رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وجوه رمضان «6»

 

يمكن القول إن نيللى كريم أحد الأصول الثابتة للفن المصرى، انتقلت من دور الفتاة الجميلة أو حبيبة البطل فى أفلام السينما إلى البطولة الدرامية بعد ٢٠١١، أطلت على المصريين من خلال مسلسل شديد الإتقان هو «ذات»، روت فيه قصة مصر أو قصة المرأة المصرية منذ الستينيات حتى ٢٠١٢ بمنتهى العذوبة.

تألق نيللى كريم ساهم فيه بلا شك إتقان الإخراج والكتابة، وقد أيقنت هى هذا بذكاء نادر، فكررت التجربة مع مخرج مثقف مثل تامر محسن فى «تحت السيطرة» فى ٢٠١٤، الذى كان واحدًا من أجمل أعمالها بعد أن كانت قد قدمت مع كاملة أبوذكرى فى ٢٠١٣ «سجن النساء»، وهو عمل عظيم مستمد من مسرحية للأديبة الراحلة فتحية العسال.. على مستوى المسلسلات الشعبية نجحت نيللى جماهيريًا فى مسلسل «لأعلى سعر» الذى كتبه المخضرم مدحت العدل عن تيمة أقرب لعالم المسلسلات الشعبية، لكن كلماته لأغنية التتر وتيمة الصراع أدتا لنجاح كبير للمسلسل.. وجهة نظرى أن نيللى كريم موهبة كبيرة تتألق مع نوع خاص من المخرجين والكتاب الذين يخرجون منها إمكانات التمثيل الكبيرة بداخلها، وأنها يجب أن تحافظ على العمل مع الفرق التى تخرج إمكاناتها الفنية بأفضل شكل ممكن.

 

أحمد عز نجم كبير جدًا يستحق التحية على تألقه فى مسلسل الاختيار هذا العام.. كلنا نعرف جميعًا، أن النجومية منحة من الخالق عز وجل وليست لها علاقة بإجادة الممثل فن التمثيل من عدمه.. فالفنان العظيم عبدالوارث عسر لم يكن نجم شباك رغم أنه أستاذ تمثيل بالمعنى الحقيقى للكلمة.. عز من الممثلين الذين أنعم الله عليهم بالنجومية وبإجادة التمثيل معًا.. وهو يستحق التحية؛ لأنه أضفى طاقة إيجابية ومرحًا على أدائه شخصية ضابط المخابرات المصرى سيف فى مسلسل الاختيار ٣.. ومن الواضح أنه اجتهد فى إيجاد حلول للشخصية يمزج فيها بين المرح والبساطة وبين الحسم والقوة اللازمين لأداء المهام.. هذه الإضافات البسيطة يكتسب النجم القدرة على الإحساس بها بعد سنوات عمل طويلة.. وهى التى تصنع نجوميته عند رجل الشارع.

هشام ماجد وصديقه شيكو نموذجان للكوميديا التى أحبها.. مصريان من الطبقة الوسطى لا يلجآن للإسفاف ولا التنمر ولا السخرية لاستجداء الضحك.. يقدمان كوميديا ذكية قائمة على قراءة ساخرة لتاريخنا أحيانًا وللواقع والعادات الاجتماعية فى أحيان أخرى.. لكن سخريتهما سخرية ودودة ومهذبة وعائلية.. حتى عندما قدما محاكاة ساخرة لرأفت الهجان كان ذلك فى إطار مشاغبة شبابية تتسم بروح وطنية.. يساعدهما فى ذلك ثقافة واسعة واطلاع على الكوميديا العالمية وخفة ظل تلقائية.. شريكهما الثالث فى صناعة هذه الكوميديا هو الممثل أحمد فهمى الذى كان أفضل بكل تأكيد وهو منضم لهذا الثنائى الذكى وأعماله الأخيرة خير دليل على ذلك.. سعدت جدًا عندما نشر الفنان «شيكو» «بوستر»، للجزء الرابع من مسلسل الاختيار، الذى سيتم إنتاجه فى العام المقبل يحتوى على صورة له بملابس ضابط شرطة.. أتمنى أن أرى هشام ماجد فى عمل كوميدى يستوعب موهبته الكبيرة، ويساهم فى إضفاء البهجة على المصريين فى رمضان.

أين اختفى مسرح مصر؟ أنا لا أسأل هذا السؤال؛ لأنى أفتقد هذا المسرح، لا سمح الله، ولا لأنى أحمل له أى ذكرى طيبة، ولا لأنى أتمنى عودته من الأساس.. أنا أسأل هذا السؤال؛ لأؤكد معنى أؤمن به، وهو أن البقاء للأصلح مهما طال الزمن.. وأن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض أما الزبد فيذهب جفاء.. والحقيقة أن مسرح مصر كان من أكثر الظواهر التى يمكن وصفها بـ«الزبد» فى حياتنا الفنية.. فهو ظاهرة فنية انتهازية.. تضمنت تجميع أكبر عدد من شباب النواصى الذين يجيدون إلقاء الإفيهات المبتذلة والدخول فى «قافية» وتقديمهم على المسرح ليرتجلوا أكبر كم ممكن من الإفيهات التى ترد على أذهانهم ويؤدوا اسكتشات سريعة وتلقائية.. لا أقصد الإساءة لأعضاء هذا الفريق، لكننى أرى أنه تم حرقهم وتقديمهم قبل أن ينضجوا أو يتلقوا التدريب الكافى، وكانت النتيجة أننا خسرنا عددًا من المواهب كان يمكن فى حالة تعليمها وتدريبها والانتظار عليها حتى تنضج أن تفيد الفن المصرى وتكون إضافة حقيقية له.. قدر الله وما شاء فعل وخيرها فى غيرها إن شاء الله.