رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستمرّون فى بناء السلام

 

بانتهاء رئاستها لجنة الأمم المتحدة لبناء السلام، أمس الأول الثلاثاء، انتقلت مصر إلى موقع نائب الرئيس، إذ جرى انتخابها مع الدومنيكان، نائبين لرئيس اللجنة، بعد حصول ترشيحها على دعم المجموعة الإفريقية، ما أكد ثقة دول القارة السمراء الشقيقة فى قدرتنا على مواصلة تمثيل القارة والدفاع عن مصالحها، وجدّد ثقة الدول الأعضاء، إجمالًا، فى دور مصر وإسهامها الفاعل فى تعزيز دور منظومة بناء السلام الأممية.

لجنة بناء السلام، PBC، هى هيئة استشارية حكومية دولية، تم تشكيلها، فى ٢٠ ديسمبر ٢٠٠٥، لدعم جهود السلام فى الدول الخارجة من النزاعات والمتأثرة بها. وفى كلمته، أمام الدورة ٧٦ للجمعية العامة للأمم المتحدة، أشار الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أن انتخاب مصر رئاسة الدورة الخامسة عشرة للجنة، جاء ليكلل مسيرة متواصلة من الإسهام المصرى الفاعل، لتعزيز وتفعيل هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام، منذ إنشائه، كما يجسد ثقة المجتمع الدولى، فى قدرة مصر على قيادة الجهود الأممية فى هذا الشأن، على ضوء إحرازها المرتبة السابعة، بين الدول المساهمة بقوات عسكرية وشرطية، رجالًا ونساءً، فى عمليات حفظ السلام الأممية.

تولت مصر رئاسة اللجنة، فى فبراير ٢٠٢١، خلفًا لكندا، بعد اعتماد ترشيحها على مستوى المجموعة الإفريقية، وبعد إعادة انتخابها لعضوية اللجنة، فى ديسمبر ٢٠٢٠، بأعلى الأصوات. وخلال فترة رئاستها، حرصت على تعظيم الاستفادة من الدور الاستشارى للجنة، لدى مجلس الأمن والجمعية العامة، وقامت بتقوية الروابط مع المجلس الاقتصادى والاجتماعى، ومد الجسور وتعزيز اتساق وتناغم الأدوار داخل المنظومة الأممية، إلى جانب تعميق الشراكات مع الاتحاد الإفريقى ومؤسسات التمويل الدولية، وبحث خيارات توفير التمويل الكافى والمستدام لأنشطة وبرامج بناء السلام وتلبية احتياجات الدول المتأثرة بالنزاعات، وفقًا لمبدأى الملكية والقيادة الوطنية، انطلاقًا من أن المسئولية الجماعية، هى التى تعطى قيمة ومعنى لهذين المبدأين.

أولويات الرئاسة المصرية للجنة، استعرضها السفير محمد إدريس، مندوبنا الدائم السابق لدى الأمم المتحدة، فى مثل هذه الأيام منذ سنة. ووقتها، أظهرت مداخلات أعضاء اللجنة حفاوة وتقديرًا كبيرين لها، مع التعهد بالالتزام بها والعمل على تنفيذها. وأمس الأول الثلاثاء، قام السفير أسامة عبدالخالق، مندوبنا الدائم الحالى، رئيس الجلسة، باستعراض التقدم الذى تم إحرازه فى تنفيذ تلك الأولويات، موضحًا أن حجم العمل المُنجَز، وفقًا لما ورد فى تقرير اللجنة والإحصاءات ذات الصلة، يُظهر الإنجاز الكبير، الذى حققته اللجنة تحت رئاسة مصر، والذى تضمّن إصدار ٦٦ مخرجًا، هى الأكثر، مقارنة بالسنوات الماضية. 

مندوبنا الدائم أبرز، أيضًا، حرص مصر على توليد الزخم المطلوب حول مسألة التمويل، التى تظل التحدى الأكبر الذى يواجه البنية الأممية لبناء السلام، مشيرًا إلى أن ذلك يأتى فى سياق التحضير للاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن. ومن هذا المنطلق دعا الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزاماتها والنظر بجدية فى مقترحات تمويل أنشطة بناء السلام من ميزانية الأمم المتحدة، موضحًا أن الاكتفاء بالمساهمات الطوعية يحول دون الحفاظ على المكتسبات وتلبية طلبات الدعم المتزايدة التى تتلقاها اللجنة.

فى هذه الجلسة، الجلسة الختامية للدورة الخامسة عشرة، جرى اعتماد التقرير السنوى لأنشطة وأعمال اللجنة بالتوافق، وسط إشادة بالغة، ومستحقة، بحكمة وحرفية الرئاسة المصرية للجنة فى إدارة دفة أعمالها، وحرصها الدائم على مد الجسور وبناء التوافق، ونجاحها فى تنفيذ الأجندة الطموحة، برغم كل التحديات والعقبات والقيود التى فرضها وباء كورونا المستجد. كما أعربت الدول الأعضاء عن تقديرها البالغ للسفير محمد إدريس على ما قدمه خلال فترة رئاسته اللجنة، وللسفير أسامة عبدالخالق على استكمال الرئاسة بالجدية نفسها.

أخيرًا، وبانتقالها من رئاسة اللجنة، إلى موقع نائب الرئيس، واستنادًا إلى قوة المنطق، لا إلى منطق القوة، تواصل مصر إسهامها الفاعل فى تعزيز وتفعيل هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام، وحشد الدعم والاهتمام الدوليين للدول والمناطق الخارجة من النزاعات، أو المتأثرة بها، خاصة فى دول القارة الإفريقية، التى تحتل، بكل أسف، النصيب الأكبر من النزاعات، ومن برنامج أعمال اللجنة الأممية.