رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البرادعى الذى احتقره الجميع

 

علاقة الراحل النبيل حمدى قنديل، مثلًا، بالمدعو محمد البرادعى مرت بمحطات عديدة، بدأت من استقباله له بمطار القاهرة، فور عودته من الخارج، مرورًا بمشاركته فى تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير، ثم استقالته منها، وصولًا إلى اللحظة التى قال فيها: «البرادعى ليس منا»، ووصفه له بأنه «خان الأمانة التى علقها عليه أنصاره»، وتأكيده أنه «متردد، كاذب، أنانى، لا يتحمل مسئولية، لا يقبل رأيًا آخر». 

المحطات نفسها تقريبًا، مرت بها علاقة غالبية الذين عرفوا البرادعى: ترحيب، فصدمة، فاحتقار. وعلى نحو مختلف، قليلًا، سارت علاقة الإخوان بمدير الوكالة الدولية للطاقة الأسبق: عشّموه وأوهموه واستعملوه، أو استعمله مستعملوهم، ثم رموه فى سلة المهملات، أو صفيحة الزبالة. وعليه، لم يفاجئنا حوار محمد مرسى العياط مع خيرت الشاطر، الذى انتهت به الحلقة التاسعة من مسلسل «الاختيار ٣»، والذى تحدثا فيه عن المذكور بمنتهى الاحتقار، وأكدا أنه انسحب من انتخابات الرئاسة حين أدرك أن جماعة الإخوان لن تدعمه، وأنه «كان هيموت على رئاسة الوزراء»، وكان يتصل بهم مرتين يوميًا، مع أن «عمر ما حد قال له كلمة»!.

لأسباب يمكنك استنتاجها، يكاد يكون إبراهيم عيسى هو «العاقل» الوحيد، الذى لم ينضم إلى قائمة أو نادى محتقرى البرادعى. لكن ما لا يمكنك تبريره أو تفسيره هو محاولته تجميل صورته، بالكذب والشهادة الزور وبالدرجة التى جعلته يقول بالنص: «أنا من أقنعت البرادعى بعدم خوض الانتخابات الرئاسية، وأيضًا عدم قبول منصب رئيس الوزراء». ولما سألته «المصرى اليوم»: «ولماذا أقنعته برفض منصب رئيس الوزراء؟»، أجاب: «لأنه منصب تفاصيله كثيرة، أزمات يومية، الأنابيب والشاى والسكر والتموين، وهى أمور ليس للدكتور البرادعى علاقة بها، الرجل بتاع أفكار وقيم، شخصية إنسانية ملك العالم، وحائز على نوبل، ولا يصلح رئيس جمهورية، والأطراف التى تتنصت على المكالمات والإيميلات تعرف ذلك».

ذاكرته مخرومة، لو أحسنت الظن به، وإلا سيكون كاذبًا بفجر، بضم الفاء، لأن الأطراف التى كانت تتنصت على المكالمات سمعته، كما سمعناه جميعًا فى تسريب صوتى عرضه برنامج تليفزيونى، يقول بـ«عضمة لسانه» للبرادعى، فى اتصال تليفونى، إنه «الأصلح»: «حضرتك الأحق بكرسى الرئاسة».. «أنت أصلح الناس له والله العظيم.. فعلًا يعنى». ولن نتوقف عند مجاملاته، مشيّها مجاملاته: «حضرتك لا تمثل نفسك الآن.. أنت تمثل حلم، تمثل مشروع».. «يا دكتور أنت قيمة منفردة بذاتك».. «حضرتك مفاوض عظيم ولا تتنازل أبدًا».. «أنا ثقتى فى استقامتك الفكرية السياسية يا دكتور بلا حدود.. بلا حدود.. بلا حدود».. «أنا لسه قايل لمدام عايدة، ما تروحش أى مكان مُعلن».. و«مش فى الجنينة يا دكتور.. مش فى الجنينة»!

المهم هو أن كذبة إبراهيم عيسى، التى نشرتها «المصرى اليوم» فى ٢٥ يناير ٢٠١٧، لم ينسفها فقط حديث «مرسى» مع «الشاطر»، بل حوّلها البرادعى نفسه إلى «شهادة زور» فى حلقة من برنامج «وفى رواية أخرى»، تم عرضها فى «٢٨ يناير ٢٠١٧»، ويمكنك بسهولة أن تجدها على «يوتيوب».

الحلقة هى الرابعة من سلسلة حوارات أجرتها قناة «العربى»، التى يديرها بالوكالة الإسرائيلى عزمى بشارة، وفيها قال محمد البرادعى إنه اتفق مع شباب تمرد وعبدالمنعم أبوالفتوح وآخرين على أن يكون رئيسًا للوزراء، بعد ٣٠ يونيو، وأنه ذهب فى اليوم التالى إلى مكتب الرئيس عدلى منصور ليحلف اليمين، غير أنه قبل أن يحلف اليمين بعشر دقائق، جاء اتصال تليفونى من قيادة عليا فى الدولة بأن حزب النور حاطط عليه فيتو، أى معترض عليه. ما ينفى أنه رفض أو تردّد أو انتظر أو احتاج من الأخ إبراهيم أن يقوم بإقناعه!.

.. وتبقى الإشارة إلى أن البرادعى، الذى تمت ترضيته، أو تحييد من يستعملونه، بجعله نائبًا للرئيس المؤقت، ترك هذا المنصب، وهرب من البلاد، بعد أيام من اجتماع مغلق عقده مع وليام بيرنز، الذى كان يزور القاهرة وقتها، بصفته مساعد وزير الخارجية الأمريكى، والذى يشغل الآن منصب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكى، ويمكنك أن تضيفه، طبعًا، إلى قائمة أو نادى محتقرى محمد البرادعى.