في ذكراه الخامسة.. «شيخ البودشيشية الراحل» رجل خدم التصوف والإسلام

 تزامنت ليلة الوصال الصوفية، رقم 88 التي نظمتها مؤسسة الملتقى ومشيخة الطريقة القادرية البودشيشة بتعاون مع مؤسسة الجمال مع الذكرى الخامسة لوفاة الشيخ حمزة رحمه الله، حيث تم إدراج شهادات لمجموعة من العلماء والمفكرين في حقه، وإبراز ما قدمه من جليل الأعمال، كما تم عرض أشرطة وثائقية تضمنت مسيرته العلمية والدعوية والتربوية.

وأبرز الدكتور ميشال طاو شان  "Michel Tao Chan"، مفكر ورئيس ومؤسس "مجموعة التفكير حول القضايا الأممية"، في شهادته، كونية الطريقة القادرية البودشيشية، وعظم مكانة الشيخ حمزة، مبينا أثر التصوف في الكشف عن حقيقة الحياة، رابطا شهادته ببعض الحقائق التي توصلت إليها الدراسات المرتبطة بجائحة كورونا في شأن الإنسان وحقيقة الحياة.

وبدوره، أثنى العلامة الدكتور عبد اللطيف البكدوري عضو المجلس العلمي لمدينة الرباط، على الشيخ حمزة رحمه الله وعلى فكره وعلومه وأثره العظيم في التربية والتزكية، كما أشاد الدكتور محمود جمال أبو الهنود، مستشار وزير الأوقاف الفلسطيني،  بالمنهج التربوي الفريد للشيخ حمزة وعطائه في تجديد علم التصوف، منوها بتشبثه اللافت بثوابت بلده المغرب.

وفي كلمته تناول الدكتور عبد الرزاق تورابي، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، "فضائل الشيخ حمزة القاري بودشيش"، مؤكدا في مستهلها أن سياق كلمته هو إظهار الشكر والامتنان للشيخ حمزة، اهتداء بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أجرى على يد رجل خيرا فلم يشكره فليس لله بشاكر"، وتتلخص بعض الفضائل التي ذكرها في كون الشيخ رحمه الله كان عالما جليلا وفقيها مجتهدا موقرا للعلماء وداعيا إلى طلب العلوم المتنوعة، عابدا زاهدا ورعا، ناشرا للقيم مربيا على الخير والمحبة، مخلصا لله في عمله، كريما جوادا، مرشدا إلى طريق الله بالحكمة والموعظة الحسنة، بعيدا كل البعد عن التشدد، متشبثا بالمقدسات الوطنية، ومواليا ولاء مكينا للعرش العلوي المجيد ، مربيا المريدين على طاعة الله ورسوله وأولي الأمر، داعيا إلى جهاد النفس والتشبث بالكتاب والسنة والابتعاد عن الحرام، وختم كلمته بالحديث عن وصيته لنجله الشيخ الحالي للطريقة الدكتور جمال الدين وتبشيره به واستشعاره امتداد الطريقة في عهده بطابع جمالي.    

وبحث الدكتور "منير القادري" ، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، في مداخلته موضوع "طريق الصحبة تحقيق للغايات وتحقق بالكمالات"، بين في بدايتها المعنى الأصيل للصحبة المحدّد في: صحبة المتعلم للمعلم المربي كما كان الصحابة الكرام مع معلم البشرية عليه الصلاة والسلام، بغية استفادة المصاحِب، مسشهدا لذلك بئات قرآنية وأحاديث نبوية، مبينا أهمية الصحبة من خلال أقوال الصوفية كالامام الجنيد رحمه الله، لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن أزمة العصر المتمثلة في أزمة الأخلاق الناتجة عن إهمال تزكية النفس وتغييب طلب مقامات السلوك والتربية. 

وأبرز “القادري” أن صحبة الصالحين الدالين على الله الوارثين لعلم التزكية هي الوسيلة المثلى القادرة على معالجة هذه الأزمات، لما لها من أثر عظيم في شخصية المرء وسلوكه، ولأنها امتداد للتربية النبوية المتناقلة بالسند المتصل من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة إلى التابعين إلى من بعدهم إلى يوم القيامة، قائمة بإذن ربها في وارثي التزكية النبوية من العارفين، وبين أن روح هذه الصحبة هو التصديق بالعارفين الموصلين إلى الله وحسن الظن بهم، ليختم كلمته بالإشارة إلى تسلم شيخ الطريقة الحالي مقاليد التربية من شيخه ووالده صاحب الذكرى الشيخ حمزة رحمه الله مبرزا أن الطريقة رحاب لتعلم مبادئ الدين الحنيف، وتكوين سفراء المحبة النبوية، وأن همها الأكبر توحيد الكلمة وتجاوز الشحناء والبغضاء والفرقة ونشر قيم السلم والسلام، وبناء جيل صادق قادر على التضحية مسهم في بناء وطنه وتنميته بكل تفان إخلاص.

   
وتضمنت فقرات الليلة الرقمية  تقارير متنوعة المضمون مختلفة اللغة، تصب كلها في سياق الليلة، منها: تقرير بعنوان "ذكرى المجدد" يتضمن أبيات شعرية باللسان العربي المغربي الدارج في حق الشيخ الراحل، وتقرير مصور  بصوت الأستاذ أحمد لخليع محتواه: شهادة في حق الشيخ حمزة في قالب سيرة مريد صادق يعترف بالجميل لشيخه، ويتحدث بنعمة صحبة أوليائه وأحبائه وذاكريه، وتقرير  ثالث باللغة الفرنسية حول ترجمة لحياة الشيخ حمزة من ولادته ونشأته وطفولته وتعلمه وتخرجه وجهاده وإنجازاته إلى وفاته، بالإضافة إلى شهادة في أرشيف الطريقة للشيخ العلامة المحدث عبد العزيز بن الصديق الغماري رحمه الله بالزاوية الأم بمداغ ليلة المولد لسنة 1417ه / 1996م، وشهادة الأستاذ رشدي يعقوب في قالب قصيدة في حق الشيخ حمزة قدس الله روحه باللغة الإنجليزية.

كما تم خلال هذه الليلة الرقمية تقديم تعزية مشيخة الطريقة ورئيس مؤسسة الملتقى في وفاة السيد وجيه حسن علي قاسم السفير الفلسطيني السابق بالرباط، وكذلك تعزية في وفاة والدة السيد سعيد زارو الرئيس المدير العام لوكالة تهيئة موقع بحيرة مارتشيكا، إضافة الى تعزية في وفاة عالم الذرة المغربي الدكتور فؤاد لحلو شقيق الفنان المغربي نعمان لحلو.