رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الجهاد الأوروبي" و"المقايضة" و"قصة السودان".. توقيع ساخن فى معرض الكتاب ـ فيديو

جريدة الدستور


كتب جديدة لمواجهة التيارات المتطرفة بـ"الحقائق والمعلومات"

جاسم محمد: واقع الإرهاب في أوروبا هو الخطر القادم

عبدالمنعم: مصر حذرت من قبل من سياسة "بضاعتكم رُدت إليكم" و"في عقر داركم ستكون المعارك"

سوزان حرفي: الإخوان يجيدون استغلال الهامش المتاح لمزيد من فرض سطوتهم

أحمد الشوربجي: الإخوان لم يدرسوا تجربة فشلهم ويصرون على ادعاء أنهم "أُفشلوا" بفعل فاعل

عزام أبوليلة: الدور الإسرائيلي فاعل في انقسام الجنوب ومصر غائبة عن إفريقيا

علي القماش: ناصر رفض الانفصال واستقبله السودانيون بحفاوة رغم هزيمة يونيو

شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب، أمس، ندوة لمناقشة وتوقيع ثلاثة كتب جديدة: "واقع الإرهاب والتطرف في أوروبا 2018"، للبروفيسور العراقي جاسم محمد، وكتاب "المقايضة.. لماذا فشل الإخوان في حكم مصر؟"، للباحث الفلسطيني جمال العبادي، وأخيرا "السودان قصة الحرب"، للكاتب عزام أبوليلة.

والكتب صادرة عن المكتب العربي للمعارف، وقد أدار اللقاء الكاتب عمرو عبدالمنعم، بمشاركة أحمد الشوربجي، الباحثان في شئون الحركات الإسلامية.

وتولى "عبدالمنعم" توقيع الكتاب نيابة عن د. جاسم، وأعلن د. ممدوح الغالي، ناشر الكتاب، عن إتاحته لحضور المناقشة كهدية، مع تخفيض يصل 40% من سعره للقراء، وأكد أن الكتب تندرج ضمن سلسلة تتبناها الدار لمواجهة الغلو والتطرف.

حقائق صادمة

يشير د. جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في كتابه الذي شاركه فيه نخبة من الباحثين الشباب، منهم حازم سعيد فرج ، بسمة فايد محمد ، شيماء على ، قيصر حسان السلطانى، إلى أن الإرهاب باتت أوروبا تصدّره للمجتمعات العربية، وليس كما يتصور البعض بأن العكس فقط هو ما يحدث، 

وقد ترك نحو 40 ألف مقاتل أوطانهم في أوروبا، وسافروا لما يسمى بـ"الجهاد الإسلامي"، وتمركزت عملياتهم في سوريا والعراق وليبيا ومناطق النزاع الرئيسية، وهؤلاء المقاتلون الأوروبيون منهم نحو 13 ألفا تزوجوا وأنجبوا واصطحبوا أسرهم بمناطق الصراع.

ويكشف كتاب "واقع الإرهاب في أوروبا"- كما يشير مدير اللقاء- عن نشاط كبير لجماعة الإخوان المسلمين، والتغلغل بأبرز المراكز البحثية والإعلامية، كما يكشف الكتاب علاقة الاستخبارات الأمريكية بشخصيات فاعلة إخوانية، وحقيقة وجود الجماعة في سويسرا والنمسا وبلجيكا والسويد، وهو ما ينفي عن الجماعة فكرة الاستضعاف.

وأضاف أنه من المؤسف انشقاق كيانات جديدة عن الإخوان، منها "حسم" و"لواء الثورة"، تميل للفكر العنيف الدموي كحل وحيد للصراع مع السلطة، ولا تأبه لدماء الأبرياء.

وقال "عبدالمنعم" إن العائدين من براثن تلك التنظيمات من جهاديي أوروبا، شكلوا موجات جديدة مما يعرف بـ"الذئاب المنفردة"، التي قام بعضها بعمليات نوعية عنيفة في بلدانها لاحقا.

ويوجد نحو 33 مركزا بحثيا إخوانيا في أوروبا، ولديهم شبكات تؤثر في صناعة القرار، ومن سياساتهم التضخيم في قضايا بعينها وشخصيات بعينها لتصبح بؤرة للاهتمام، وإشعار المجتمع الدولي بأنها تتعرض للاضطهاد.

ويوضح "عبدالمنعم" أن مصر حذرت من قبل من سياسة "بضاعتكم رُدت إليكم"، و"في عقر داركم ستكون المعارك"، وسياسات أوروبا تجاه الشرق الأوسط بتصدير الأزمات إلينا، وقد تم وقف برنامج بالتليفزيون المصري عن التيارات الإرهابية في الصعيد والمناطق المهمشة، بعد 11 سبتمبر، لأن السياسات آنذاك كانت تدعم فكرة تصدير العالم العربي كأصل للبلاء بالتطرف.

ولا يشير الغرب عادة في إعلامه لتعددية وتسامح الحضارة الإسلامية، وربما أخفقنا في عدم إظهار النماذج المعبرة عن ذلك.


خطة قديمة

وأشار كل من الباحث حازم سعيد فرج والباحثة بسمة فايد محمد والباحثة شيماء على إلى مايتناوله الكتاب من خريطة تواجد الجماعات المتطرفة داخل دول أوروبا وعلاقتها بمعاقل الجماعات الجهادية فى دول المنطقة أبرزها سوريا والعراق وليبيا، وتنامى التوجهات اليمينية المتطرفة ونزعات الاستقلال عن الاتحاد الأوروبى ،وتصاعد خطابات الكراهية والإسلاموفوبيا.

وقال د. أحمد ضياء الدين، الكاتب الصحفي، إن اليمين الأمريكي يعمل لصالح تسييس أهداف دينية بالأساس، وتشبه تلك التي انطلقت منها الحروب الصليبية قديما، وعبرت سياسات بوش الابن بوضوح عن ذلك، وقد فشلت سياساتهم في اختراق الحدود المصرية وكسرها، وحاولوا بعمليات "الرصاص المصبوب" وغيرها إفشال العالم العربي، وبالفعل هيمنوا على العراق عسكريا ودارت الدائرة بعدها على العديد من الدول. 

وانتقد الكاتب النغمة التي تصدرها الجماعات الدينية بـ"عودة الدين" وكأنه قد مات، أو محاولات تصنيف البشر لمتدين وعلماني بناء على أمور شكلية لا تمت لجوهر الدين بصلة.

استغلال الهامش!

من جانبها، أشارت الإعلامية المصرية، سوزان حرفي، إلى أهمية مواجهة التيارات المتطرفة بـ"الحقائق والمعلومات"، مؤكدة أن جماعة الإخوان ليست مدرسة اعتدال فكري ديني، كما حاولت تصدير نفسها عبر عقود ماضية، ولكنها تسعى لأسلمة المجتمع وبسط هيمنتها وسلطانها بكل السبل مهما كانت.

وقالت "حرفي" إن الإخوان جماعة تبنى رموزها على العنف في فترات مختلفة، ومنهم عبدالمنعم أبوالفتوح، الذي اعترف بكتابه بأنهم في السبعينيات حملوا أفكارا تتبنى العنف كحل، ولهذا كان تعاطفهم مع قضية الفنية العسكرية، وحزب التحرير، من منطلقات "مدافعة الظلم"،  وكانوا في تلك المرحلة أقرب لأفكار مصطفى مشهور وسيد قطب.

من جهة أخرى،  تساءلت سوزان حرفي عن موقف أوروبا بعد أن احتضنت التيار المتطرف في لندن والعديد من الحواضر، واليوم تجني ما زرعته، بعودة العمليات العنيفة لأرضها، وهنا فقط أسمتهم بالإرهابيين!

واستطردت "حرفي"، وهي صاحبة كتاب عن تنظيم الإخوان السري منذ السبعينيات، بالقول: الإخوان يجيدون استغلال الهامش المتاح لمزيد من فرض سطوتهم، من خلال النقابات والمراكز البحثية والحقوقية وجمعيات الإغاثة، وهنا نكون بصدد "دولة ونظام داخل النظام"، وهنا يكون التساؤل: كيف يمكن مواجهة هذا الهامش المتسلط دون تضييق على الحريات كما يحدث في مصر الآن؟.

لماذا فشل الإخوان؟

وللإجابة عن هذا السؤال، أفرد جمال العبادي دراسة ماجستير تعد من الأعمال الفريدة عربيا في مواجهة الفكرة بشكل موضوعي علمي، كما يشير الباحث أحمد الشوربجي.

ويؤكد "الشوربجي" أن الإخوان لم يدرسوا تجربة فشلهم في الحكم، ويصرون على التعمية على الحقائق، وادعاء أنهم "أُفشلوا" بفعل فاعل، ولم يفشلوا، وهذا غير حقيقي، ويضر بهم ولا ينفعهم.

والتيار الإسلامي مصاب بعثرات الفشل عبر تاريخه في الحكم، ولا يقرأ تلك التجارب، وللأسف فإن النخبة والمثقفين يواجهون هذا التيار بحديث مؤدلج غير موضوعي ولا علمي، فلا نستفيد من هذا الحوار غير تأجيج الصراع.

ويعتبر "الشوربجي" أن مبارك أحدث أزمة كبرى بالاستيعاب الكامل للإخوان، والذي يسميه مؤلف الكتاب بـ"الجزئي" للإخوان، لدرجة أن شيخ الأزهر يسير في جنازة عمر التلمساني، فكيف نصدق لاحقا أنها قد صارت جماعة إرهابية، طالما النظام قد دعمها، وجعل منها منافسا شرعيا في كثير من البرلمانات وأمام أحزاب عريقة مثل الوفد.

أيضا، لا يتفق الباحث المصري أحمد الشوربجي مع ادعاء الإخوان مظلوميتهم، لأنهم يمتلكون أسهما كبرى في شركات عابرة، مثل "فيات" و"دايو" بأوروبا وآسيا، وحجم ثقلهم المالي خارج مصر لا يزال كبيرا، إضافة لعشرات المراكز البحثية بأوروبا، واستعانة ماكرون بمستشار من بينهم، وإدارتهم فعليا أكبر المساجد في باريس.

أيادٍ صهيونية في الجنوب

في كتابه عن السودان، يشير الباحث عزام أبوليلة، لحقائق هامة، منها الدور الإسرائيلي الفاعل في انقسام الجنوب، لخنق مصر، وقد تم ذلك في غيبة الدور المصري الفاعل بإفريقيا منذ حادثة أديس أبابا، ومحاولة اغتيال الرئيس مبارك.

وللأسف، نشرت إسرائيل رجال أعمالها واستخباراتها، حتى إن قرار إثيوبيا الآن يتم بالشراكة التامة مع الصهاينة، وبالطبع للإضرار بمصر ودول حوض النيل، وتوفير مصدر مائي جديد يصب بإسرائيل، وهو ما يشكل خطرا وجوديا لمصر يتعلق بمصدر الحياة وهو الماء، ويكفي أن سد النهضة اكتمل بنسبة 80%، وسيصبح جاهزا للتشغيل قريبا!

وردا على تساؤل حول السياسة المصرية الراهنة للعودة لإفريقيا، وحل مشكلة سد النهضة، أشار مؤلف الكتاب إلى أن الجهود ما زالت تحتاج للتكليل بعمل متواصل مستند للعلم والمراكز البحثية والدبلوماسية ذات النشاط الدءوب؛ لاحتواء أخطاء الماضي.

وكان من أخطاء الماضي مساهمة مصر في توقيع اتفاقية نيفاشا، التي بمقتضاها انفصل الجنوب بالتزامن مع ثورة مصر 2011، ودولة الجنوب دولة حديثة فاشلة رغم امتلاكها أغلب آبار البترول السودانية، لأنها دولة حبيسة، ولا يمكنها تمرير صادراتها إلا من الشمال.

ويسلط الكتاب الضوء على معاناة دارفور، وقضية آبي، المشابهة لأزمة كشمير بين الهند وباكستان، وهي مهددة بالانفجار في أي وقت.

وفي مداخلة الكاتب علي القماش، كشف عن تصريح أدلى به فتحي رضوان، أحد قيادات ثورة يوليو، له، قائلا إن معاهدة 1936 كانت بداية طمع السودانيين في الانقسام، وكانت مصر مجبرة بناء عليه في الخمسينيات لتنفيذ الانفصال، ونفى عن ناصر انحيازه للانفصال، وقد استقبله السودانيون بحفاوة كبيرة رغم هزيمة يونيو.

ولكن بعد كامب ديفيد حدث فراغ في الدور الذي لعبته مصر بإفريقيا، ومن هنا تدخلت إسرائيل وغيرها في حوض النيل.

ويعلق مؤلف الكتاب "أبوليلة" بأن مشكلة السودان تبدأ مع الاستعمار الإنجليزي، الذي سعى لفصله عن مصر، وتعللوا بمقتل الساريدار هناك، وأحموا الفتنة منذ عشرينيات القرن الماضي، ومن خطايا النظام الناصري، برأيه، الموافقة على ذلك بقرارات متسرعة، بخلاف موقف النحاس مثلا، الذي قال: "تُقطع يدي ولا تنفصل السودان"، ولكن الإنجليز لعبوا على زعماء الانفصال السودانيين، ومنهم إسماعيل الأزهري، وتجاهلوا مواقف محمد نجيب المتمسك بوجود السودان، وأرضخوا ناصر لإرادتهم، وبعد اتفاقية كامب ديفيد تركزت أنظار الغرب على السودان، لأنه هدف قديم للاستحواذ من قبل إسرائيل.

وأخيرا، يشير الباحث إلى أن الرئيس البشير حتى لو أقدم على سياسات خاطئة، فإن محاكمته دوليا مسألة مسيسة ومقصودة لإجباره على تنازلات لصالح الجنوب، والمصالح الغربية والإسرائيلية، وإلا فلماذا لا نحاكم قادة الإجرام الصهيوني وما يقترفونه في فلسطين؟!