رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثقة والخذلان

لما حد يثق فيك.. لازم تقدّر ده جداً، وتبقي واعي إنك تكون قد المسئولية تجاهه، يا أما تبلغه إنك مش قد الثقة دي وتبعد عنه.

ليه؟ عشان لما حد يحط ثقته بيك ويحس بالأمان معاك وأنت تخذله يبقى محتاج تعرف حجم الضرر ده عليه ايه وعليك أنت كمان.

عارف يعني ايه تكون شخص غير مؤتمن؟

طيب خلينا نبتدي من الأول ... يعني ايه ثقة؟

في نظريات كتيرة تم بناءها علي تعريف الثقة من وجهة نظر علم النفس والاجتماع.. لكن ملخصها تقريبا إن الثقة يعني درجة إيمان الشخص في نزاهة وأمانة الشخص الأخر وتصديقه.. الثقة هي توقع النوايا الحسنة من الشخص الأخر.

والثقة عمود ومكون أساسي لكل العلاقات، وربنا دايما يحثنا في نصوص كتيرة علي حسن الظن بالناس ونهانا عن الظن السيء، وهو ده السلوك السوي والأصل في العلاقات عشان نكون مرتاحين وأسوياء.

لما تظن بشخص خير وتثق فيه، تحكيله أسرارك، تديله مشاعرك، تستأمنه علي حياتك معاه، تصدق وعوده، دي حاجة كلنا محتاجينها في حياتنا وبنحاول دايما ندور علي الشخص الصح اللي نقدر نديه ثقتنا سواء كان صديق أو حبيب.

فتخيل لما يخونك، إحساسك هيكون ايه؟

الخيانة إن حد يفضح سرك أو انه ميحافظش علي الأمانة أو ينقض العهد بينكم أو يوعد ويخلف عن قصد.. كل أنواع الخداع خيانة.

والخيانة هي من كبائر الذنوب عند ربنا وفي أحاديث وايات اتكلمت عن قبح الفعل ده:
آية المنافق ثلاث، إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان".

إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (الأنفال: 58)

{إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} ( الحج: 38 )

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} (النساء:107).

والخوان هو اللي فعل الخيانة بقى متلازمة عنده وده بقى طبعه.


فعلى قد إحساسك لما تتخان صعب وإنك تفقد الثقة في شخص أئتمنته مؤلم جداً.. علي قد مأنت هتتحاسب علي ده دنيا واخرة.

لما تحس إن اللي حواليك فقدوا الثقة فيك مهما اتكلمت، ومهما وعدت محدش بيصدقك وعشان ترجع تبني الثقة دي من تاني هتحتاج مجهود وصبر كبير أوي منك.

هتحتاج تتعود علي إنك محتاج تدي دايما إثبات علي كلامك، تتعود علي شكوك الناس بيك، هتبقي عامل زي اللي بيمثل إنه بيغرق والناس تتخض وتجري عليه عشان تنقذه تلاقيه بيمثل عليهم.. فيوم ما يكون بيغرق بجد ويستنجد بالناس محدش هيصدقه ولا حد هيحاول ينقذه.

الإحساس ده مخيف أوي مش عارفة إزاي في ناس عندها الجرأة إنهم يحطوا نفسهم في الموقف ده.

يعني لو معندهمش إحساس باللي يخونوهم ومش فارق معاهم حد .. مش فارق معاهم نفسهم؟

إزاي الناس دي مبتخافش من ربنا، في حديث عن الرسول "صلى الله عليه وسلم" بيقول: "ما نقضَ قومٌ العهد إلَّا سَلَّط عليهم عدوهم"،.

وقال تعالى: { وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ } (يوسف: 52)

فليه أصلا تحط نفسك في موقف زي ده؟ ده رعب حقيقي.

يعني لو مش هتقدر تحافظ علي سر لما حد يجيي يحكيلك عنه قوله متقوليش مش بعرف امسك لساني.

لو بتشتغل عند حد واستأمنك.. مش قد الأمانة امشي.. بلاش الغش والكدب.

لو مش هتعرف تحافظ علي مراتك اللي هي أمانة وأنت أخدت عهد قدام أهلها إنك تحافظ عليها وتكرمها.. متتجوزهاش أو سيبها لو بعد فوات الأوان وسروحهن سراحاً جميلاً، ليه تخونها وتكدب عليها وتجننها وتشككها في نفسها والعكس صحيح طبعا.

لما تصاحب ناس بهدف إنك تاخد منهم مشاعرهم ووقتهم وتخون ثقتهم بيك وتبعد عنهم وقت مايكونوا محتاجينلك.. ماتبعد عنهم من الأول بدل ما تألمهم وتعملهم مشكلة نفسية وازمة ثقة في اللي حواليهم بعد كده.

لكن للأسف الطمع هو اللي بيصور للإنسان إنه يقدر يأخد كل حاجة بالكدب والخداع.. وإن محدش هيكشفه ولو اتكشف هيقدر بأي طريقة يبرر ده ويرجع يكرر تاني فعله.. لكن علي مر الزمان اتأكدلنا أن محدش بياخد كل حاجة ومفيش حد بيبني سعادته علي خيانة الغير وربنا يكرمه، ولو فاكر ان الناس مش هتكشفك ومش خايف من حد خاف من ربنا.

وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا