رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الصناعات الهندسية» تطالب بحل الأزمة.. عصابات تهريب خُردة النحاس تهدد المصانع

سبائك النحاس
سبائك النحاس

كميات كبيرة من خردة النحاس ضبطت بأحد المصانع الكبرى بالمنطقة الحرة في العين السخنة كانت قد أعدت لصهرها وتهريبها خارج البلاد دون رسوم تصدير، بالمخالفة للقانون، وهو ما دفع الوزارة لتوقيع غرامة على المصنع بنحو 110 مليون جنيه.


تلك آخر وقائع سرقة خردة معدن النحاس وتهريبها والتي تحدث بشكل مُتكرر، الأمر الذي دعا غرفة الصناعات المعدنية والهندسية إلى تقديم مذكرة لوزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع تطالب بضرورة اتخاذ إجراءات ضد تهريب خردة النحاس عن طريق تصديرها في منتجات نصف مصنعة بدون مواصفات فنية، لما لهذا من آثارًا سلبية على صناعة المعدن في مصر، وعلى مستقبل الأيادي العاملة في صناعاته.

المهندس محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية والمعدنية، أوضح في حديثه لـ«الدستور» أنه على الرغم من اهتمام القيادة السياسية الفائق بقطاع الصناعات المعدنية، وما نتج عن ذلك من إعادة تشغيل العديد من المصانع، وحل مُشكلات كثيرًا من الوِرش الصغيرة، مما قلل من معدلات الواردات، ورفع نسبة صادرات الصناعات الهندسية إلى 46 %، وهو معدل مُرضيًا بشكل كبير، إلا أن معدن النحاس تحديدًا يعاني أزمة بالغة الخطورة تتمثل في تهريب خردته إلى الخارج، مشيرًا إلى أن معدن النحاس لا يُتم تعدينه بمصر، إذ أنه لا يوجد لدينا مناجم له، بل يتم استيراده من الخارج، ليدخل في صناعات رئيسية عدة مثل صناعة الكابلات وخلاطات المياه.

وأكد المهندس أنه نتيجة لعدم توافره في مصر فهناك حاجة ماسّة لاستخدام كل جرام به من خلال إعادة استخدام القصاصات منه وسبكها مرة وثانية وثالثة في التصنيع لكي لا يضيع من كميته المحدودة شيئًا خاصة في ظل حاجة السوق المحلي له.

أما الأزمة فتتمثل حسب وصف رئيس غرفة الصناعات الهندسية، في ظهور المناطق الاستثمارية، التي تُجمع داخلها قصاصات النحاس وتُشكل بشكل عشوائي تحت مسمى وادعاء إعادة تصنيعها، ثم تُصدّر تلك "الخردة" إلى الخارج دون أن يستفيد منها المواطن المصري ولا تدخل في الصناعات المحلية، مشيرًا إلى أن أبرز الدول المُصدر إليها معدن النحاس هي دولة الصين، باستغلال ثغرة إعفاء واردات وصادرات هذه المناطق الاستثمارية من رسوم الصادرات التي بلغت 28 ألف جنيهًا للطن الواحد بعد أن كانت 20 ألفًا.


وأضاف المُهندس أن المستورد «الصيني» يشتري تلك الخردة بسعر ضئيل عن قيمتها الحقيقية، ولكن بقيمة الدولار الأمر الذي يتسبب في إغراء التاجر اللص الذي يُهرّب تلك الخردة خارج البلاد، بل وكذلك مثّل الشراء بالدولار من قبل المستورد الأجنبي إغراء كذلك لعدد من المُصنعين ومن ثم تفضيل تصديره خام دون تصنيعه، وهو ما يفقد النحاس القيمة المضافة التي كانت ستوضع به من خلال إدخاله في صناعة محلية ثم كتابة عليه شعار «صُنع في مصر» وتصديره في تلك الحالة.

وأكد رئيس الغرفة الهندسية أن هذا التهريب لخردة معدن النحاس من شأنه أن يتسبب كذلك في نقصه بكميات كبيرة، وبالتالي التسبب كذلك في توقف العديد من المصانع عن العمل، موضحًا أن التوقف هنا لا يعني فقط الغلق التام للمصنع، بل يعني أن تقليص أعداد عمالة قليلة بالمصنع إلى أعدادًا أقل يُعد إغلاقًا وخسارة أيضًا، ذلك الأمر الذي يتسبب في رفع معدلات البطالة والعديد من المُشكلات الأخرى.

وختم المهندس قوله إن الغرفة قد توجهت إلى وزارة الصناعة والتجارة الخارجية بالمطالبة بضرورة إيجاد حل لأزمة تهريب خردة النحاس، كما دعى إلى محاولة وقف تصدير هذه الخردة ولو عامًا واحدًا فقط، مؤكدًا أن ذلك الأمر سيفرق كثيرًا في حل أزمة النحاس التي يعاني منها السوق.


واقترحت غرفتي الصناعات الهندسية والمعدنية إلغاء المادة الثالثة من القرار بفرض رسم الصادر على الخردة رقم 663 لسنة 2021 والذي يعفي المناطق الاستثمارية من رسوم التصدير، ومراجعة مصانع المناطق الحرة والاقتصادية المستوردة للخردة المحلية واتخاذ التدابير اللازمة للتأكد من منتجاتها المصدرة وأنها منتجات تامة وليست بدون أي مواصفات، وحظر تصدير الخردة بشكل كامل لفترة محددة لحين استقرار الأسواق العالمية.


وتخضع خردة المعادن لرسوم على التصدير من جانب وزارة التجارة، ولكن في الوقت نفسه أعلن المنتجون أن تلك الرسوم غير كافية في الوقت الحالي لحل أزمة نقص المعروض، ويطالبون بمنع التصدير نهائيًا من أجل الوفاء باحتياجات الصناعة المحلية، وإعادة تشغيل المصانع.

وشهدت العديد من المصانع المحلية العاملة في مجال إنتاج خلاطات المياه والأدوات الصحية، والكابلات وغيرها من المنتجات المرتبطة بالنحاس نتيجة تهريب خردة النحاس، أزمة كبيرة خلال الفترة الأخيرة نتيجة عدم توافرها.

في الوقت نفسه لم يسلم معدن النحاس من تأثره بحرب روسيا وأوكرانيا إذ أوقعت الحرب عليه نيرانها مُشعلة سعر الخردة بنسبة 40% ليرتفع الطن من 90 ألف جنيه إلى ما يزيد عن 140 ألف جنيه.

وتستورد مصر ما يزيد عن 2000 طن سنوياً من خردة النحاس لتلبية احتياجات السوق المحلية.

كما تتواجد خامات النحاس في مصر مختلطة بخامات الزنك والرصاص بمناطق مختلفة جنوب الصحراء الشرقية في محافظة البحر الأحمر بمنطقة "أم سميوكي" جنوب غرب مـدينة مرسى علـم بحوالي 150 كيلومترا، كذلك بمنطقة "أبـو سويل" بشرق أسـوان، وبمنطقة "جابر وعكارم" بوسط الصحراء الشرقية 130 كيلومتر شرق أسوان، ويستخرج النحاس عرضا عند تعدين المعادن الأخرى وهو يدخل في عدد من السبائك المفيدة، ويخلط مع بعض المعادن الأخرى مثل الزنك والقصدير والنيكل.

ويتميز معدن النحاس بقدرته العالية على إعادة التدوير والاستخدام، لذا فتتم صناعات سبائك وأسلاك النحاس باستخدام خردة النحاس وليس اعتمادا على تعدينه، والصناعات النحاسية بمصر تعتمد على خردة النحاس كمصدر أساسي في التصنيع.