رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: الإنسان المسلم يسعد بالطاعة ويشقى عند المعصية

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء خاتمًا للمرسلين‏، وداعيًا العالمين إلى ربهم‏، وإلى يوم الدين‏، فتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك‏، ورسالته تتوافق مع الفطرة الإنسانية، فيسعد الإنسان عند الطاعة ويشقى عند المعصية‏،‏ حقًا إنه يلهو بما يشتهيه وبالأضواء اللافتة‏،‏ لكنه يعود بعد ذلك إلى نفسه اللوامة‏، والله تعالى بين لنا في صدر ‏(سورة الحجر‏)‏ هذه الحقيقة‏، وبين لنا هذا التداخل بين المعصية والطاعة الذي قد يحدث في قلوب بعض الناس في الدنيا‏.‏

وتابع "جمعة" قائلًا: تفتتح السورة بحروف مقطعة‏، تثبت أن القرآن فوق الحروف وفوق الأصوات،‏ وأن عقول البشر لن تبلغ منتهاه‏، ولن تصل إلى سر تأثيره دون ما سواه‏، ‏فالقرآن كلام الرحمن‏، لا يستطيعه الثقلان‏، والقرآن فوق الأكوان‏، يعلو ولا يعلى عليه‏، ‏فهو غالب لا مغلوب‏، لله لجلاله وجماله خشعت عقول، ‏ولكم لانت لذكره وتذكرته من قلوب، سمعه أقوام فخروا للأذقان سجدًا يبكون‏ وعندما عرفوا ما فيه من الحق فاضت له العيون‏.

وأوضح أنه كلام الله‏، حمل من الأسرار ما فوق ظاهرة من الحروف‏، وما فوق تلاوته بالأصوات‏ وكله حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏، فأعجز الخلائق في لفظه وخطه ومبناه‏، كما أعجزهم في معناه ومرماه‏، نزل به الروح الأمين‏ على قلب سيد الأولين والآخرين‏، ما أثقله، لولا أن الله سبحانه يسره بلسانه ليكون من المنذرين‏، وليكون ذكرًا للعالمين‏، ولا يزال الله عز وجل يمنح عباده من أنوار الفهم عنه فيه بقدر معلوم‏، ورزق من لدنه مقسوم‏،‏ فتفاوت الناس بقدر تحمله شرفًا‏، وتفاضلوا بحسب علمه قدرًا‏، وتساموا بقدر فهمه مراقي ودرجًا‏، وأما الراسخون في العلم- وقالوا آمنا به كل من عند ربنا- فلا تسأل عن مكانتهم عند مليكهم تصديقًا وصدقًا: إنه بحق ميراث النبوة قائمًا باقيًا في هذه الأمة الغراء‏، وهل ورثة الأنبياء إلا العلماء. هجره أقوام وما لهم من ناصرين.

أما الصالحون فكان موردهم ومصدرهم‏، وما اتخذوا من دون الله وليًا ولا نصيرًا‏، بل اطمأنت بالذكر قلوبهم لما ساروا على بصيرة بفضل أنوار المنزل عليه صلى الله عليه وسلم في قوله الله تعالى‏: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) [الأعراف:196].