رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل من الممكن تجنب حرب واسعة النطاق في أوروبا؟

القوات الروسية
القوات الروسية

طرح المؤرخ والكاتب السياسي تيموثي جارتون في مقال له بجريدة "الجارديان" البريطانية سؤالاً مفاده: هل من الممكن تجنب حرب واسعة النطاق في أوروبا؟ واستشهد الكاتب بمقولة ذكرها له سكرتير حلف شمال الأطلنطي "أعتقد أن بوتين سوف يستثمر كييف"، ويضيف الكاتب أنه لأول وهلة اعتقد أنه أخطأ السمع إلا أنه أدرك أن الرجل كان يعني ما يقول وأنه يقصد مصطلحًا متداولًا معناه أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يحاصر المدينة دون أن يحتلها بالفعل، قائلًا: "تعكس هذه المقولة مدى التخلف والتراجع الذي وصلنا إليه في أوروبا على مدار الـ 15 عامًا الماضية بحيث يتحول معنى كلمة يستثمر من استثمار المال في مكان ما إلى محاصرة هذا المكان بقوات عسكرية".
وأضاف الكاتب أن بوتين أعلن حربه الشخصية على الغرب منذ 15 عامًا في خطابه عام 2007 أمام مؤتمر ميونخ للأمن، مضيفًا: "الآن فحين عقد المؤتمر هذا العام فقد كان جميع الحضور يتساءلون ويسعون لفهم ماذا حدث بحيث أصبحنا في أوروبا علي شفا ما يمكن أن نطلق عليه حرباً هي الأكبر من نوعها منذ عام 1945 وما إذا كان مازال من الممكن تجنبها أم لا.
وتابع قائلًا: "فما زالت روسيا مستمرة في مسعاها للقيام بعملية عسكرية كبيرة ومازالت أجهزتها الدعائية تروج أن أوكرانيا قامت بشن هجوم على حدودها مما أدى إلي إجلاء نساء وأطفال من منطقتي دونيتسك ولوجانسك خوفاً على سلامتهم فيما يعتبر تبريراً زائفاً للعدوان الروسي".
وأضاف جارتون أن الغرب بوضعه الحالي يختلف تمامًا عن الغرب الذي كان يمثل تحالفًا جيوسياسيًا إبان الحرب الباردة، ولكن بعد التوسعات التي حدثت في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي وانضمام أعضاء جدد من دول البلطيق وبولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا فإن الغرب الآن أصبح له حدود غربية مع روسيا، ويشير الكثيرون إلى أن التوسع الذي حدث في حلف شمال الأطلنطي كان خطأ كبيرًا حيث إنه من المحتمل أن يكون قد آثار غضب بوتين ودفعه لاتخاذ رد فعل إزاء تلك التوسعات.
وأوضح الكاتب أن الرسالة الواضحة لمؤتمر ميونخ للأمن هي أن حلف شمال الأطلنطي عاقد العزم على الدفاع عن كل ذرة تراب من أراضي الدول التابعة له الواقعة في شرق أوروبا.
ويضيف الكاتب أن وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا أوضح أثناء مؤتمر ميونخ أن بلاده في حاجة إلى سلاح ودعم دبلوماسي واقتصادي وموقف واضح وصريح من انضمام بلاده إلى حلف الناتو، إلا أن موضوع إمداد أوكرانيا بالسلاح مازال محل خلاف ومثار انقسام في الغرب حيث إن الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا ودول البلطيق تمد أوكرانيا بأسلحة دفاعية بينما ألمانيا مازالت رافضة لإمدادها بالسلاح.
وتساءل الكاتب: "السؤال الذي يطرح نفسه الآن في ظل هذا الانقسام لماذا لا نساند أوكرانيا لكي تعزز قدراتها العسكرية كنوع من أساليب الردع حتى لا تكون لقمة سائغة في فم الدب الروسي".
وقال إنه في حالة قيام روسيا بأي عمل عسكري ضد أوكرانيا فإنها سوف تتعرض لعقوبات اقتصادية من جانب الدول الغربية، متسائلًا: "لكن إلى أي مدى سوف تكون هذه العقوبات ذات أثر على الاقتصاد الروسي في ظل الإجراءات الوقائية التي اتخذها بوتين حيث قام بتوفير ما يربو على 600 مليار دولار كاحتياطي من العملة الأجنبية إلى جانب إجراءات وقائية أخرى في مواجهة أي عقوبات محتملة.. هل هناك ما يمكن القيام به لتجنب ويلات حرب دموية في جزء من قارتنا طالما عانى من المآسي والويلات.. أخشي أن يكون قد فات الأوان لتحقيق تلك الأمنية".