رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسانسير المصنفات الفنية


[email protected]
تنال الأعمال الأدبية والفنية تصريحاتها بالعمل من المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة.. يقوم المبدعون بتصنيف أعمالهم هناك ويتنازلون عنها، لو شاءوا، للأفراد أو الشركات.. وعلى هذا فالمؤسسة حيوية وحساسة بكل معنى الكلمة، والموظفون الذين فيها متميزون بلا شك، أو هكذا الظن فيهم، ويفترض أنهم يملكون حسا أدبيا وفنيا رفيعا، يمكنهم من أداء مهماتهم على الوجه الأكمل والأدق.. وكم لمست النخبة المبدعة فيهم مثل ما أقول الآن بلا مجاملة!

أمرّ بالمصنفات طبعا كلما دعتني الحاجة إلى ذلك، أتفرغ ليوم الذهاب فالمكان مزدحم باستمرار، ولكنهم راقون ومتفهمون، وغالبا ما تنتهي الأمور نهاية إيجابية بالرغم من الضغوط الهائلة على الموظفين والعمال ومن يقومون بتأمين المقر ذي القيمة الكبيرة..
المصنفات في الدور التاسع في مبنى قديم فخم يطل على شارع قصر العيني الرئيسي.. للمؤسسة أسانسيرها الخاص الذي يفضي إليها مباشرة، وهو منعزل عن الأسانسيرات الأخرى بالمبنى، والمقبلون عليه أضعاف المقبلين على سواه؛ لذا كان من الطبيعي أن تحدث له أعطال بين الحين والآخر، وأن يعجز عن الصعود والهبوط، كما لو كان إنسانا من لحم ودم أنهكه التركيز الشديد عليه، ولا بأس بالأمر، على أن يكون إصلاحه ممتازا وسريعا طبعا؛ لأن أصحاب المصالح كثيرون، والمكان يستفيد ماديا من الناس كما يستفيدون منه بإنفاذ أمورهم..

في يوم 24 فبراير الفائت ذهبت إلى المصنفات بأغانٍ أردت تصنيفها، عانيت يومها صاعدا وهابطا لأن الأسانسير كان متعطلا، لكنني أنهيت إجرائي الأصلي بيسر، وتحدد موعد استلامي الأوراق، لو أجيزت، بعد خمسة عشر يوما كما هي العادة، تأخرت عن الموعد المحدد لظروف خاصة، وذهبت في 22 مارس للاستعلام، أي بعد قرابة شهر كامل، واستلمت الأوراق بالفعل، وهو المتوقع من مؤسسة لا تتلكع في سيرها، وتحرص على التعامل الجاد النظيف، وتعرف أن المتعاملين معها ذوو قامات سامقة بمجالات سامية.. ولكنني، ويا للعجب، وجدت الأسانسير لا يزال متعطلا!!
حملت طفلتي، التي كنت أخذتها معي لموعد لاحق مع طبيب، من الدور التاسع إلى الدور الأرضي، وكادت تسقط مني لأنني معتل القدمين بالأساس.. ورأيت موظفين كبارا ينزلون من الأعلى على أرجلهم أيضا، وذهلت في الحقيقة، كيف يكون المكان مهيبا، وبعض خدماته الضرورية سيئة إلى هذا الحد؟!
زاد الطين بلة يومئذ أن الرجل الملازم للأسانسير، وهو عامل من عمال المصنفات اضطره فساد الحال إلى ذلك، أخبرني بأن الصيانة كانت موجودة، ومضت بعد أن جربت الأسانسير وأكدت صلاحيته للاستعمال، ولكنه ما لبث أن تعطل مجددا!! 

أثق بأن الشأن سيكون أفضل برعاية فورية من الوزيرة نفسها، لو كان الوضع لا يزال مرتبكا ومخجلا، لكنني أردت إثبات حالة كما يقال، حالة لا تليق بموقع رفيع، ولا موظفيه، ولا المتعاملين معه.