَّرد.

ويلفت الشهاوي إلى أنه "منذ بدء التسعينيات أصدِرُ كتبًا نثرية بالتوازي مع شِعري، كما أنَّني بطبيعتي منذ الطفولة مُولعٌ بالسَّرد، ومن اقترب مني يدركُ كم أنا أحبُّ الحكي، أو السَّرد الذي يتخلَّصُ من الحشو والثرثرة، فأنا بطبيعتي لا أحبُّ الاستطرادَ أو الشَّرحَ أو الوصفَ، وأظنُّني شخصٌ "فاشل" في الكتابة التي من عيِّنة "وكانت السَّماء ملبَّدة بالغيوم" والأمثلة كثيرة، والكتابة من هذا النوع لا تثيرُ فيَّ شيئًا.

وألمح الشهاوي على أنه "في أي كتابةٍ أمثِّلُ نفسي بالأساس، ولستُ معنيًّا بأي قيمةٍ مُضافةٍ، فالمهم عندي أن أعيشَ حياةً داخل النص ربما تكونُ أكثر طولا وتحقُّقا من الحياة نفسها . وليس سيئًا أن يمارسَ الإنسانُ أكثر من فنٍّ أو جنسٍ أدبيٍّ في الوقت نفسه، ما دام "البخت" ليس ضائعًا".

وأوضح الشهاوي "لقد أتاحت لي كتابة الرواية أسفارًا ولقاءات وجمع معلومات ، وقراءات كثيرة ومُتنوعة، مع أنني في الأصل أعملُ بأجرٍ عند الكِتَاب، وأصف نفسي بأنني شاعرٌ هاوٍ، وقارئٌ محترفٌ، وروايتي هي رواية معرفة بالأساس، فيها الكثير من العشق، والفلسفة وعلم النفس وعلوم الإنسان والجغرافيا والتاريخ والرحلة والديانات القديمة والحضارة المصرية، بمعنى قصدتُ الإمتاع والمؤانسة رُوحيًّا ونفسيًّا، حاولتُ أن أنقل مُتعتي وأنا أكتبُ إلى القارئ الذي يذهبُ بالأساس إلى الكتاب قاصدًا المُتعة العقلية.

وعن استعداده لكتابة الرواية يقول الشهاوي "كانت أمامي وفي ذهني خريطةٌ مُعدَّة سلفًا تتغيرُ وتتطوَّرُ وأنا أكتبُ ، وكنتُ أثناء الكتابة أضيفُ فصلا أو أحذفُ آخر، وأنا بطبيعتي حذَّافٌ عظيم ، لا أخشى الحذفَ، وأعملُ على تحرير النص كثيرًا. لا أحبُّ العشوائية في الكتابة، أو في أي مجال آخر. وعمومًا أنا لا أكتبُ عن شئٍ أجهله.

وتابع الشهاوي "فأنا لا أكتبُ بحثًا عن مالٍ؛  لأنَّ المالَ أكسبُه من مهنة الصحافة التي درستُها في الجامعة، ولا أعرفُ مهنةً أخرى لي سواها، ولا أسعى إلى أن أقوِّضَ شيئًا، أو أغير مسارَ الشِّعر أو الرواية، أنا أكتبُ لأسعد نفسي أولًا، وأحقِّق ذاتي، كما أنني أحصلُ على مكسبي بشكلٍ يوميٍّ متمثلا في: مُتعة الرُّوح  الناتجة عن ساعات الكتابة، لأنَّني عندما أدخلُ مشرُوعًا كتابيًّا ما أواصلُ الكتابةَ بشكلٍ يوميٍّ، مدفُوعًا بأرَقِي وهواجسي وشطحاتي.

وأكد الشهاوي على أن "الكتابة تُحرِّرُني ، وتعالجُ رُوحي من أسقامها، وتجعلني مُستقلًّا ومُنحازًا لنفسي.

واشار صاحب سلاطين الوجد  إلى أن "هذه الرواية مدينة  للعُزلة  التي أسعى دومًا إلى أن أكون فيها في حياتي ، وكذا صفاء الذهن، ثم التأمُّل الذي أمارسُهُ يوميًّا ، وإن لم أستطع أخذته معي إلى النوم . فمُخيلتي لا تعملُ إلا في أجواء وظرُوفٍ كهذه .كما أنَّني أعيشُ في مساحات من الحرية كي أهندسَ في الفراغ ، وتلك "لعبتي" التي أفضِّلها منذ درستُ الهندسة الفراغية في المدرسة الثانوية، والكاتب لا بد أن يكُون مُهندسًا وبنَّاءً من طرازٍ خاص.

ولفت صاحب الوصايا في عشق النساء  “في الكتابة أنا لا أتبعُ نصائحَ وإرشادات أو وصايا أودروسًا نظرية، أتبعُ حدسي وحسي فقط، أنا أجرِّبُ وأستكشفُ وأحاولُ البحثَ عن طرقٍ وأساليب ولغاتٍ مُتعدِّدة في النص”.

واشار صاحب سماء بإ سمي "أحب طوال الوقت أن أعرِّض ما كتبتُ للشمس كل صباح حتى الظهيرة؛ لأختبر صلاحية وصحة ما كتبتُ ، كما أنني عوَّلت على إفادة الرواية من تقنيات الشِّعر وأهمها الدقة والصَّرامة والتكثيف في سرد التفاصيل (فروايتي " حجاب الساحر"  كتبتُها في 75 ألف كلمة، وقد أخضعتُها لمنطق الشِّعر في الإيجاز والحذف).

وختم "صاحب أنا من أهوى "أنا بطبيعتي أراجعُ  كل ما أنجزُ  في حياتي أكثر من مرَّ ة ؛ لأنَّ من يتصوَّر أنَّ الكتابة سهلةٌ مخطئ ، ولا يدركُ أسرارَها ،  وبالنسبة للرواية - التي هي ليست الحقل الذي أحرُثُ فيه -  ظللتُ أكتبُ  روايتي "حجاب الساحر" نحو أربع سنوات من 2017 حتى 2022 أصدرتُ خلالها أربعة كتب هي: لا أراني، ما أنا فيه، كُن عاشقًا، سلاطينُ الوجد.. دولة الحُب الصوفي. ولا أحبُّ أن يقول ناقد أو قارئ أو ناشرٌ: هذا الكاتب لن يكتبَ روايةً مرةً ثانية.

من أجواء رواية أحمد الشَّهاوي                 

"حجاب السَّاحر":

أين شمس؟.

مِمَّ أخافُ؟.

إنَّها قطعةٌ من جسدي ستُسْتأصلُ ، وانتهى الأمر ، فلستُ كالنساء أبكي رحِمًا ورديَّةً خانتْنِي وتَلِفَتْ ، يراها غيري مصدرَ الأنُوثةِ والخُصُوبة والولادة ، بل والحياة بأسْرِها ، أنا التي تصنعُ الحياة ، أنا الأنوثةُ ، وليست الرَّحم.

لستُ أرنبةً لها رحِمَان، إذا فسدت واحدةٌ، حلَّتْ الثانية مكانها ، هي رحمٌ واحدةٌ لا غير ، تُشبهُ ثمرة الكُمثرى المقلُوبة في الشَّكل والحجم ، وأنا لستُ متيَّمةً بهذه الفاكهة، ولا أتذكَّرها في العادة، ولا أحنُّ إليها، ولم أتوحَّم عليها في المرَّات الثلاث لحملِي، ولا مشكلة عندي في الاستغناءِ عنها، أنا امرأةٌ تُحِبُّ المانجُو، بل أراني ثمرة مانجُو لم يُحسِن تقشيرَها وأكل لُبِّها سوى واحدٍ فقط، لا أحدَ غيره.

سأنسى هذه الرَّحِم، كما أنسى الكُمثرى التي لم يعُد لها طعمٌ أساسًا ، هو فقط من حلُم بأن أنجبَ له بنتًا وولدًا ، لقد تمنَّى أن أكونَ له زوجةً يومًا ما.

بعد عمليةِ استئصالِ الرَّحِم التي أتهيَّأ لها ، ستنخفضُ نسبةُ حدُوث الحمْل إلى نسبٍ قريبةٍ من الصِّفر، ولكن ليست صِفرًا ؛  لأنَّ نسيجَ المبيض سليم ، وسينتجُ ويفرزُ الهرمونات التي تسبِّب الإباضَة ، ، لا تزالُ هناك فُرصةٌ لتلقيح البُويضة خارجَ الرَّحم ، سأقولُ له: “إنَّ هناك فرصةً للحمل خارج الرحم”، وهو دائمًا يقولُ لي : " أنتِ قادرة على الحُبِّ والولادة حتى سن الثمانين؛ لأنكِ فوقَ قوانين الطَّبيعة، واستثناء من كلِّ القواعدِ الثابتةِ  في البيولوجيا ". 

لا أنسى رسالتَهُ القصيرةَ المُكثَّفة التي أرسلها إليَّ بعد أول لقاء  لنا وكُنتُ عائدةً من المصيف، ما زلتُ أحتفظُ بها، وسأبقى، حتى أنَّني حفظتها من كثرة قراءتي لها: "كانت عيناك بحريْن من فِضَّةٍ جاريةٍ، لم أقدر أن أثبِّت عينيَّ في مائهما السَّماوي، كانتا حيراوين قلقتين حزينتين فرحتين مليئتين بالسرِّ الأعظم.

كان لهما من اسمك نصيبٌ وقدْرٌ ، فهما  تجُولان في السُّرور، وتجُوبان بالحواسِّ في العالم المخفيِّ الذي لا يُدرك إلا بالحدْس.

أظنُّ بل أجزمُ أنَّ العالمَ سيقفُ طويلا أمام عينيك اللتين علمتاني أن أسعى  إلى تغيير الأبجدية ؛ كي أكتبَ  كلامًا  يرتقي  إلى سدرتهما أو يقارب خلودهما".