رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العلاج بأسماء الله الحسنى .. اسم الله «الرَب»

جريدة الدستور

أسماء الله الحسنى، ليست مجرد ألفاظ ينطقها العبد ويرددها، بلسانه، فتنحل عقد حياته، بل لابد لذلك من عقد القلب عليها، والإيمان الكامل بأنها سر الله عز وجل في تسيير حياة عباده، فكل اسم من أسماء الله الحسنى يرتبط ارتباطا وثيقا بجانب من الحياة منفردا، من ناحية ويتآلف مع أسمائه تعالى المطلقة والمقيدة، من ناحية أخرى؛ لتوحيد الله عز وجل بأمور الخلق والتدبير، فإذا ربط العبد نفسه بالله، تحقق في قلبه معاني الخضوع والانقياد لله وحده، فيصير أسعد الناس في الدنيا والآخرة، قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف: 180].

اسم الله (الرَب)

هو الذي يربي غيره وينشئه شيئا فشيئا ويُطْلقُ على المالِك والسَّيِّد والمدَبّر والمُرَبِّي والقَيِّم والمُنْعِم. (انظر: تفسير الطبري 1/47 ، والنهاية في غريب الحديث 1/179)

وتسير هذه المعاني على ركنين أساسيين هما: الخلق والتدبير، فكلمة الرب تعني أنه لا خالق ولا مدبر غير الله، ومن كمال التوحيد اعتقاد العبد أن كل ما في الكون من تدبيره وحده، فالرب تعالى هو الذي يرزق ويعطي ويمنع، وكل مربوب له في الكون خاضع له لا يخرج عن ملكه.

قال ابن القيم- رحمه الله- في مدارج السالكين: "فاسم الرب له الجمع الجامع لجميع المخلوقات فهو رب كل شيء وخالقه والقادر عليه لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السموات والأرض عبد له، في قبضته وتحت قهره".

والرب تعالى هو المتكفل بخلق الموجودات وإنشائها والقائم على هدايتها وإصلاحها وهو الذي نظم معيشتها ودبر أمرها قال تعالى (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:54).

ونقل البيهقي عن الحليمي قوله: "الرب هو المبلغ كل ما أبدع حد كماله الذي قدره له فهو يسل النطفة من الصلب، ثم يجعلها علقة، ثم العلقة مضغة ثم يخلق المضغة عظاما ثم يكسو العظام لحما، ثم يخلق في البدن الروح ويخرجه خلقا آخر وهو صغير ضعيف، فلا يزال ينميه وينشيه حتي يجعله رجلا، ويكون في بدء أمره شابا، ثم يجعله كهلا، ثم شيخا، وهكذا كل شيء خلقه، فهو القائم عليه والمبلغ إياه الحد الذي وضعه له وجعله نهاية ومقدرا له.."
(انظر: الأسماء والصفات، للبيهقي، ص 94- 95)


ومتى تحققت هذه المعاني في قلب العبد، تحولت إلى منتهى المحبة لله تعالى وامتلأ قلبه بالطمأنينة والسلام فمنعته عن النفاق والرياء وانتظار رضا المخلوقين ونوال ما لديهم، كما تمنعه من الظلم، فلا يظلم نفسه ولا يظلم غيره.

ولم يختلف أحد من خلق الله على إفراده تعالى بكل معاني الربوبية، حتي أكفر الخلق وعلى رأسهم إبليس، وفرعون، فجميع الخلق مؤمنون بوجود الرب الخالق المدبر لهذا الكون، إلا بعض شواذ الفهم، قال تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل- 14).

أدلة ثبوت الاسم في الكتاب والسنة:

والأدلة على اسم الله الرب في الكتاب والسنة كثيرة، منها:

قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]

وقوله تعالى {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس:58]، وكذلك: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَ‌بٌّ غَفُورٌ‌} [سبأ من الآية:15].

ومن السنة:

عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا" رواه مسلم.


كما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإني نُهيتُ أن أقرأَ القرآنَ راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوعُ فعظموا فيه الربَّ "صحيح مسلم.