رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سلفيون في العلن إخوان في الخفاء

أرشيفية
أرشيفية

أثار إعلان الداعية السعودي، عائض القرني، التنصل من منهج تيار الصحوة السعودي موجة من الجدل في العالم العربي، خاصة لدى جماعة الإخوان التي كثيرا ما ظهر القرني وزملاؤه في التيار يؤكدون عدم وجود اتصال بينهم وبينها، رغم الجذور الإخوانية المعروفة للكثير من دعاة الصحوة والتيار السروري والتيار القطبي على السواء، وكأنهم فصيل واحد ذو شعب متعددة، وتؤكد الشواهد أن ظهور هؤلاء جميعا في المملكة العربية السعودية وغيرها كان إخوانيا بالدرجة الأولى وأن الجماعة تعهدتهم بالرعاية والدعم.

استطاع دعاة هذا التيار بتبايناته الدقيقة إعادة إنتاج أفكار حسن البنا التي ترجمها سيد قطب في ثوب سلفي، وتصديرها للعالم الإسلامي في ثوب سلفي، قد يبدو في كثير من الأحيان معارضا للإخوان، خاصة في مصر التي ظهرت فيها مراكز كبيرة لهم.. السطور التالية تلقي الضوء على أبرز أعلام التيار السروري في مصر وأهم أفكارهم.

المرجعيات والأصول

 يرفع أصحاب هذه الاتجاهات التي تماهت معا المنهج الإخواني القطبي في مصر- كما هو الحال في السعودية- وتؤكد دائما أنها تتبع منهج السلف الصالح، أو العودة للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وهو الشعار الذي اجتذب إليهم الكثير من الراغبين في تعلم منهج السلف والاطلاع على ما كان عليه السابقون، إلا أن الواقع يعكس غير ذلك، فالظاهر يرتدي ثوبا سلفيا أصوليا يعود إلى المنابع الأولى للإسلام، أما الباطن فيحمل فهم الكتاب والسنة بعد عرضه على فكر حسن البنا وسيد قطب، وتأويل النصوص الشرعية ومواقف السلف حسب ميزان "الحاكمية"، الذي وضع أصوله "قطب"، المترجم الأكبر لأفكار مؤسس جماعة الإخوان، وتعتبر الحاكمية لديهم ركنا من أركان الإيمان.

 

مطبخ التيار الإخواني السلفي

 يمكن تتبع نشأة أصحاب هذا الاتجاه السلفي الإخواني في مصر من خلال محورين أساسيين، وهما:

 المحور الأول: السجون المصرية في الستينيات

 بعد الأحداث الكثيرة التي تورطت فيها جماعة الإخوان في مصر، والتي أدت بهم إلى السجون في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، تشكلت داخل السجون أيديولوجيات جديدة تحمل الفكر السلفي العلمي، لكنها سرعان ما تحولت إلى جماعات حركية، ومنها ظهرت الكثير من التنظيمات التي كانت جماعة الإخوان الحاضنة الأولى لها، مثل جماعة الشكريين وغيرها، وفي الوقت نفسه ظهرت إرهاصات اتجاه آخر يحمل الفكر نفسه، ويؤمن بالعمل الحركي، ولا يمارسه رغم أنه يُقعِّد له ويُظهر الميل إلى تغليب الجانب العلمي الذي يستقي روافده من مؤلفات السلف ويعيد إنتاجها بشكل جديد بعد أن يصبغه بفكر جماعة الإخوان، خاصة قضية الحاكمية التي تبلورت بشكل كبير في كتابات ومؤلفات سيد قطب.

 المحور الثاني: العائدون من السعودية

 خلال فترة الستينيات، أدى الخلاف السياسي الذي نشأ بين الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر والمملكة العربية السعودية إلى فرار الكثير من رموز جماعة الإخوان إلى السعودية، التي رحبت وقتها بوجودهم على أراضيها ظنا منها أنهم يحملون منهجا إسلاميا، بعدما استمعت المملكة إلى مظلومياتهم وفتحت لهم أبواب المعاهد التعليمية والجامعات، وهو الحلم الذي خطط له مؤسس الجماعة حسن البنا، لإطلاق الخلافة الإخوانية من أرض الحرمين.

 وتعترف زينب الغزالي في مذكراتها بهذه الحقيقة فتقول:

"درسنا كذلك وضع العالم الإسلامي كله بحثا عن أمثلة لما كان قائما من قبل بخلافة الراشدين، والتي نريدها نحن في جماعة الله الآن، فقررنا بعد دراسة واسعة للواقع القائم المؤلم أن ليس هناك دولة واحدة ينطبق عليها ذلك، واستثنينا المملكة العربية السعودية مع تحفظات وملاحظات يجب أن تستدركها المملكة وتصححها"، (انظر: أيام من حياتي، زينب الغزالي،26).

 ولا شك أن هذه الفترة قد شهدت سيطرة قيادات الجماعة الفارين إلى السعودية على مفاصل الجامعات والمعاهد التعليمية حتى وسائل الإعلام، وباتت لهم الهيمنة الكبرى على هذه المؤسسات التي انتبهت إليها المملكة في وقت متأخر.. ومن أبرز الشخصيات التي صارت وحدها مراكز علمية لخلط المنهج السلفي بالفكر الإخواني، محمد قطب، المترجم الأول لأفكار سيد قطب، الذي أشرف بنفسه على عشرات الرسائل الجامعية في المملكة، وصار رموز الإخوان في المملكة قبلة لكل من يلهج وراء هذا المنهج في مواسم الحج والعمرة فتأثر بهم الكثير من الدعاة، وعادوا به إلى مصر، زاعمين أنهم تلقوا علوم السلف من منابعها، وأظهر بعضهم معارضته الشديدة للإخوان، لكن الأيام كشفت عكس ذلك فيما بعد.


رموز التيار في مصر

 

اتخذ الكثير من رموز هذا التيار مسجد العزيز بالله، في منطقة الزيتون بالقاهرة، مركزا رئيسيا لدروسهم العلمية، التي تبدأ بدراسة كتب السلف بشكل علمي منهجي، وفي الوقت نفسه تخالف منهج وأصول السلف من خلال غرس أفكار حسن البنا وسيد قطب خلال الشروح العلمية التي يجعلونها تتماشى معها، خاصة حينما يتعرضون لمسألة الحاكمية التي يجعلونها في مقام توحيد العبودية لله تعالى، ويتخذونها منطلقا للتكفير الخفي للمجتمع دون الإعلان عن ذلك صراحة.


 ومن أبرز رموز هذا التيار:

ظهر الكثير من الأسماء التي تحمل السمت السلفي خلف جماعة الإخوان بعد ثورة يناير، وأنشأوا كيانات مشتركة تتماهى فيها أفكارهم التي يختلط فيها السلفية العلمية مع السلفية الجهادية مع فكر وتوجهات الجماعة، منها على سبيل المثال مجلس شورى العلماء، والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، والجبهة السلفية، وأظهروا مساندتهم للجماعة ومباركتهم لكل خطواتها، رغم ما كانوا يظهرونه من انتقاد للإخوان بسبب تهاونهم في طلب العلوم الشرعية، من بينهم: عبدالله شاكر ومحمد حسان وأبوإسحاق الحويني وسعيد عبدالعظيم وأبوبكر الحنبلي وجمال المراكبي وجمال عبدالرحمن ووحيد بالي، وغيرهم الكثير.


الشيخ مصطفى العدوي

 

نشأ العدوي في قرية منية سمنود بمحافظة الدقهلية عام 1954، وسافر عدة مرات إلى المملكة العربية السعودية، وزعم أنه تلقى العلم على يد رموز التيار السلفي، ومنهم الشيخ ناصر الدين الألباني، مُحدّث المملكة الأردنية، ورغم ذلك فقد وجّه العدوي الكثير من الطعون إلى الألباني، وكذلك مُحدّث مصر الشيخ أحمد محمد شاكر، واتهمهما بالتساهل في تصحيح الأحاديث.

 

وانضم العدوي إلى ما يسمى مجلس شورى العلماء، وأيد الجماعة التي كان ينتقدها، ثم ما لبث أن انقلب عليها حينما شعر بأنها ستضعه في موقف حرج أمام تلاميذه الذين تربوا على يديه ولقنهم نبذ الحزبية، وقد ظهر على قناة الرحمة الفضائية التي يمتلكها الداعية محمد حسان، وقال: "إن محمد مرسي فاسد العقيدة ويلزمه التوبة".


محمد عبدالمقصود          

 

من مواليد محافظة المنوفية عام 1947، تخرج في كلية الزراعة بجامعة الأزهر، وعمل أستاذا متفرغا بمعهد البحوث الزراعية، وكانت له دروس علمية في عدد من مساجد القاهرة، منها مسجد المغفرة بحدائق المعادي ومسجد الرحمة بالمعادي الجديدة، وكانت تدور كل دروسه حول شروح كتب السلف، إلا أنه لم يستطع كتمان منهجه التكفيري، وظهر ذلك بوضوح بعد ثورة يناير، حيث أصبح ضيفا دائما على القنوات الموالية للإخوان، وانضم لما يسمى مجلس شورى العلماء، والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح.

 وكان عبدالمقصود أبرز المحرضين على الدولة في اعتصام رابعة العدوية، وله الكثير من الفتاوى التي يكفّر فيها الجيش المصري ويحرض على قتل الجنود.


وحيد عبدالسلام بالي

 

من مواليد محافظة كفر الشيخ عام 1963، يتمسح الشيخ وحيد بالي بدعاة المملكة العربية السعودية، ويزعم أنه تتلمذ على يد الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين، وبرز نجمه بشكل كبير بعد ثورة 25 يناير، وكان ضيفا دائما على قنوات الإخوان، خاصة قناة الرحمة والناس والحافظ، وانضم أيضا إلى مجلس شورى العلماء والهيئة الشرعية لحقوق الإصلاح، وما زالت دروسه قائمه حتى اليوم على بعض الفضائيات، وتباع مؤلفاته في المكتبات، منها كتاب شهير عن السحر واستخراج الجن، وله كتاب في أسماء الله الحسنى متهم بسرقته من بحث سابق.

 ينشر وحيد بالي الفكر الإخواني تارة في شكل سلفي، وتارة أخرى في ثوب صوفي، خلال سفرياته العديدة للدول الإسلامية خاصة في آسيا وإفريقيا، ويظهر في مساجد هذه الدول الفقيرة في الدعاة والمتعطشة لمعرفة شيء عن الإسلام.

 شارك بالي في اعتصام رابعة، كما شارك مع أتباع حازم أبوإسماعيل في حصار مدينة الإنتاج الإعلامي.


نشأت أحمد

 

من قيادات الجبهة السلفية، وله الكثير من الدروس العلمية في مساجد الجمعية الشرعية والدعوة السلفية بالمحافظات، ومنها مسجد الجمعية الشرعية بالمنصورة الذي يعتبر مركزا رئيسًا للتيار السروري في مصر، انضم أيضا إلى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح الداعمة لجماعة الإخوان، وشارك بشكل كبير في اعتصام رابعة العدوية، وله الكثير من المداخلات والخطب المحرضة على الدولة خلال الاعتصام، الذي شبهه في إحدى خطبه بغزوة الأحزاب وطالب المعتصمين بتقديم البيعة لمحمد مرسي وما سماه الشرعية، وقال: "البيعة على الموت فداء للشرعية، والحق الذي يتمثل في عودة محمد مرسي رئيسا شرعيا للبلاد.. إن مصيرنا هو الجنة ولذلك لا داعي لأي قلق أو خوف فغايتنا الموت ولن نحيد عن الحق".