رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صحة وتعليم.. ومعهد ناصر

الشاعر الرومانى ديسيموس يونيوس يوفيناليوس، المعروف باسم جوفينال، الذى عاش فى أواخر القرن الأول وبدايات القرن الثانى، بعد الميلاد، هو صاحب مقولة «العقل السليم.. فى الجسم السليم». ولولا أن الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، لا يزال هو القائم بأعمال وزير الصحة، لقلنا إن تلك المقولة هى الرابط الوحيد بين الحديث عن تطوير «معهد ناصر» ومناقشة إنشاء «الأكاديمية المصرية لعلوم الرياضيات»، واستعراض أنشطة «الكلية الملكية البريطانية للأطباء والجراحين» فى مصر.

مع الموقف التنفيذى لعدد من المشروعات القومية فى قطاعى الصحة، والتعليم العالى، جرى تناول الموضوعات الثلاثة فى اجتماع عقده الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأول الإثنين، مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، و«عبدالغفار»، والدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية. وبصفته قائمًا بأعمال وزير الصحة أطلع عبدالغفار الرئيس ورئيس مجلس الوزراء على مستجدات تنفيذ المبادرات الرئاسية فى قطاع الصحة، خاصة مبادرة القضاء على قوائم الانتظار، إضافة إلى الموقف الحالى لتقدم الأعمال فى عدد من المشروعات القومية، خاصة المشروع القومى للتأمين الصحى الشامل والمشروع القومى للبلازما، إلى جانب تطورات فيروس كورونا فى مصر.

المهم هو أن «معهد ناصر»، الذى تم افتتاحه فى يوليو ١٩٨٧، يُعد واحدًا من أهم ركائز المنظومة الصحية فى مصر، ويستقبل حوالى مليون و٦٠٠ ألف مريض سنويًا، بين جراحات متقدمة وعلاج للأورام وزرع للنخاع و... و.. ويشهد حاليًا أعمال تطوير، كان الوزير قد تفقدها، فى ٥ مارس الماضى، بلغت تكلفتها حوالى ٥٠٠ مليون جنيه، وتضمنت رفع كفاءة المبنى الرئيسى وتطوير المدخل، ومحطة الكهرباء، ومحطة التكييف المركزى، و... و... وإحلال وتجديد مدرسة ومعهد التمريض داخل المستشفى. 

تأسيسًا على ذلك، أو انطلاقًا من عدم كفايته، وجّه الرئيس خلال اجتماع، أمس، بالتطوير الشامل للمعهد، ليصبح مركزًا بحثيًا ومدينة طبية متكاملة، إضافة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للمعهد، ورفع كفاءة بنيته التحتية، وتحقيق الاستدامة فى الخدمات الطبية التى يقدمها. وعليه، أشار «عبدالغفار»، إلى أن التطوير سيشمل إضافة عدد من المبانى الجديدة لأمراض الباطنة والأطفال، ومركز ومعمل لأبحاث الأمراض الوراثية، إلى جانب مهبط للطائرات وخدمة الإسعاف النهرى، وتوسيع مبنى الأورام. 

وجه الرئيس، أيضًا، بإنشاء «الأكاديمية المصرية لعلوم الرياضيات»، على غرار أعرق أكاديميات الرياضيات فى العالم، لاحتضان النوابغ فى هذا المجال الدقيق وتوفير الدعم العلمى لهم، بما يسهم فى الربط الأكاديمى بين علوم الرياضيات والتكنولوجيات البازغة، وتطوير صناعة البرمجيات والأمن السيبرانى فى مصر. وهنا، عرض خالد عبدالغفار، بصفته وزيرًا للتعليم العالى والبحث العلمى، أهم التطبيقات المقترحة التى ستعمل من خلالها أكاديمية علوم الرياضيات، خاصة الحواسب الإلكترونية، وتكنولوجيا الإنترنت، والطيران، والفلك والفضاء، ومعالجة البيانات والبرمجة، مشيرًا إلى أن إنشاء الأكاديمية سيؤدى إلى بناء كتلة حرجة من العلماء المصريين فى علوم الرياضيات، خاصة أن مصر تحتل المركز ٣٩ عالميًا فى هذا المجال.

بصفته وزيرًا للتعليم العالى والبحث العلمى، أيضًا، استعرض «عبدالغفار» أنشطة «الكلية الملكية البريطانية للأطباء والجراحين» بجلاسكو فى مصر، التى ستبدأ خلال العام الجارى فى تقديم برامج تدريبية وعقد امتحانات الزمالة فى تخصص أمراض العيون بالتعاون مع معهد بحوث أمراض العيون، وتخصص طب الأسنان بالتعاون مع كلية طب الأسنان بجامعة عين شمس. وفى هذا السياق، وجه الرئيس السيسى بإنشاء مقر دائم للكلية الملكية البريطانية فى العاصمة الإدارية الجديدة.

.. أخيرًا، وكما بدأنا بردّ مقولة العقل السليم إلى صاحبها، إلى جوفينال، لا نجد مانعًا من ردّها، بمناسبة الشهر الكريم، إلى سياقها، إلى القصيدة، أو شبه القصيدة، التى كتبها المذكور: «صلّ من أجل عقل سليم فى جسم سليم.. وقلب شجاع لا يخشى الموت ويرى طول العمر أقل نعم الطبيعة قيمة.. قلب يتحمل أى صعوبات من أى نوع.. ولا يمسسه الحنق أو الرغبة.. قلب يرى أن محن هرقل وأعماله الشاقة أفضل من حب ساردانابالوس ومآدبه ووسائده الوثيرة». وقبل أن يدهشك اسم «ساردانابالوس»، Sardanapalos، نشير إلى أنه معروف أيضًا باسم آشوربانيبال، وهو آخر ملوك الإمبراطورية الآشورية القديمة.