رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كتب صناعة الإرهاب».. رسائل التكفير عند حسن البنا (1)

البنا
البنا

لا يستطيع الإرهابى أن يضغط بإصبعه على الزناد ليقتل أو يمسك بالقنبلة ليفجر فتصبح دماء الضحايا بهجة وجثث القتلى مسرة إلا بعد رحلة قطعها مع عالم خاص من الأفكار جعلته شخص مختلف عن الآخرين، متغير متحول عن المسار الطبيعى، فقبل الأصبع واليد هناك عقل يأمر، ورأس تحرك، ولا يُخرج العقل أمرً ا إلا بناء على معلومات، ولا تحرك الرأس شخصًا إلا بناء على قناعات.

ومن هنا نعلم أن الأفكار هي القاتل الحقيقي، والفاعل الرئيسى، وما الإصبع والأيدي إلا خوادم مأمورين ومن هنا أيضًا كانت أهمية هذه السلسلة التي نناقش فيها هذه الأفكار من خلال "كتب صناعة الإرهاب".

لا نستطيع أن نبدأ هذه السلسلة من كتب صناعة الإرهاب دون أن نتكلم عن الصانع والمؤسس الأول وأيقونة الإرهاب "حسن البنا"، والذى لانعنى به هنا الشخص إنما "حسن البنا" الفكر، "حسن البنا" الكتاب الذى صنع الإرهاب.

التكفير ثم التفجير
ينطلق الإرهابي للقتل من نقطة امتلاك الحق المطلق الذي يستحق القتال في سبيله سواء بالتكفير للناس أوالتجهيل أوالتفسيق أو التبديع المهم أنهم ليسوا على الحق وأنه وحده على الحق المطلق الذى لا فصال فيه.
 
"البنا" في رسائله يؤكد هذه المعانى كلها فيكفى أنه يرى أن دعوته هي القرآن والمصحف، وهل يكمن لأحد أن يرفض القرآن أو يعارض المصحف؟

يقول تحت عنوان إسلامنا: اسمع يا أخى: دعوتنا دعوة أجمع ماتوصف به إنها إسلامية.. إلى أن يقول: فإن شاء القارئ أن يفهم دعوة الإخوان بشئ أوسع من كلمة (الإسلامية ) فليمسك بمصحفه وليجرد نفسه من الهوى والغاية ثم يتفهم ما عليه القرآن فسيرى فى ذلك دعوة الإخوان.

ينادى "البنا" على الناس نداء أصحاب الرسالات الذين يمتلكون الحق المطلق ومن ثم فهم منقذون لهم من الضلالات فيقول يا قومنا: إننا نناديكم والقرآن في يميننا والسنة في شمالنا، وعمل السلف الصالحين من أبناء هذه الأمة قدوتنا، وندعوكم إلى الإسلام وتعاليم الإسلام وأحكام الإسلام، فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا، وإن كان من يدعوكم إلى هذه المبادئ سياسيا فنحن أعرق الناس والحمد لله في السياسة، وإن شئتم أن تسموا ذلك سياسة فقولوا ما شئتم فلن تضرنا الأسماء متى وضحت المسميات وانكشفت الغايات.

وبناءً على ما سبق كان طبيعًا أن يرى البنا أن الشخص الذى يستحق لقب الإيمان هو فقط من يؤمن بدعوته أما ما سوى ذلك فلهم أوصاف اخرى غير وصف الإيمان والإسلام فيقول فى كلمات تشعر بها وكأنه يتكلم بنفس النبوة: وكل الذى نريده من الناس أن يكونوا أمامنا واحدا من أربعة.



الشخص المؤمن
إما شخص آمن بدعوتنا وصدق بقولنا وأعجب بمبادئنا، ورأى فيها خيرا اطمأنت إليه نفسه وسكن له فؤاده، وفى نهاية الفقرة، وكذلك كان السابقون الأولون ممن شرح الله صدورهم لهدايته فاتبعوا أنبياءه وآمنوا برسالاته.

- متردد:
وإما شخص لم يستبن له وجه الحق وفى نهاية المقطع، وكذلك كان شأن المترددين من أتباع الرسل من قبل.

- نفعى:
وإما شخص لا يريد أن يبذل معونته إلا إذا عرف ما يعود عليه من فائدة ويستطرد، فإن كشف الله الغشاوة عن قلبه وأزاح كابوس الطمع عن فؤاده، فسيعلم أن ما عند الله خير وأبقى، وسينضم إلى كتيبة الله ليجود بما معه من عرض هذه الحياة الدنيا، وكذلك كان شأن قوم من أشباهه حين أبوا مبايعة رسول الله إلا أن يجعل لهم الأمر من بعده، فما كان جوابه إلا أن أعلمهم أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

- متحامل:
وإما شخص ساء فينا ظنه وأحاطت بنا شكوكه ويستطرد، ويأبى إلا أن يلج فى غروره ويسدر فى شكوكه ويظل مع أوهامه ويستتبع ذلك بالآية القرأنية (إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) وبعدها "اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون».

يتوحد البنا في دعوته ورسالته مع دعوة الإسلام ورسالته بوضوح فدعوته هي ذاتها دعوة الإسلام ورسالتة التى يعمل لها هى ذاتها رسالة الإسلام، ومن ثم لا يسع أحد أن يختلف معه وإلا فقد اختلف مع الإسلام ولا يمكن لأحد أن يرفضها وإلا وقع فى شرك رفض الإسلام فدعوة الإسلام العامه يحدها "البنا" ويحصرها بقبول بيعته والإنضمام لجماعته، هى نفس الفكرة التى دعت اليها جماعة المسلمون أو جماعة التكفير والهجرة بزعامة شكرى مصطفى وهى نفس فكرة داعش الآن وإن اختلفت التعبيرات.

كل ما نحن عليه لا يتصل بالإسلام 

يرى البنا أن كل واقعنا لا علاقة له بالإسلام فيقول: إن الله بعث لكم إمامًا، ووضع لكم نظامًا، وفصل أحكامًا، وأنزل كتابًا وأحل حلالًا، وحرم حرامًا، وأرشدكم إلى ما فيه خيركم وسعادتكم، وهداكم سواء السبيل فهل اتبعتم إمامه، واحترمتم نظامه، وأنفذتم أحكامه، وقدستم كتابه، وأحللتم حلاله وحرمتم حرامه؟ 

كونوا صرحاء في الجواب، وسترون الحقيقة واضحة أمامكم، كل النظم التى تسيرون عليها في شئونكم الحيوية نظم تقليدية بحتة لا تتصل بالإسلام، ولا تستمد منه، ولا تعتمد عليه نظام الحكم الداخلي، نظام العلاقات الدولية، نظام القضاء، نظام الدفاع والجندية، ونظام المال والاقتصاد للدولة والأفراد، الثقافة والتعليم، نظام الأسرة والبيت، بل نظام الفرد في سلوكه الخاص، والروح العام الذي يهيمن.


حسن البنا وشكرى مصطفى 
الفارق بين "حسن البنا"، و"شكرى مصطفى" التمليذ الإخوانى أن "شكرى" كان أوضح من "البنا" وأصرح فقال نحن المسلمين وفقط، والجميع كفار فلا يوجد إسلام ولا مسلمين إلا فى جماعتنا هكذا بكل بوضوح، أما البنا فيخاطب الناس بمعشر المسلمين وياأيها المسلمون وحينما تدقق فى كلماته تجدها تحصر الإسلام فى جماعته وفقط ففى فكر "البنا" لبس وغموض متعمد وفى فكر "شكرى مصطفى" وضوح متعمد أيضا يقول البنا: إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة نزيهة بريئة، قد تسامت فى نزاهتها حتى جاوزت المطامح الشخصية واحتقرت المنافع المادية، وخلفت وراءها الأهواء والأغراض، ومضت قدما فى الطريق التى رسمها الحق تبارك وتعالى للداعين "قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين»، هكذا يرى البنا دعوته دعوة للحق المطلق، دعوة للإسلام يتمثل دور النبى قل هذه سبيلى ادعو إلى الله، هنا خرج البنا من شخصه وتقمص دور الرسول وصاحب الرسالة لذا كا ن يسمى داخل جماعته بصاحب الدعوة الإمام. 

شهادة على عشماوى 
لبس واحتمالات فى فكر البنا ازالتها شهادة "على عشماوى" الزعيم الميدانى لتنظيم 1965م بقيادة "سيد قطب" والذى كان يخطط لاغتيال عبد الناصر وقادة الثورة وقلب نظام الحكم هذا التنظيم الذى كان يضم محمد بديع المرشد الحالى للجماعة ونائبه "محمود عزت" شهادة "على عشماوى" القائد الفعلى للتنظيم يقول فيها: حينما جلسنا فى حلقات التعليم أمام سيد قطب وجدناه يتكلم بكلام لا يعنى سوى شيئ واحد أن المجتمع كله كافر وأنه لا يوجد إسلام ولا مسلمون سوانا فسألنه هل يعنى ما تقوله أن المجتمع والناس الآن كفار. قال: نعم. قلت ولكن ما نعرفه أن هذا ليس هو منهج البنا فقال: بل هى نفس قناعات البنا وكل ما فى الأمر أن البنا لم يكن يصرح بهذه العقيدة وكان يفضل أن يخاطب الناس على أنهم ملسمون حتى لا يصدهم عن قبول دعوته فلو صارحهم بأنهم كفار لنفروا منه لذا كتمها واسر بها للقربين فقط.