رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظرة في رسالة المؤتمر الخامس

احمد حميدة
احمد حميدة

رسالة المؤتمر الخامس هي الرسالة الأكثر جدلاً بين مجموع رسائل حسن البنا وتعد المكون الثاني بعد رسالة " التعاليم " من المكونات الفكرية للإخوان ، لأنها حوت أخطر القضايا الفكرية التي أحدثت جدلاً كبيراً داخل الشارع المصري مثل الثورة، القوة، الحكم، الدستور، الخلافة ..... ألخ . وهي قضايا شائكة وطرح البنا لها على النحو المضطرب الذي كان له أعظم الأثر في اضطراب وارتباك عقول الإخوان جميعهم أو بعضهم، وظهر ذلك الاضطراب في تفسيرهم لأقواله وخاصة عند حديثهم عن استخدام " القوة "والموقف من " الثورة ".

هذه الرسالة كانت بعد عشر سنوات مضت على تأسيس الإخوان وتحديداً سنة 1938 وصيغت كلمات الرسالة وألقيت في مؤتمر كما أعتاد البنا أن يلقن أتباعه أفكاره وتصوراته وقناعاته في صورة مؤتمرات يكون حظ الحضور فيها هو السماع فقط وليس مناقشة الوسائل والأهداف والآليات والمنطلقات لذلك عندما تطالع رسائله تجد فيها الكثير من التناقضات نتيجة أنه لم يكن أحد من السابقين أو اللاحقين يقدم علي المناقشة أو حتي الاستدراك على كلامه لأنه كما صاغ التنظيم صاغ النظرية.

يذكر البنا متحدثاً عن نفسه فيقول " ثم كانت في مصر وغيرها من بلدان العالم السلامي حوادث عدة ألهبت نفسي وأهاجت كوامن في قلبي ولفتت نظري إلى وجوب الجد والعمل وسلوك طريق التكوين بعد التنبيه والتأسيس بعد التدريس ثم يذكر بعدها خطوات الطريق التي اعتمده وليس هناك طريق عنده غيرها وهي على ثلاث مراحل فقال " مرحلة الدعاية والتعريف والتبشير بالفكرة وإيصالها إلى الجماهير، ثم مرحلة التكوين وتخيير الأنصار وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف من بين هؤلاء المدعوين، ثم بعد ذلك كله مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج، وصار من ألزم واجباتنا أن نخطو الخطوة الثانية خطوة الاختيار والتكوين والتعبئة وهي في ثلاث صور
1- الكتائب 2- الفرق للكشافة والجوالة 3- درس التعاليم في الكتائب".

نحن إذاً أمام خطوات واضحة لجيش يتكون وتوضع له خطة وتربية أفراد تربية عسكرية بحته وأمام مخطط يتحرك وفعلا يبدأ بالتعريف ثم بالتكوين ثم التنفيذ لتحقيق الأهداف وجني الثمار التي ستظهر كاملة للإخوان!

ثم يضع البنا كيفية التنفيذ التي سيحسم بها الموقف فقال " وفي الوقت الذي يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسياً وروحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسيماً بالتدريب والرياضة، في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار، واقتحم بكم عنان ء، وأغزو بكم كل جبار عنيد، فإني فاعل إن شاء الله وصدق رسول الله القائل " ولن يغلب أثنا عشر ألفاً من قلة " :- هنا يغلق المشهد علي هذه الأثني عشر لكن ما هي وظيفتها ؟ هل ستقوم بتحرير الوطن الإسلامي وهل هذا العدد كاف لهذه المهمة ؟ أم هل سيقيم هذا العدد الدولة الإسلامية ؟ أم له هدف آخر لم يعلن عنه؟

وعندما يكتمل بنيان هذا الجيش ويستوي على سوقه يصرح البنا بـ " إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية " قوة الساعد والسلاح " حيث لا يجدي عندها وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون اولاً، كلام الرجل واضح وصريح في استخدام القوة العملية، ولن يفهم منها إلا أنه يعد للانقضاض على الحكم عندما تسنح الفرصة، قلت إن كلام البنا سبب اضطراباً عند الإخوان في تفسيرهم لكلامه، ومن مظاهر هذا الارتباك ما ذكره " حلمي الجزار " عند شرحه لهذه الرسالة علي موقع ( إخوان أون لاين ) فقال " الوسيلة لتحقيق الأهداف وسيلة سلمية " أما غير ذلك يعود للظروف التي نشأت فيها الجماعة ، فالقوة لا تكون إلا في يد من أنيط بهم الحكم "الدولة" أما الظرف التاريخي الذي نشهده فلا استخدام للقوة مطلقاً إلا لمن أنيط بهم استخدامها ".

وتحدث أيضاً محمد عبد الرحمن عضو مكتب الإرشاد في مقاله له في اكتوبر 2011 فقال : " رفض الإمام البنا بوضوح استخدام القوة والعنف ضد الحاكم أو المحكوم والصبر عند ذلك عما قد يصيبهم والعمل للإصلاح الشامل في المجتمع وامتلاك آلياته حتي التفييد ويتم التفيير بالأسلوب السلمي".

وفي الناحية الأخري قال " مجدي شلش " في لقاء له علي فضائية " مكملين " : " سلميتنا أقوي من الرصاص ليست ثابتاً من ثوابت الدين وليست ثابتاً من ثوابت التنظيم، ولكل وقت ما يناسبه فهذا وقت يناسبه سلميتنا أقوي بالرصاص".

وقال أيضاً " الإخوان في المناطق والشعب شربوا المعني الثوري ونحن أصلنا كهيئة شرعية للعمل الثوري وليس العمل النوعي لأن هذا اصطلاح أمني".

ها نحن أمام تخبط في تفسير كلام الرجل نتج عنه ارتباك داخل الجماعة بين من ينادون بالتغيير السلمي ومن ينادون بتثوير الجماعة، ثم يؤكد البنا أنه لابد من استخلاص السلطة التنفيذية والانقضاض علي الحكم فقال تحت عنوان الإخوان الحكم " أما والحال كما نري التشريع الإسلامي في واد والتشريع الفعلي في واد آخر فإن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف".

والسؤال كيف وبماذا تستخلص قوة التنفيذ ؟ هل بالقوة أم كما قال في رسالة المؤتمر السادس " ثم النضال الدستوري حتي يرتفع صوت الدعوة في الأندية الرسمية، ويذكر البنا أيضاً في نفس الرسالة " المؤتمر السادس " ما يناقض فكرة النضال الدستوري والتغيير السلمي فيقول " أما سوي ذلك من الوسائل فلن نلجأ إليه إلا مكرهين، ولن نستخدمه إلا مضطرين وسنكون حينئذ صرحاء شرفاء لا نحجم عن إعلان موقفنا وإخمالاً ليس فيه ولا غموض معه".
ما هي الوسائل التي سيلجأ إليها البنا ؟ وما هو نوع الإكراه الذي سيلجئهم إلى هذه الوسائل ؟!