رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مسجد الجيوشي.. شهد استخدام الحجارة للمرة الأولى.. أقدم المآذن الفاطمية

الجيوشي
الجيوشي

تذخر مصر بتاريخ حافل من حقب الحكم المختلفة، وقد تأثر طابع العمارة المصرية للمساجد بالتراث المصري الفرعوني والقبطي، كما استخدمت في عصور المماليك والفاطميين أساليب العمارة الحديثة، وكان أول مسجد استخدمت فيه الحجارة هو مسجد "الجيوشي"، صاحب أقدم المآذن الفاطمية في مصر.

رغم أن مساحته لا تتجاوز الـ270 مترًا، إلا أنه من أهم المساجد التاريخية في مصر وله مكانة خاصة، فقد أنشأ مسجد الجيوشي على يد الوزير الفاطمي أبو النجم بدر الدين المستنصر، المعروف باسم بدر الدين الجمالي، أمير الجيوش، في عهد الخليفة المستنصر بالله والذي استدعاه من الشام ليوليه الوزارة لكي يتمكن من السيطرة على الأمور والخروج من الأزمات التي كادت تعصف بدولة المستنصر بالله، ليواجه انشقاقات وخلافات فصائل الجيش التركية والأفريقية، وكذلك هجمات البربر على دلتها مصر، إضافة إلى المجاعة التي كانت تضرب البلاد لسنوات بسبب انخفاض منسوب مياه النيل.

وجاء الجمالي صاحب الأصول الأرمينية بقواته من الشام، فأعاد بناء سور القاهرة لتقويته وزيادة مساحة القاهرة، وأدخل بين حدودها مسجد الحاكم بأمر الله الذي كان قد بني خارج أسوار القاهرة الفاطمية، وأعاد النظام للقاهرة وفرض الأمن وشمل الأمر باقي أقاليم مصر لا القاهرة فقط، فأطلق عليه لقب مجدد القاهرة.

شيد المسجد على حافة جبل المقطم، ويطل على قلعة صلاح الدين، في عام 487 هجرية/1085ميلادية، وأقام بدر الدين قبة بها ضريح خصصها ليدفن بها بعد وفاته، وجاءت تسمية الجيوشي، لأن بدر الدين الجمالي كان قائد جيوش الخليفة الفاطمي.

وقد شيد المسجد على مستطيل بطول 18 مترا وعرض 15 مترا، ووفقًا للمؤرخين فإن المسجد ينقسم إلى جزأين صحن ومصلى، ويتكون المصلى من أجزاء متوازية مع حائط اتجاه القبلة، ويتكون كل رواق من ثلاث بلاطات وتغطي قبة  بلاطة المحراب.

وأما تخطيط المسجد فهو فريد من نوعه بين مساجد القاهرة، فالباب يؤدي إلى دركاه وهي مصطلح فارسي بالأساس مقصود بها (مساحة مستطيلة تصل بين التكوين الخارجي والداخلي للمسجد)، على يمينها سلم يؤدي إلى المئذنة، وعلى يسارها غرفة مسقوفة بقبو مصلب، ومنها تؤدي إلى صحن مكشوف على يمينه ويساره حجرتان مستطيلتين يعقبها رواق القبلة والمحراب، والذي يعد من أجمل محاريب الحصية، فقد جمع بين الجص والتفريغ فيه، وهو يشتمل على إطارين من الكتابة الكوفية تنتشران بجدران المسجد وفوق القباب بالآيات القرآنية والزخارف الحصينية تشبه زخارف الجامع الأزهر، ويبلغ ارتفاع المئذنة 20 مترًا وتتكون من قاعدة مربعة تنتهي بمقرنص يعلوه مربع آخر، ثم مثمن يحمل قمة المئذنة، التي صممت بشكل قبة صغيرة مضلعة.