رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نحن.. والمواجهة الاقتصادية

لاشك أن الاقتصاد العالمى والمصرى قد أصيبا بأمراض اقتصادية كبيرة وعميقة، ودائمًا وفى مثل هذه الظروف لا بد أن يكون هناك ثمن بل أثمان تدفع بشكل مباشر وغير مباشر، فالثمن المباشر هو انخفاض نسبة نمو الدخل القومى نتيجة لزيادة نسبة العجز فى الموازنات العامة حيث زيادة الأعباء والمصروفات فى مقابل إيرادات أقل كثيرا من هذه المصروفات.
خاصة عندما تكون هذه الإيرادات نتاجا لمصادر ريعية متغيرة تأثرا بالظروف المحيطة بمصدر هذه الإيرادات مثل (عائد أموال المصريين فى الخارج.. إيرادات قناة السويس..السياحة.. إلخ).
فما بالك بالتأثير المباشر لجائحة كورونا والتى جاءت بعد سنوات قليلة من تعويم الجنيه وتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ فى نوفمبر ٢٠١٦، وبالطبع فقد كان هذا التعويم وذلك الإصلاح روشتة علاج ودواء مرا دفع ثمنه الطبقات الفقيرة والمتوسطة التى لم تعد متوسطة.
ذلك لأن ذلك الإصلاح أوقع عبأ ثقيلا على المواطن حيث يتم رفع الدعم بكل أنواعه ومسمياته مع رفع أسعار الطاقة والخدمات التى لا يستغنى عنها الغنى أو الفقير، وذاك إضافة إلى أن قيمة الجنيه قد انخفضت فكان من الطبيعى زيادة الأسعار فى ضوء عدم رقابة رسمية أو شعبية تحت مسمى حرية السوق (العرض والطلب).
مع العلم أن حرية السوق هذه هى أحد مطالب صندوق النقد الدولى، تلك الحرية التى لا تصلح إلا فى مجتمعات الوفرة الاقتصادية وليس فى ظل اقتصاديات الدول النامية والفقيرة، وتشاء الأقدار أن تحل على رءوسنا مع العالم أيضًا كارثة الحرب الروسية الأوكرانية التى سيتأثر بها الجميع وعلى كل المستويات نتيجة للعقوبات المتبادلة بين الروس والغرب، إضافة وهو الأهم.
إن روسيا وأوكرانيا أهم الدول التى تصدر القمح والمواد الغذائية لنا على اعتبار أننا من كبرى الدول المستوردة للقمح فى العالم، فما بالك وبالرغم من كل ذلك فإن الديون الداخلية التى وصلت إلى خمسة تريليونات جنيه والخارجية التى وصلت إلى مائة وخمسين مليار دولار تقريبًا.
وهذا يعنى أن الأقساط وفوائدها تمتص حوالى ٨٠% من الدخل القومى الشىء الذى قلص العملية الاستثمارية فى باقى الخدمات (تعليم وصحة ثقافة.. إلخ). ففى ظل هذا الوضع الذى كنا نأمل أن نخرج منه فوجئنا بهذه الحرب فزادت الأسعار وانخفضت قيمة الجنيه وذلك لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية وفى كل الأحوال فالذى يدفع الثمن وبكل وضوح هو المواطن الفقير، لأنه بكل بساطة فدخله أيًا كانت قميته لا يتوازى مع الأسعار مما يضيف أعباءً فوق الطاقة.
ولذلك وجدنا تلك القرارات التى أقرت صرف العلاوات الدورية أول أبريل بدلًا من أول يوليو، هذا هو الوضع فماذا بعد؟ هل نستسلم؟ هل نعالج الموقف بالشكل التقليدى الذى كنا نعالج به مثل هذه الأزمات؟ بالطبع لا.
حيث إن هذه الحرب أيًا كانت نتائجها ستغير كثيرا فى معطيات النظام الدولى خاصة فى الجانب المالى والاقتصادي، فلا أمن ولا أمان فيما يسمى حرية التجارة ولا فى حرية الملكية للأشخاص أو الدول فأى دولة تختلف أو لا تخضع للدولة التى بها الأوعية الإدارية والاستثمارية سيتم مصادرة تلك الأموال! كما أن الدولة التى تمتلك أى فائض سلعى يحتاجه الآخر مثل (أغذية وطاقة.. إلخ) سيتم التحكم الاقتصادى والسياسى وهذا هو الممارس دائمًا هنا نقول جميعنا يتابع من يستغلون هذه الظروف من الذين لا يريدون لهذا الوطن الخير خاصة فى وسائل التواصل الاجتماعى فى الوقت الذى يتحدث فيه الجميع عن حبهم للوطن.
فى الوقت الذى يحتاج فيه الوطن لكل سواعد أبنائه عملًا وفكرًا ورأيًا فالوطن وطن كل المصريين المنتمين والخائفين عليه ولذلك علينا بفتح الأبواب لكل الآراء حتى يتم التعبير عن الرأى حيث إن ذلك يعتبر شكلا من أشكال المشاركة فى اتخاذ القرار الذى نحتاجه الآن.
وهذا لا يجب أن يقتصر على التواصل الاجتماعى فقط ولكن فى وسائل الإعلام الرسمية حتى تتم المناقشة وإعطاء فرصة الرأى والرأى الآخر، لابد من ثورة صناعية وزراعية حقيقية تحول الاقتصاد إلى اقتصاد إنتاجى يكفى الاستهلاك الداخلى ويوفر التصدير للخارج الذى يتمثل فى عمل صعبة تقوى وتضيف.
هل يمكن أن نعيد النظر فى ما يسمى الأولويات؟ فمن الطبيعى استراتيجيًا أن مشروعات البنية التحتية وهى مطلوبة لها ظروفها والمشروعات الإنتاجية لها ظروفها، الآن نحن فى أشد الاحتياج لكل ما يسمى إنتاج. 
على البرلمان أن يناقش خطة الحكومة التى ستعرض قبل ٦/٣٠ فى إطار الواقع الاقتصادى المعيش. على الحكومة أن تعمل وفورا برؤية سياسية جديدة غير تلك الرؤية التقليلدية الموروثة التى تراكم ولا تحل. على الإعلام أن يقوم بالدور الإعلامى المهنى لزيادة الوعى بالمشكلة وطرق الحل فالجميع حكومة وشعب تحت عبأ المسئولية والجميع سيدفع الثمن ولكن يجب أن يكون هذا الثمن حسب الطاقات والقدرات حتى يكون هناك عدل وعدالة اجتماعية يساهمان فى توحد الشعب فى ظروف صعبة .

 حمى الله شعب مصر الصابر والقادر.