رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأنفاق الأرضية «جنرال» المعارك الإرهابية.. سيناء (2)

الأنفاق- أرشيفية
الأنفاق- أرشيفية

بدأ دخول "الأنفاق" لعملها الإرهابي داخل الوطن العربي، على يد عناصر من الحرس الثوري الإيراني وميليشياته المسلحة في العراق، التي كانت سببًا في سقوط "بغداد " على أيدي الأمريكان، ثم انتقلت إلى سوريا ومصر، لأنهم يرونها "أرض الجهاد".

حفر الأنفاق فى سوريا
بدأ استخدام حفر الأنفاق في سوريا مع بداية ظهور الجماعات الإسلامية المسلحة، بالمناطق التي تسيطر عليها، وهو ما أكدته السلطات السورية، بعد استعادتها بعض الأراضي التي كانت في حوزة تلك الميليشيات والجماعات المسلحة هناك، حيث تم الكشف عن مركز طبي تحت الأرض، مزود بكامل المعدات الطبية الحديثة، لعلاج جرحى الميليشيات في مواجهاتهم العسكرية مع الجيش السوري، وهو ما يؤكد أن الأنفاق أصبحت جزءًا متكاملا لحياة الإرهابيين.

لم يتوقف استخدام "الأنفاق" علي التخفي من الملاحقات الأمنية فقط، لكنه امتد ليشمل تخزين الأسلحة الخفيفة والثقيلة علي السواء. ويرجع دخول الأنفاق إلي سوريا إلي القيادات المسلحة التي تنقلت بين سوريا والعراق للمشاركة فيما يسمي لديهم بـ"الحرب الجهادية".

انضم عدد من ضباط الجيش العراقي إلي الجماعات المسلحة، بعد تسريح قادته فور سقوط "بغداد"، لمقاومة الاحتلال الأمريكي لبلادهم، ثم مبايعتهم لتنظيم "داعش" الإرهابي وقائده "البغدادي " في 2014، وفور انتقال قيادات التنظيم إلي أرض الشام، قاموا بإعادة نشر الفكر الاستراتيجي العسكري والذي كان علي رأسه "الأنفاق "، الذي سبق استخدامه بنجاح فى العراق.

ظلت أماكن الأنفاق "سرية" لبعض الوقت، باستثناء كبار قادة التنظيم، حيث كانوا يستخدموها كـ"مخازن" للأسلحة، وعقد الاجتماعات مع الصف الثاني منهم، حيث كانوا يتلقون الأوامر قبل تنفيذهم العمليات، ثم تحولت الأنفاق تدريجيا، بعد تحويلها إلي مراكز للعمليات العسكرية، بعد تمكنهم  من استخدام شبكات الاتصال الحديثة لنقل ما يدور، بساحة المعارك من جانب، ومتابعة وسائل الإعلام العالمية لما تنشره حول التنظيم بالجانب الآخر، وهي الخطة التي حققت نجاحًا في الفترة من 2014 وحتي 2016، والتي أعلن فيها "دولته" المزعومة، لفقدانه أهم أسلحته"السرية" بعد مداهمة تلك الأنفاق، والقضاء علي التنظيم الإرهابى.

أنفاق سيناء
بدأ تدشين الأنفاق إلى داخل سيناء "تجاريًا"، ثم تحولت استخداماتها للعمليات الإرهابية، مع تدفق انتقال عناصر مسلحة "غزاوية" إلي سيناء منها، كتائب عز الدين القسام والجهاد الإسلامي، وغيرهما من العناصر الإسلامية، والتي منعتهم الحكومة المصرية من دخول أراضيها، لوضعهم على لائحة الإرهاب.

وبدأ تدشين الأنفاق في سيناء بالعمل التجاري، قبل أن تستخدمها الجماعات الإرهابية، لتهريب السلع والبضائع المصرية من داخل أراضيها إلى غزة، في الوقت الذي فرضت إسرائيل حصارها حول"غزة"، واستخدمت الأنفاق، لتهريب بعض الطلاب أو الأشخاص لمصر سواء خلال فتح المعابر الحدودية أو غلقها.

وشارك عدد من المصريين في بناء الأنفاق، "عملية تجارية"، لتسهيل دخول بضائعهم أو تجارتهم لداخل غزة، وبلغت تكاليف "النفق" في الفترة من 2001 حتي 2005، من 40 ألف إلى 80 ألف جنيه، وذلك حسب سعة النفق من حيث الطول أو العرض، فضلا عن "كارتة"يتم دفعها لمالك المنزل الذي تكون عنده فتحة الدخول والخروج، بحسب اعترافات أحد المقبوض عليهم لدى الأمن.

تحولت الأنفاق تباعًا، لتأخذ أشكالًا أخرى استخدمها الإرهابيون مع بداية عام 2004، فيما عرف في ذلك الوقت بتفجيرات "دهب" والتي ضربت عددًا من المنشآت السياحية في سيناء، والتي كانت بداية فك "شفرات" الأنفاق عن طريق الأمن المصري، بعد تتبعها، كيفية وصول العناصر الإرهابية ودخول المتفجرات إلى تلك المناطق والتي كانت تحت "قبضة" الأمن المصري طوال تلك الفترة، ورغم ذلك وقعت حوادث إرهابية.

كانت العناصر الفلسطينية "المدربة" علي تدشين الأنفاق، قد نقلت خططها الأرضية، من الحرس الثوري الإيراني، إلي سيناء، وذلك وفق أقوال واعترافات عناصره، بعد القبض عليهم عن طريق القوات الأمنية المصرية، بأنهم تلقوا دورات تدريبية على أيدي الميليشيات الإيرانية المسلحة، منها بناء "الأنفاق"، التي ساهمت في ظهور ما تعرف بـ"ولاية سيناء" وغيرها من التنظيمات الإرهابية هناك، علي طول الشريط الحدودي بين مصر وغزة.

تطورات بناء الأنفاق
بدأت مرحلة أخرى من تطور بناء "الأنفاق " لتصل في الكثير من الأحيان لعدة كيلو مترات، بعد أن كشفت عن أحدها السلطات المصرية، بأنها دمرت نفقًا بطول 4 كم بالمناطق الحدودية بينها وبين غزة، واستمرت التنظيمات المسلحة في القيام بعملياتها الإرهابية بعد تطور تدشين الأنفاق، والتي بدأت تتسع لمعدات نقل ثقيلة سواء سيارات الدفع الرباعي، أو لتخزين الأسلحة، أو اختباء عناصرها الإرهابية بعد تنفيذ عملياتها الإجرامية ضد الأمن المصري، وهو ما ظهر بوضوح في أحد إصدارات التنظيم، بعد استهدافهم لرتل عسكري مكون من عدد من آليات عسكرية، تم التعامل الإرهابي مع أحدها بتفجير الآلية.

تلا العملية، ظهور عناصر إرهابية بعد ثوان قليلة من التفجير، وهو ما يعني أن التنظيم الإرهابي، كان علي بعد خطوات من التفجير، وهو أمر يستحيل تنفيذه دون استخدام الأنفاق، لأن القاعدة الأمنية العسكرية، معروفة بعدم تحركها من دون غطاء جوي "استطلاع" لحماية أفراد قواتها.

وكان التعامل الفوري للإرهابيين مع القوات الأمنية، يؤكد أن ظهورهم، قد بدأ فجأة ودون سابق تحذير، وأن استخدامهم للأنفاق كان السبب الوحيد لتلك المفاجآت، لاستخدامهم أنفاقا بطرق سير الآليات العسكرية، أو على أقل تقدير بالقرب منها.

اقرأ أيضًا:
الأنفاق الأرضية «جنرال» المعارك الإرهابية.. بغداد (1)